كتاب " اليمن خصوصية الحكم والوحدة " ، تأليف د. عبد الوهاب محمد الروحاني ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب اليمن خصوصية الحكم والوحدة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

اليمن خصوصية الحكم والوحدة
وتلاشت، بل اختفت تدريجياً مشاعر التبرم والضيق المرتبطة بالماضي، حتى مجيء الغلاة من أتباع الحركات السنية (الجهادية – التكفيرية) في مطلع الثمانينات، وظهور أتباع متعصبين للمذهب الشيعي الجعفري (الاثني عشري) الذي دخل لأول مرة إلى اليمن، بفعل التأثر بمنهج تصدير الثورة الإيرانية 1979م، وأثار هؤلاء المتعصبون قضايا خلافية (سياسية وفقهية)، لم تكن موجودة من قبل بين المذهبين المعتدلين المتآخيين (الشافعي – السني، والزيدي – الشيعي)، إلا من حساسيات سياسية، كانت قائمة قبل الثورة بفعل حاكمية المذهب الزيدي، ولعل الخلافات التي يثيرها المتعصبون لا تزال في طور النمو الحميد – أن جاز التعبير – لكنها (إذا ما توسعت) على المدى البعيد، فستشكل خطراً كبيراً على مستقبل الوحدة الوطنية في البلاد.
مؤسسة الإمامة – المذهب الزيدي:
حكمت مؤسسة الإمامة اليمن خلال أحد عشر قرناً، بفكر ومنهج مذهب الزيدية الهادوية التي نشأت في اليمن. فما هي زيدة اليمن ؟!
الزيدية: هي إحدى فرق الشيعة (21)، وتنسب إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الذي أعلن مبدأ "الخروج"، وثار على الأمويين عام 740م في زمن هشام بن عبد الملك.
وتتميز الزيدية في كونها حركة سياسية فكرية وفقهية ترفض التعصب بعكس ما هو عند الشيعة (الاثنى عشرية) ، فالزيدية تنكر العصمة، ولم تقل بالتقية والمهدي المنتظر أو الإمام المستور. كما ترفض التبرؤ من خلافة الشيخين أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما)، وتجيز إمامة المفضول مع وجود الأفضل. وتعتبر الزيدية أكثر المذاهب اعتدالاً ومرونة وأقربها إلى مذهب السنة من حيث أصوله الحنفية، فهو مذهب يقول بالاجتهاد والاستنباط، ويقر بإجماع الأمة. والزيدية تجيز الخروج على الإمام (الحاكم) الظالم، وتأثرت بالمعتزلة في مفهوم إعمال العقل، وتقرير أسبقيته على الشرع.
تأسس المذهب الزيدي "الهادوي" في اليمن عام 284 للهجرة / 897 للميلاد على يدي يحيى بن الحسين بن القاسم الرَّسي (245 – 298 هـ)، الذي لقب بـ "الإمام الهادي إلى الحق". وقد جاء يحيى بن الحسين إلى اليمن بناءً على طلب من زعماء ورؤساء القبائل اليمنية، الذين أوفدوا في طلبه من جبل الرس بالقرب من المدينة المنورة لقيادة اليمن وإخراجها من الصراعات والحروب، التي كانت دائرة فيها بسبب الاقتتال القائم بين اليعفريين والقرامطة الإسماعيليين بقيادة علي ابن الفضل، الذي انطلق من أبين ويافع والمذيخرة، والمنصور الحسن بن حوشب، الذي انطلق من عدن (لاعة)، إلى جانب صراع المشيخات في أرحب (آل الدعام) وفي حاشد (آل الضحاك) وفي خولان (آل أبو الفتوح)، وقد اتخذ الهادي يحيى بن الحسين مدينة صعدة منطلقاً لدعوته الزيدية.
وانتشر المذهب الزيدي في اليمن على خلفية توسع نفوذ دولة الإمام الهادي يحيى بن الحسين، وعلى خلفية أن بدأ "يعمل على تثبيت دعائم الحكم في الدولة الجديدة بالقضاء على الفتن، التي عاصرها في المدة الأولى من حكمه، وتأمين الناس على حياتهم وممتلكاتهم وإصلاح ذات البين بين رؤساء القبائل وزعمائها،. وعندما تم له ذلك أخذ يستعد للتوسع وإقناع اليمنيين في منطقة صعدة أنهم أصحاب رسالة إصلاحية دينية وجب عليهم الجهاد في سبيلها ونشرها في جميع أنحاء اليمن (22). وتوسع انتشار المذهب الزيدي (الهادوي)، فشمل مناطق مختلفة وخاصة المناطق الشمالية من اليمن، ومنها مخاليف نجد اليمن في عهد الهادي، وتعاقبت من بعده ما يزيد على الستين دولة، كان يقف على رأسها بين إمام قائم ومعارض من الزيود حتى قيام الثورة في 26 سبتمبر 1962 في الشمال (23) .
ويقول العمري «إن حكم الأئمة ، الذي استمر أحد عشر قرناً بين قوة وضعف كان يشمل في بعض الفترات حكم اليمن الطبيعية من حدود عمان جنوباً حتى حدود الحجاز شمالاً، وينكمش أحياناً فيقتصر على صنعاء وشمالها، أو على بعض المناطق الشمالية ومركزها صعدة في أحيان أخرى، وذلك حتى قيام ثورة 26سبتمبر 1962» (24). فما هي الإمامة، وبماذا حكمت ؟!
الإمامة .. النمط السياسي لنظام الحكم:
الإمامة في اللغة هي السيادة أو الرئاسة العامة في الدولة الإسلامية، ومنصب الإمام يوازي منصب الخليفة أو الرئيس أو السلطان أو الأمير، أو من يقف على رأس سلطة الدولة إجمالاً. وتتفق الزيدية والشافعية في تعريف مصطلح الإمامة بأنها «رئاسة عامة لشخص من الأشخاص في أمور الدين والدنيا المتعلقة بالسياسة»(25).