أنت هنا

قراءة كتاب السجن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السجن

السجن

رواية " السجن " للكاتب السوري نبيل سليمان، نقرأ منها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

ـ 5 ـ

طال لبْثُ وهب في مكانه، وامتد الانتظار، لكنه لم يَثْقُلْ. الحركة في الخارج لم تفتر، والأصوات أيضاً. فتش عن بقايا القوة في جسمه فلم يجد. أدرك أنه خسر كثيراً، وخمن أن اشتباه النقيب به كلفه غالياً: لولا الشبهة لوفرت نصف ما لقيت على الأقل.
حتى الأفكار لم تعد منضبطة. حاول أن يفكر في عابد. أجال عينيه في القبو الذي أيقن أنه سيكون مستقره الأخير، لكن خياله كان كليلاً. وعندما انفتح الباب أخيراً، وتسرب ضجيج إضافي، أحسّ بالارتياح والإنقاذ. بعد قليل أدرك أنه يساق إلى مكان آخر. وعندما انفتح أخيراً باب، ثم انطبق، فأطبق الصمت، تلفت وهب بصعوبة، فوقع على الرائد نفسه، وخلفه رأى كهلاً. تفرس في الوجه الجديد وشك في أن يكون من معذبيه. جلس الرجل قريباً منه، أما الرائد فقد استوى جيداً خلف مكتبه، وتنهنه، وأدار كرسيه مرتين إلى الجانبين قبل أن يسأل وهباً:
ـ ألم تعرفه؟
هز وهب رأسه نافياً. قال الرجل:
ـ كيف حال أخيك مسعد؟
قال الرائد:
ـ الرفيق غنيم يا وهب.
وصعق وهب.
استدار بحدة إلى الرجل، وأراد أن يأكله بعينيه. ارتد غنيم مجفلاً، وتبدلت ملامح وجهه. وكان الرائد يلاحقهما مأخوذاً، ولم يلبث أن خاطب وهباً:
ـ لا أشك في أنك إن كنت لا تعرف الرفيق غنيم وجاهياً، فأنت تعرف عنه من ما يكفي. أما كان في طليعة المؤسسين لهذه المنظمة التي سحرتك؟
ها هو ذا حينما تيقن من أنه قضى كل هذا العمر في ضلال، وهدر كل جهاده من غير طائل، ملك الشجاعة وردع نفسه وانسحب، ودعا كل العاقلين فيكم إلى أن يسيروا سيره ـ كان صوت الرائد قد علا ـ لقد مد يده إلينا، فساعدناه وأكرمناه، ونحن نعف دائماً، بل ونعين كل من يتوب.
كان وهب يود وهو يستمع إلى الرائد، أن يلتفت إلى الرفيق غنيم ثانية، وأن يتملى من جيداً. لقد انتظر في الماضي طويلاً أن يجتمع بالقائد غنيم. كان يحلم بلقائه في سنيه الأولى، وبلقاء الرفاق الأوائل الآخرين، لكن غنيم سقط. انهار منذ أكثر من سنتين. قوضته الأقبية والسجون، وليت البلية كانت به وحده. لقد انقلب دمية في يد هؤلاء، يلوحون بع أمام عيني كل معتقل جديد: ها هو ذا رفيقكم الأعلى قد ارعوى فاقتفوا أثره.
ران الصمت. واغتبط الرائد في سره: لعل وهب قد بدأ يفكر. كم توفر علينا أيها الرفيق غنيم. كيف سيكون خذلان النقيب هاشم؟ ولكن غنيم لم يكن قد صحا بعد من سوط وهب. لقد لسعه بتلك النظرة اللاعبة، حتى زعزعه. وقال الرائد وهو ينهض:
ـ سأدعكما معاً حتى تشبعا.

الصفحات