كتاب " مساهمات في التنشئة الإجتماعية " ، تأليف د. زكي حسين جمعة ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب مساهمات في التنشئة الإجتماعية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مساهمات في التنشئة الإجتماعية
الفصل الأول
عرض نظريات التنشئة الاجتماعية
1 ـ مفهوم التنشئة الاجتماعية
2 ـ نظريات التنشئة الاجتماعية
3 ـ نقد نظريات التنشئة الاجتماعية
1 ـ مفهوم التنشئة الاجتماعية
يدل هذا المفهوم على استيعاب الأفراد في الجماعات ، من خلال عمليات التأهيل التي تجري ضمن مؤسسات نقل الثقافة ، مثل: الأسرة والمدرسة والحي و القرية وغيرها ، بغية إدخالهم في علاقات اجتماعية . ولذلك فإن الكلام على التنشئة الاجتماعية هو كلام على التهيئة والتمكين . و في مثل هذه الحال هي عملية النمو الاجتماعي للفرد ، وتحويله من كائن حي الى كائن ينمو اجتماعيا ً كما ينمو نفسيا ً وجسديا ً، لينخرط في العلاقات والألعاب الاجتماعية ضاقت أم اتسعت ، من خلال عمليات التعلم والقبول والتطبيع والاندماج ، ليصبح عضوا ً في المجتمع . إن ما يدمج الفرد بالمجتمع ويجعله جزءا ً منه ، يعمل على قيامه بنفسه وعلى انطوائه عليه ، فلا يتقب ٌ ل الفرد وسط مجتمعه إلا عن طريق العلاقات والالعاب و الأدوار والوظائف الاجتماعية . وهي بدورها تقوم بعملية التطبيع والدمج .
وحين يكون ذلك ، يتمكن الفرد من اكتساب المعارف والقدرات التي تتيح له فرصة المشاركة وأخذ مركزه ، وتأدية دوره في المجتمع ، بوصفه عضوا ً مساهما ً ومستوعبا ً للقيم الاجتماعية – الثقافية السائدة في الوسط الاجتماعي . وهي عملية تساهم في دمج الأفراد بشكل مستمر ونسبي في وسطهم .
وتصل عملية التنشئة هذه الى أقصى مستوى لها ، في مرحلة الطفولة ، حينما يكون الفرد اكثر استعدادا ً للقبول ، وأكثر استجابة للمؤثرات الاجتماعية ، فيتم تعليم الولد أو البنت بعض آداب السلوك والحياة ، لاستبطان المعايير والأعراف والمواقف والأدوار والمعارف وحسن التصرف . هذه الأمور تصبح نوعا ً من البرنامج المصمم ليوضع لاحقا ً موضع تنفيذ آلي نسبيا ً، الى جانب ما تشتمل عليه من ضغوط وما تفرضه من واجبات ليتعلم كيفية العيش مع الآخرين .
ولما كان المجتمع يكلُ إلى أفراده أدوارا ً متعاظمة التحديد والتخصيص والتنوع ، وإن كان ذلك يحصل داخل أنماط وفئات ، فإنه يحمل هؤلاء الأفراد على التصرف ، واستلهام المسالك ، واختيارهم عوامل المناسبة والمنفعة ، والابتعاد عن العلاقات القسرية التي تفرضها الجماعات المتكاتفة ، وتبديل المواقف المعيارية ، وإما على الالتزام والتكاتف والتراص في الجماعة التي نشأوا نشأتهم الأولى في كنفها ، والتي تملي معايير السلوك ، وتعين مسبقا ً قواعد العلاقات ، وتتحصن داخل دوائر مستقلة من العادات والتقاليد تجمع بين افرادها .
وتفترض هذه الأمور الاندراج في بنية ثقافية ، لا تعدم اشكالا ً وانساقا ً مولدة ، مبدعة ، تتيح للحياة الفردية والجماعية أن تستقر فيها أو أن تغرف منها ، من غير أن يغيب القسر والإملاء .
والثقافة عملية « زرع ، تقويم وتثمير وكل ما يسمح لعقل بأن يثمر » (6) .
وتعرف الثقافة بأنها عملية التمكن من العلوم والفنون والآداب ، وبأنها ما يبقى عندما نكون قد نسينا كل شيء ، والتثقيف من الثقف ، وثقفه ثقفا ً، حذقه وفهمه بسرعة ، وثقفه أي أفهمه وعر ً فه (7) .
ومفهوم الثقافة مغر ٍ ويمكن أن يأخذ اتجاهين : ثقافة الداخل وثقافة الخارج . فنحن نستطيع التحدث عن التواصل الثقافي في الاسرة الواحدة انطلاقا ً من الإسهام في عملية التعبير الاجتماعي وتأكيد عضوية الفرد فيها ، وكذلك عن التواصل الثقافي الخارجي باعتبار أن خارج الاسرة يسعى إلى إقامة مجموعة من العلاقات المكثفة . وهي تتنوع وتتراوح بين التكامل والتقاطع .
وتتمحور أهمية الثقافة في كونها تعطي الفرد امكانيات المعرفة والمهارات التي تساعده على الاستمرار والتقدم ، وإجراء التغيرات الملائمة ، والإسهام في التطوير والتغيير الاجتماعي ، وتمكنه من ضمان عضويته الاجتماعية .
وينزع كل مجتمع إلى تكوين رأسمال ثقافي ، له ميزاته واستقلاليته ، كما يميل الى التمي ّ ز بنسق قيمي يصنع تاريخه ومأثوره الثقافي .