كتاب " مساهمات في التنشئة الإجتماعية " ، تأليف د. زكي حسين جمعة ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب مساهمات في التنشئة الإجتماعية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مساهمات في التنشئة الإجتماعية
الفصل الثاني
الفرد ، الأسرة والمجتمع
تمهيد
1 ـ الأسرة ولادة الجسد والروح .
2 ـ بين الجمع والتشتت .
3 ـ دور الحضانة ، فبركة من نوع آخر .
4 ـ المدرسة ، العلم والتغير الاجتماعي .
5 ـ الرفاق ، الإختلاط والترحال .
6 ـ وسائل الإعلام ، الإحتواء والاغتراب .
تمهيد
آل التراكم المعرفي والتقدم التقني الذي حظيت به المجتمعات المعاصرة ، إلى تبدل وتغير في المرويات والقصص والأساطير ، التي كانت تحكم جو الأسرة والمجتمع؛ شأنها في ذلك شأن كافة الأنشطة الثقافية وخطوطها ، والتي ترتبط بالإيقاع الاجتماعي ، الاقتصادي والسياسي . وثمة مرويات لاتزال متداولة ، ولكنها اصبحت أقرب إلى الخيال وغير قادرة على إحداث نقلة نوعية في وعي الفرد ، الذي بات أكثر التصاقا ً بالتقانة (*) التي غيرت صورة المجتمع ، وبدلت وجوه أرضه وأوجدت مزيدا ً من التعقيدات الحياتية . ولم يعد الوقت كافيا ً لاستيعاب الأعمال التي باتت بحاجة للمزيد منه في تفصيلاتها وتنوعاتها . هذا الأمر ، أوجد نزاعا ً خفيا ً حينا ً، وظاهرا ً حينا ً آخر ، بين المنزل وما عداه ، ونزوعا ً بالأحلام أو الواقع إلى الاستقلال وامتلاك الكيان الخاص الذي ينهض إزاء كيان الأهل المتعدد .
المدرسة ، والزملاء ، والأقران ، والرفاق ووسائل الإعلام والإعلان ، تعمل جميعا ً على تفريع دور الفرد ، من غير أن تنفك الأسرة عن « التربع » في محل الصدارة من مراتب الإختيار العاطفي والمسلكي والاجتماعي معا ً.
بقيت هذه الصدارة مقدمة لازمة لا يطالها الشك ، ولم تنافس منظومات سلوك أخرى ، غير المنظومة الاهلية والعائلية ، هذه الاخيرة على تصدرها وتقدمها .
ذلك أن الأسرة هي القطب الذي ينبغي أن يتماسك معه المرء ، أي بالانتماء اليه ، وما يخرج من دائرتها نحو الأحياء والمدن والقرى وخارج المجتمع ، ي ُ نذر بالإنشعاب والتفرق والتباعد الفكري والوجداني كما الجسماني ، وإن كان الناس والمجتمع في لحظات معينة وصور محددة يمثلان صورتين عن الأهل ، وامتدادين من جسمهما الواحد .
والتقدم والتكنولوجيا والتمدن ، وغير ذلك ، لا تعصم من الأهل والاسرة ، ولا تنشئ أمكنة تباعد وتقرب ، إلا إذا عمد الفرد إلى ذلك ، واذا نشأ مثل هذا ، كان عليه أن يجد متسعه خارج الناس والمجتمع وبعيدا ً عنهما .