كتاب " عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول " ، تأليف خير الدين فنطازي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول
ليأتي بعد ذلك تعريف الوقف من خلال القانون رقم 90/25 المؤرخ في: 18 نوفمبر 1990 المتضمن قانون التوجيه العقاري من خلال المادة 31 بقوله: ''الأملاك الوقفية هي العقارية التي حبسها مالكها بمحض إرادته ليجعل التمتع بها دائما تنتفع به جمعية خيرية أو جمعية ذات منفعة عامة، سواء كان هذا التمتع فوريا أو عند وفاة الموصين الوسطاء الذين يعينهم المالك المذكور''.
ثم جاء قانون الأوقاف رقم 91/10 المؤرخ في: 27 أفريل 1991 في المادة 03 بتعريف أعم، إذ نصت على ما يلي: ''الوقف هو حبس العين عن التملك على وجه التأبيد والتصدق بالمنفعة على الفقراء، أو على وجه من وجوه البر والخير''.
وعن هذه التعريفات التي جاء بها المشرع الجزائري في مواضع مختلفة، يمكن لنا تقديم التوضيحات التالية:
إن التعريف الذي جاء به قانون الأسرة، خص الوقف بالحبس للمال عامة، عكس قانون التوجيه العقاري الذي حدد الوقف في حبس الأملاك العقارية عن التملك.
في حين يعرفه قانون الأوقاف من خلال حصره في حبس العين عن التملك، وعلينا أن نعود إلى التعريفات الواردة في المذاهب الفقهية، حتى يتضح لنا معرفة كلمة حبس العين وحبس المال.
فالمذهب الحنفي كما جاء في فتح القدير، عرف الوقف كما يلي: ''هو حبس العين على حكم ملك الواقف، والتصدق بالمنفعة على جهة الخير''(4).
وحسب هذا التعريف فإن مذهب أبي حنيفة يحدد الحبس في العين، إذ يجعل التصدق بالمنفعة، ولا يلزم زوال الموقوف عن ملك الواقف، وهو ما ترتب عنه إجازة الرجوع عنه أو حتى بيعه(5).
وجعل التصرف الوارد من المحبس على المنفعة العامة لا على العين المحبسة، بدليل أنه جعل كما ذكرنا من الجائز الرجوع عنه، أو حتى بيعه(6).
أما التعريف الثاني فهو للجمهور وهو: ''تحبيس مالك، مطلق التصرف في ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرفه وغيره في رقبته، ويصرف ريعه إلى جهة بر، تقربا إلى الله تعالى'' وبناء عليه يخرج المال من ملك الواقف، ويصير حبيسا على حكم ملك الله، ويمتنع على الواقف تصرفه فيه، ويلزم التبرع بريعه على جهة الوقف.
وأما التعريف الثالث فهو للمالكية وهو: ''إعطاء المالك منفعة شيء مدة وجوده لازما بقاؤه في ملك المالك ولو تقديرا''.
أي أن المالك يحبس العين عن أي تصرف تمليكي، ويتبرع بريعها لجهة خيرية، تبرعا لازما، مع بقاء العين على ملك الواقف، مدة معينة من الزمن، فلا يشترط فيه التأبيد(7).
وإنه من خلال استعراض التعاريف الفقهية بعد التعريف القانوني يمكننا القول بلا شك أن المشرع الجزائري قد تبنى رأي جمهور الفقهاء(8) السابق ذكره.
إذ يوافق التعريف الذي ورد في المادة 213 من قانون الأسرة(9)، وفيه ينص صراحة على خروج المال من ملك الواقف، ويصير حبسا على حكم ملك الله تعالى، وهو ما عبر عنه المشرع بالشخصية المعنوية المستقلة عن الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، وهذا ما سوف نتطرق إليه في دراسة خصائص الوقف لاحقا.
الفرع الثاني: أنواع الوقف.
إنه وحسب الجهة التي يؤول إليها الوقف، قسم المشرع الجزائري الوقف إلى نوعين أو قسمين هما: الوقف الخاص والوقف العام، وهو ما يعرف في دول المشرق العربي والخليج العربي بـ: الوقف الأهلي والوقف الخيري.
لقد تجاهل المشرع الجزائري باقي التقسيمات الأخرى التي اعتمدها الفقهاء وحتى القواعد في باقي الدول العربية والإسلامية الأخرى(10)، حيث قاموا بتقسيمه بحسب المعيار الزمني إلى وقف مؤبد وآخر مؤقت، وقسموه بحسب جهة إدارته إلى: وقف نظامي وملحق ومستقل(11).
وبالرجوع إلى التقسيم الذي اعتمده المشرع الجزائري للأوقاف، نجد بأن هذا التقسيم لم يأت به قانون الأوقاف رقم 91/10 فحسب، بل اعتمد من طرف المرسوم رقم 64/283 المؤرخ في: 17 ديسمبر 1964 بموجب المادة 01 منه إلى وقف خاص ووقف عام.
وها هو قد كرسه المشرع الجزائري من خلال قانون التوجيه العقاري رقم 90/25 المؤرخ في: 18 نوفمبر 1990 وذلك من خلال المادة 31 التي سبق ذكرها في تعريف الوقف.
ثم تأتي بعد ذلك المادة 06 من قانون 91/10 المؤرخ في: 27 أفريل 1991 ليصرح من خلالها المشرع بتمسكه بهذين النوعين: وقفا خاصا وآخر عاما بقوله: ''الوقف نوعان: عام وخاص...'' وسنتناول توضيح كل نوع على حدا:
القسم1: الوقف العام.
لقد اختلفت التعاريف حول الوقف العام، أو ما يعرف بالخيري، باختلاف المعايير التي اعتمدت كأساس في تعريف الوقف العام، ومن ضمن هذه التعاريف التي رصدناها لبعض الدكاترة وشراح القانون الآتي:
1. '' ... هو ما جعل ابتداء على جهة من جهات البر، ولو لمدة معينة، ويكون بعدها على شخص أو أشخاص معينين ...''(12)، وهذا التعريف يعتمد على معيار صفة الخيرية التي تطبع الوقف العام.
2. '' .. هو الذي يعود أساسا على المصلحة العامة التي حبس من أجلها، ويتكون من الأوقاف الأهلية التي انقرض عقب محبسها ...''(13) وهذا التعريف يعتمد معيار المصلحة العامة وهو المصطلح الذي استبدل به معيار أو فكرة الخيرية.
أما المشرع الجزائري فقد اعتمد في تعريفه للوقف العام على معيار أو فكرة الخيرية، حيث نص في المادة 06 من قانون الأوقاف رقم 91/10 على أن: '' ... الوقف العام ما حبس على جهات خيرية من وقت إنشائه، ويخصص ريعه للمساهمة في سبل الخيرات ...''.
• قسم عام يحدد فيه الجهة، فلا يصح صرف هذا الريع على غيره من وجوه الخير، إلا إذا استنفد، ومثال ذلك وقف عقار لبناء وتجهيز مدرسة قرآنية، ففي الجهة الوحيدة التي يصرف لها هذا الريع دون غيرها.
• وقسم لا يعرف فيه جهة الخير التي يقصد بها الواقف، فيكون الوقف غير محدد الجهة وهنا يصرف ريعه في شتى سبل الخيرات، كنشر العلم وتشجيع البحث فيه، وفي سبل الخيرات.
• وهو الحل المعتمد من طرف المشرع، وهو المقصود بالمادة (06) السالفة الذكر وذلك من خلال الفقرة الثانية منها.
ونظرا لكون المعيار الذي اعتمده المشرع في تقسيم الوقف معيارا مرنا، ومفتوحا على احتمالات لا نهاية لها، أتى المشرع بمعيار آخر يكمل هذا المعيار ويجعله أكثر دقة ووضوحا، وهو معيار لم يعتمده الشراح من قبل، ولا حتى في التشريعات العربية والإسلامية المقارنة، هذا المعيار وهو: معيار التعداد والحصر، حيث قام المشرع بحصر الأوقاف العامة، وذلك من خلال ما جاء في المادة (08) من القانون رقم : 91/10 المتعلق بالأوقاف المذكور أعلاه بقولها:

