كتاب " مساهمات في التنشئة الإجتماعية " ، تأليف د. زكي حسين جمعة ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب مساهمات في التنشئة الإجتماعية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مساهمات في التنشئة الإجتماعية
وعليه ، يمكن القول: إنَّ الشخصية ترتبط ارتباطا ً وثيقا ً بالثقافة المميزة لمجتمع معين ، انها تعد نظاما ً للقيم الاساسية وبذلك يكون لكلّ مجتمع شخصيته الثقافية المحددة والمميزة .
ثم أن كل مجتمع يكدح نحو تشكيل ثقافي فريد وخاص ، مختلف ومتمايز عن سائر المجتمعات وإن كان هناك تشابه في بعض النواحي ، إلا أنه يسعى لايجاد فروقات أساسية .
تتكون الثقافة من مجموعة المشتركات بين أفراد المجتمع سواء أكان قديما ً أم حديثا ً، وتختزن عادات الناس وتقاليدهم ، وطرق عيشهم وأعمالهم وتربيتهم وتدريب أبنائهم على الطاعة والانصياع ، وتأمين الغذاء ، وسبل العيش والثروات ، وعلى الاستقلال والمسؤولية الفردية . وذلك طبقا ً لحاجات المجتمع .
وعندما تعمل التنشئة الاجتماعية على تحويل الفرد إلى شخص ، فإنها تقوم بنقل الثقافة من جيل إلى جيل . وهذا يؤدي إلى استمرار الثقافة وتمكنها . ويبدو صعبا ً إنكار الآثار التي تتركها الثقافة على سلوك الأفراد . فهم نتاجها ، و لا يمكنهم المحافظة على بقائهم دون الانتظام في جماعات لها معايير وأعراف تساعدهم على الديمومة والاستمرار .
وتعمل الثقافة من خلال ذلك على تطبيع سلوك الأفراد بما ينسجم وأساليب الحياة . وهم يعملون على نشرها بمقدار اتصالهم بأفراد أو جماعات من مجتمعات أخرى ، واحتكاكهم بهم ، سواء أكان الاتصال والاحتكاك مباشرا ً ام كان عن طريق وسائل الإعلام والاتصال الإعلامي .
تبادلت الشعوب على مر ّ التاريخ الكثير من المظاهر الثقافية مثل : اللغة ، والعلوم ، والفلسفة ، وصناعة الورق ، والطباعة ، وثقافة العمارة ، والزراعة ، والري .... الخ مثلما حصل في المجتمعات القديمة .
ويؤدي الدافع والحاجة دورا ً أساسيا ً في عملية الإنتشار الثقافي والتبادل ، وتختلف اشكال هذا الانتشار والتبادل ، باختلاف الإمكانيات والحاجات والتقبل . ذلك أن مجتمعات قد لا تتقبل ثقافة مجتمعات أخرى لوجود فوارق في القيم تمنع مثل هذا القبول .
وهناك مجتمعات تختار الإمتناع عن الإحتكاك بمجتمعات أخرى والتبادل معها . وهناك مجتمعات تختار ثقافة معينة لتحتك بها ، وتتبادل الخبرات والمعارف ، أو تتكامل معها .
من السهل دون شك قول مثل هذا الكلام أو تخيله ، لكن مسألة التبادل والانتشار أو عدمها ربما كانت تنجم في جزء كبير منها ، وفقا ً لأنماط تحتاج لأكثر من الوصف ، حتى يمكن فهمها . وإلى جانب ذلك ، أين دور الدولة أو النظم السياسية والدساتير في عمليات بناء الثقافة وقبولها ونشرها وتبادلها ، تاريخيا ً وحديثا ً ؟ وما المعايير التي على أساسها تدار الأمور هنا؟
هناك طبعا ً فروقات في قضية الثقافة بين ما تريده الدولة أو النظام وبين ما يريده الناس في كثير من الأحوال ، وهذا مجال بحث آخر . أما ما يعنينا هنا فهو تأثر الفرد والمجتمع في العمليات الثقافية ، وكيف تتم عمليات التنشئة الاجتماعية .
يسعى هذا البحث الى تلك المسائل من خلال قسمين : نظري وميداني .
يعالج في الجانب النظري أمرين :
1 - عرض نظريات التنشئة الاجتماعية .
2 - ونقد النظريات .
ويعالج في الجانب الميداني وضعية الفرد والأسرة والمجتمع ، في محاولة إلقاء الضوء على عمليات الجمع والتشتت والاختلاط والخروج من دائرة الأهل وعمليات التواصل والاتصال الاجتماعي .
وكذلك ، يحاول الإطلالة على عمليات الوعي والسيطرة والتحولات المتسارعة بين الآباء والابناء ، ومسائل متعلقة بالتربية والأهل وقدرتهم وأدوارهم المتغيرة والمتبدلة .
ثم يخلص إلى خاتمة عن الأسرة عامة .
د. زكي جمعة