أنت هنا

قراءة كتاب الهوية والتواصلية في تفكير هابرماس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الهوية والتواصلية في تفكير هابرماس

الهوية والتواصلية في تفكير هابرماس

كتاب " الهوية والتواصلية في تفكير هابرماس " ، تأليف الناصر عبد اللاوي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

مستويات الهوية ودلالاتها

مقدمة

إن الوقوف على الدلالة المعجمية لكلمة الهوية التي نتابع فيها مساراتها اللغوية للمساهمة في بلورة مفهوم الهوية، إذ مهدت مسألة الهوية التداولية لحضور فاعلية الخطاب الفلسفي المعاصر في تفكير هابرماس، حيث سعى فيه جاهداً لوضع أسس صلبة لصياغة دلالة الهوية التي تظل من المفاهيم الأشد عسراً في التحديدات الفلسفية، نظراً لاختلاف السياقات من لسان لآخر. وكذلك لاتساع الحقول المتعددة التي نشأت فيها. وهي مرتبطة بإبستيمية معينة تحدد الزمنية التي فكر من خلالها الفلاسفة. ولهذا نجدها زئبقية في رصدنا لدلالتها.

وهذا ما يجعلنا نتقصى الفضاء الدلالي في جملة من المعاجم المختلفة وبالتحديد «تجربة هابرماس الشخصية»(57) القائمة على منهج إعادة البناء وفق مناهج معاصرة. وهي مستمدة من المنعرج اللغوي للفلسفة المعاصرة مستعيناً بالحقول المعرفية التي تجد منابتها في العلوم الاجتماعية والبسيكولوجية لتحديد بنية هوية الأنا(58). وهو يسعى للارتقاء بمسألة الهوية صوب أفق أكثر طموحاً واتساعاً من خلال «البنى الاجتماعية»(59). فكيف يمكن بلورة الدلالة اللغوية لكلمة «هوية»؟ وماهي الإسنادات الممكنة التي ساهمت في بروز الهوية كاحتراف فلسفي؟

1- التحديد اللغوي للهوية

إن أولى اهتماماتنا هو أن نتقصى مفهوم الهوية في دلالته اللغوية حتى يتسنى لنا تسجيل تمثلات فكرية واضحة تمكننا من فك ملابسات المفهوم، ضمن الحيز الذي يشغله داخل المدونة الكونية عامة، وفلسفة هابرماس بصفة خاصة. والإشكال الذي يتعيّن علينا طرحه هو:

ما هي الإمكانيات الفلسفية التي يمكن ترجمتها من خلال معاشرة الفلاسفة لسؤال «ما الهوية؟»، في مستوى الدلالة والفهم والإشكال؟

الهوية لغة: من هوى يهوي هوة، والهوية تصغير هوة. وقيل الهوية بئر بعيدة المهواة (الحفرة البعيدة القعر)(60). وهذا مايبرر الحضور المكثف للهوية في كل الأزمنة. وإذا بحثنا في دلالة الهوية في اللسان الفرنسي وفق تحديد معجم لالاند(61)، فإنها تدل على الميزة الثابتة في الذات، إنها ميزة ماهو متماثل سواء تعلق بما تقيمه الذات من علاقة - (باللاتينية(62)، هي: Identitas ، أما الفرنسية فتعني Identité ) - مع ذاتها، أو مع الواقع على اختلاف أشكاله.

الهوية (Idme) يطلق بمعنيين: الأول، هو الشيء نفسه، والثاني الشيء الذي لايختلف في شيء عن شيء آخر، ومن هذا الأصل اشتقت كلمة (Identicus) وتعني الشبيه والنظير والشيء نفسه وعكسه «المغاير» أو«المختلف». هذا التحديد المعجمي يكشف لنا عن أصالة المفهوم ومشاركته في أكثر من معنى مما يجعل من الهوية أفقاً ثرياً يستجلي إنجازات الإنسان عبر صيرورة الفكر وترحله الإبستيمي، فما هي الدلالة الأنطولوجية للهوية من جهة الماهو تأسيسي؟

الصفحات