أنت هنا

قراءة كتاب عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول

عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول

كتاب " عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية - الجزء الأول " ، تأليف خير الدين فنطازي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 8

كذلك ورد في البخاري أن أنسا رضي الله عنه، وقف دارا له وكان إذا قدم نزلها، وأن الزبير تصدق بدوره وقال: ''للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضار بها، فإن استغنت بزوج فليس لها حق، وجعل ابن عمر نصيبه من دار عمر سكني لذوي الحاجات من آل عبد الله.
وفي المدونة في فقه مالك: أن عثمان ابن عفان، و الزبير ابن العوام، وطلحة ابن عبيد الله التميمي، حبسوا دورهم، وأن الزبير قال في وقفه: على بني: لا تباع ولا تورث، وان للمردود من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضار بها. وأن عبد الله ابن عمر، وزيد بن ثابت، حبسا على أولادهما بدورهما، وأنهما سكنا في بعضهما.
وروي في كثير من الأحاديث أن النبي ×، وقف وتصدق بسبع حوائط ''بساتين'' معروفة لأسمائها بالمدينة بعد قفوله من غزوة أحد.
وروي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها وقفت دارا اشترتها، وكتبت في شرائها: ''إني اشتريت دارا، وجعلتها لما اشتريتها له، فمنها مسكن لفلان ولعقبه ما بقي بعد إنسان، ومسكن لفلان، وليس فيه لعقبه، ثم يرد إلى آل أبي بكر''.
وهذا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )يقول: ''صدقتك على غير رحمك صدقة، وصدقتك على رحمك وصلة''.
وقوله كذلك: ''إنك تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس''.
فهذه الأحاديث والآثار هي قل من كثير، تدل على مشروعية ا لو قف بنوعيه، وأنه لا ينفي مشروعية الوقف الخاص دون العام، كما ذهب الكثيرون من الفقهاء، بل وحتى القوانين التي أخذت عنهم، فتنكرت لهذا النوع بالذات، رغم أنه وسيلة من وسائل القربى من الله، وباب من أبواب الخير والمثوبة.
وهي أدلة كافية للرد على بعض الباحثين الذين يدعون ان الوقف الخاص ''الأهلي'' لم يكن مشروطا في صدر الإسلام، وإنما أحدثه الفقهاء المتأخرون، ترغيبا للناس في وقف أموالهم(25). ورغم ذلك فقد تم إلغاء الوقف الخاص ''الذري'' في العديد من الدول العربية والإسلامية، منها: تونس وليبيا ومصر وسوريا وحتى في تركيا(26)، حيث أصدرت هذه الدول قوانين تقضي بإلغاء الوقف على غير الخيرات ''أي ما عدا الوقف العام'' وبموجب تلك القوانين تمت تصفية جميع الأوقاف الخاصة، ونصت على أيلولة الأعيان الموقوفة التي انتهى فيها الوقف فتؤول إلى الواقف إذا كان حيا وكان له حق الرجوع في الوقف، أو تؤول إلى المستحقين كل بقدر حصته.
ومنعت هذه القوانين إنشاء مثل هذا الوقف مستقبلا(27)، والملاحظ أن إلغاء الوقف الخاص ومنع إقامته مستقبلا أسهم إلى حد كبير في الإحجام عن الوقف في تلك البلدان، وأصبح يقتصر نشاط الهيئات القائمة على الأوقاف فيها على إدارة المساجد والزوايا الإسلامية والمدارس القرآنية وتنمية النوع المتبقي من الأوقاف وهي الأوقاف العامة، هذا هو الحال في الدول الإسلامية التي ألغت الوقف الخاص وأبقت على الوقف العام، ما بالك بدول لم تبق أي نوع منه، فباتت خالية من أي نظام للأوقاف، وهو الحال المذهل والذي ربما لم يثره الباحثون من قبل كنموذج للدراسة رغم أهميته وخطورته في آن واحد. إن هذا النموذج يتجسد في دولة عربية إسلامية شقيقة، بل تشارك بلادنا حدودها وهي ''تونس'' التي وبعد استقلالها مباشرة قامت بدمج الأوقاف في ميزانية الدولة وخزانتها، ووقع إلغاء وحل نظام الأحباس فيها على مرحلتين:
الأولى: بالأمر المؤرخ في: 31 ماي 1956 (28)، وبموجب ذلك ألغي الوقف العام الذي تم إنشاؤه من يوم صدور هذا الأمر، وحجر كل تحبيس عام أو لفائدة إحدى الزوايا في المستقبل، ودمج كل ملك ذو طابع وقف عمومي في ملك الدولة، وأسندت إدارته لمصلحة أملاكها ، كما أسند للدولة إدارة ما كانت جمعية الأوقاف السابقة متعهدة به من نظر في بعض الأوقاف الخاصة.
وفي المرحلة الثانية أي بعد سنة تقريبا، وقع إلغاء الأحباس الخاصة بمقتضى أر مؤرخ في: 18 جويلية 1957 (29)، وبذلك أصبحت تونس خالية تماما من أي نظام قانوني للأوقاف(30).
لقد كانت هذه نماذج من دول ألغت الوقف صراحة، في نصوص قانونية صريحة، غير أن هناك دول أخرى ألأغته ضمنيا مثل المغرب، حيث نجد أنها ام تنص صراحة على إلغائه ولكنها ألغته ضمنيا. حيث أجازت لمن أقام حبسا معقبا أو ذريا ''خاص'' أن يتراجع عنه بالإشهار العدلي، على أن يقتصر الرجوع على القسم المتعلق بالوقف الخاص فقط دون العام.
بل وقررت انه يمكن تصفية الوقف الخاص بمبادرة من السلطة المكلفة بشؤون الوقف إذا تبين أن المصلحة العامة أو مصلحة المستفيدين تستوجب ذلك(31).
وهكذا نجد بأن الجزائر هي الدولة الوحيدة في المغرب العربي، ومن ضمن دول قليلة جدا في الوطن العربي والإسلامي عامة، التي حافظت على الوقف بنوعيه، وأعادت نظام الوقف إلى وضعه الطبيعي في دار الإسلام.
وبصدور تلك المجموعة من التشريعات في الجزائر استعاد الوقف مكانته الطبيعية ليسهل في رسالته، والتي يظهر فيها مساهمة الفرد في التكفل الاجتماعي وبإقامة الشعائر الدينية والمحافظة عليها، لأن الأحكام ا لفرعية للوقف محل اجتهاد الفقهاء المسلمين في كل زمان ومكان، ويكفي في هذا النظام أنه أبرز الشخصية الاعتبارية للوقف، وحافظ على الوقف الخاص، حيث نص المشرع صراحة من خلال المرسوم رقم: 64/283 المؤرخ في: 17 سبتمبر 1964، المتضمن نظام الأملاك الحبسية العامة، حيث أكد على إبقاء العمل بالوقف بنوعيه: العام والخاص، بموجب المادة 01 منه والتي نصت على أنه: ''تنقسم الأملاك الحبسية أو الموقوفة إلى قسمين الأحباس العمومية والأحباس الخاصة – المعقبة-''.

الصفحات