أنت هنا

قراءة كتاب عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول

عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول

كتاب " عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول " ، تأليف خير الدين فنطازي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 6

فالوقف الخاص هو ما يحبسه الشخص ''الواقف'' على أشخاص معينين بصفاتهم، عادة لا بأسمائهم، كان يقول: ''على أعقابي وأعقاب أعقابي من الورثة، إلى أن يرث الله الأرض وما عليها'' أو يقول: ''وقفت أٍرضي هذه على ولدي''، او قوله: ''على ولدي وولد ولدي'' او قوله: ''على أولادي''.
وفي جميع عقود الحبس التي اطلعنا عليها كان المحبس يقرر في الأخير أنها تؤول إلى مكة المكرمة أو بيت الله الحرام. ويقصد بذلك انها تؤول إلى الأعمال الخيرية هناك في سبيل الله، إذا انقرض كل من أوقف عليهم من الأشخاص الطبيعيين، هذا النوع من الأملاك الوقفية مع تميزه، ظل قائما ومتناميا ومحترما منذ الفتح الإسلامي وإلى غاية اليوم، ذلك ان الجزائر لا تزال تعمل به إلى يومنا الحاضر، عكس دول كثيرة من البلدان الإسلامية التي ألغته لأسباب واعتبارات نتناولها بالدراسة في العنصر اللاحق المتضمن مشروعية الوقف.
إن المشرع يستعمل دائما مصطلح الوقف الخاص للإشارة إلى هذا النوع من الأوقاف خلافا للتسهيلات الأخرى التي يعرف بها في البلدان العربية الأخرى، حيث يطلق عليه ''الوقف الأهلي'' في مصر، ويسمى بالوقف ''الذري'' عند أهل الشام كسوريا ولبنان، غير أن هذه البلدان تعرف الوقف الذري أي الخاص معتمدة دائما على الجهة الأولى في الابتداء، فيعرفون الوقف الخاص بأنه:
'' هو الذي يوقف في ابتداء المر على نفس الواقف، أو على أي شخص أو أشخاص معينين، ولو جعل آخره لجهة خيرية، كان يوقف على نفسه ثم على أولاده ثم من بعدهم على جهة خيرية''(19) فمن الضروري أن تكون هذه الجهة التي آل إليها الوقف، أن تكون قد آل إليها ابتداء، وهي الصيغة التي تجاهلها المشرع الجزائري تماما، خلال تعريفه للوقف الخاص في المادة 06 من قانون الأوقاف، وهي الصيغة التي تبناها كل الفقهاء والشراح في تعريفهم له، حيث عرفه الدكتور مصطفى شلبي بأنه: ''هو ما جعل لأول مرة على معين، سواء كان واحدا أو أكثر، وسواءكانوا معينين بالذات معينين بالوصف سواء كانوا أقارب أم لا، ثم بعد هؤلاء المعينين على جهة البر''، ذلك أن مدار التفرقة بين الوقف العام والوقف الخاص هو الجهة الموقوف عليها من أول الأمر أي ابتداء(20).
كما أنه يتضح وأن المشرع الجزائري لم يشر في هذا التعريف إلى الوقف على النفس، هذه السلسلة من سلسلة القوانين المنظمة للوقف، مما جعل الأمر مبهما، وكل جهة تعمل بالرأي الذي تراه مناسبا، فهناك جهات ترى عدم الأخذ بمثل هذا الوقف حارمة بذلك الواقف من إمكانية اشتراط المنفعة لنفسه، وهو الرأي الذي تعمل به حاليا المحافظات العقارية(21)، وهناك جهات أخرى ترى العكس من ذلك، أي جواز الوقف على النفس، ثم من بعده إلى جهة معينة، ويمثل هذا الاتجاه رأي المحكمة العليا في العديد من قراراتها محاولة في كل مرة أن تفصل في الخلاف بين القضاة وتضارب الأحكام في هذا الشأن. التي إن دلت على شيء إنما تدل على الاختلاف والتضارب في وجهات النظر حول هذه المسألة، لم يقتصر على الفقهاء فحسب، بل وصل إلى دواليب القضاء، فكل درجة تقضي بما استقر عليه رأي قاضيها واجتهاده، وإن بلغت هذه الحدة إلى ما وصلت إليه فإن السبب في ذلك يعود كما أسلفنا إلى غموض قانون الأوقاف في هذه المسألة وغيرها، وكون نص المادة 06 جاءت مبهمة(22)، عسى أن يتصدى المشرع مستقبلا إلى هذه المسألة الهامة، التي أدت إلى إحجام الكثيرين عن وقف أملاكهم لهذا السبب، علما أن المحكمة العليا ظلت تسعى إلى توحيد القضاء والأحكام في هذا الشأن بإجازة هذا الوقف، وصحة الشرط، محاولة التيسير على الناس من جهة، واحتراما منها لإرادة الواقف من جهة أخرى.
ومن اجتهادات المحكمة العليا في هذا الشأن، نورد قرارها الصادر في: 13/12/1984 الذي ينص على صحة الوقف الذي أسسه صاحبه وفقا للمذهب الحنفي والذي يجيز الأخذ بالوقف على النفس.
كما أن المتفحص لنص المادة 06/2 من قانون الأوقاف السالف ذكرها، والتي عرف المشرع من خلالها الوقف الخاص بأنه: ''... ما يحبسه الواقف على عقبه من الذكور والإناث''.
نجد أنه أطلق على الموقوف عليهم مصطلح العقب، في حين قرنه بالذكور والإناث، وهو تعبير يوحي للدارس له بفكرة مذبذبة، ذلك أن لفظ العقب يراد به: الولد وولد الولد أبدا ما تناسلوا من الأولاد الذكور دون الإناث، وعليه فإن أولاد ابن الواقف هم عقد الواقف، كما أن أولاد أولاد ابن الواقف عقبه أيضا، أما بنت الواقف أو أولاد بنت الواقف لا يعتبرون عقب الواقف، ما لم يكن أزواج البنات متوالدين من أولاد الواقف الذكور(23).
وبما أن المشرع الجزائري أراد القول بأن الموقوف عليهم هم من الجنسين على حد السواء ذكورا وإناثا فإن اللفظ الذي يجمع كليهما هو لفظ ''الولد'' ذلك أن لفظ الولد مأخوذة من الولادة وهي موجودة فيهما، سواء كان ذكرا أو أنثى، واحدا أو متعددين، أو لفظ ""النسل'' فهو يتناول الأولاد الصلبية والأحفاد، ويتساوى فيه أولاد البنين وأولاد البنات.
والخالصة أن: كل من كان أبوه من أولاد الواقف الذكور، كان عقبا للواقف، وبالعكس. وزيادة على ذلك فإن استخدام عبارة ''العقب'' تثير مسألة استحقاق الغلة، هل تكون في حياة الواقف أم بعد وفاته؟
ذلك أن العقب إذا اشترطت له الغلة، فإنه لا يستحقها إلا بعد وفاة الواقف، لأنه لا يعد عقبا له إلا بعد وفاته، فإذا قال الواقف :''وقفت داري على زيد وعلى عقب زيد''، وكان زيد هو وأولاده لا يزالون على قيد الحياة، استحق زيد الغلة وحده ولا تعطى الغلة لأولاده إلا بعد وفاته، وهو حكم العقب. لذلك كان لزاما على المسرع أن يأخذ بهذه الاعتبارات في سياق هذه المادة، التي يتجلى من خلالها ومن خلال غيرها من المواد موقف المشرع الجزائري من مختلف المسائل التي يطرحها نظام الوقف في المجتمع.

الصفحات