كتاب " الهوية والتواصلية في تفكير هابرماس " ، تأليف الناصر عبد اللاوي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الهوية والتواصلية في تفكير هابرماس
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

الهوية والتواصلية في تفكير هابرماس
إن الأطروحة المركزية التي يدافع عنها هابرماس تتمثل في إحداث خطاب فلسفي حول مسألة الهوية، يستطيع من خلاله تحديد الفجوة بين خطاب الهوية الميتافيزيقي والايديولوجيا، وبين التناول الأنطولوجي للهوية والبعد المعياري ذي النزعة البينذاتية(55). إذ إنّ الإفتراضات التي وضعها هابرماسلتسوية النزاعات تظهر في الفعل التواصلي بصورة توافقية، وذلك قصد الحفاظ على إيتيقا الفهم التي تجمع بين الذوات المتكلمة والفاعلة، من جهة امتحانه للقضايا الفلسفية وذلك باستنتاج ترانسندنتالي للقضايا الإيتيقية.
في بلورة الفضاء الاشكالي
ماهي الإمكانيات الفلسفية التي تمكن بلورتها في مقاربتنا لمسألة الهوية. هذا ما يدفعنا إلى رصد خطة المعالجة التي تستوجب تذليل كل صعوبة من الإمكانيات الفلسفية التي تكتنف كل مستوى من مستويات تخريج هذه الإشكالية:
إذا كان سؤال الهوية قديم في التناول الفلسفي، فما الذي شرّع العودة إلى الالتقاء معه من جديد؟ بمعنى كيف يكون البحث حول مسألة الهوية معاصراً لنا؟ فإذا ماكان سؤال:« ما الهوية؟» متعدد الأبعاد نظراً لاتساع السؤال حول المعنى والحقيقة، فما هي الدلالات التي يمكن أن تحمل على مفهوم الهوية؟ وفيما تكمن راهنيته. ومدى تناسبه مع مشاغل اهتماماتنا ومستلزماتنا التقنية والتكنولوجية؟
هل إنّ مسألة الهوية ادعاء منهجي لم تستطع الفلسفة الكلاسيكية أن تفي به إلى حد الآن، ومن ثم يجدر بنا نقل المشكل من مستوى سؤال الميتافيزيقين – الباحثين في ماهية الموجودات من جهة الهوية«إلى سؤال المابعد ميتافيزيقين؟»(56) بما هو الإخراج الإشكالي الذي أنزل فيه هابرماس مسألة الهوية من جهة تفعيلها داخل براديغم اللغة؟
ألا يدفعنا هذا إلى الخروج من تخوم الماهو التأسيسي المشترط للأفق الأنطولوجي، الذي يجد صلابته في المنحى الميتافيزيقي، وكانت غايته العليا إرساء «هوية ثابتة» إلى مقاربة أخرى تكون أكثر راهنية وارتباطاً بملامح الإنسان المعاصر وطبيعة خصائص الظاهرة الإنسانية المتطورة؟ هل يعني ذلك أن الهوية أصبحت تعنى بذلك الفضاء الإنساني الذي يلتقي فيه المرء مع الآخرين ليتطارحوا القضايا والمشكلات، مادامت تجمعهم تقاليد مشتركة، أم أن الأمر يقتضي مراجعة التواصل من جهة ما أحدثته أزمة العصر في السيطرة التي فرضتها العقلانية الحسابية وتراجع القيم الإيتيقية وإفلاس المعنى؟ وكيف ساهم ظهور الأقليات العرقية وتنامي المركزية الغربية في إحداث الفجوة وتعميق الهوة؟ مالذي جعل من مسألة الهوية المدار الإشكالي الذي حاول من خلاله هابرماس أن يفتتح فلسفة كونية منفتحة على علوم عصرها؟
القسم الأول :الهوية في طور «التفكّر الذاتي»
الفصل الأول