رواية " السجن " للكاتب السوري نبيل سليمان، نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب السجن
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
السجن
الصفحة رقم: 9
وخيم سكون ثقيل. وهب يفكر في رفيقه الذي اقترح في أحد الاجتماعات أن تجري للرفيق غنيم محاكمة غيابية، ويكلف رفاقنا السجناء بتنفيذ الحكم. ها هو صوت ذلك الرفيق يتعالى: غنيم خطر على المنظمة. غداً يخرّب معنويات الرفاق. غنيم فشا أسرار المنظمة كاملة. غنيم يجب أن يموت داخل السور الذي أقاموه حوله، في عقر الجنة التي أرادوها له وأرادها لنفسه. غنيم أنشوطة في أيدي الجلادين.
فكّر وهب: لو أن المحاكمة تمت أيها الرفيق لتوليت بنفسي تنفيذ الحكم الآن. وغنيم لم يجرؤ أن يفتح فاه. تكوم الجبن من كل أنحاء عمره وانصب فوقه بعد تلك النظرة. وامتدت الدقائق بهما قبل أن يبدأ وهب:
ـ نعم؟ ماذا تريد أن تقول؟
كنّ غنيم امتناناً للرفيق الشاب، على الرغم من اللهجة غير الودية التي نطق بها. لق هوّن عليه أن يبدأ. أشعل سيجارة مثل سيجارة الرائد، وبلع الصغار ثم قال:
ـ يا أخي العزيز: يا رفيق: الدرب مسدودة. ليس من مخرج إلا إلى الموت. وما الثمن؟ النصر؟ أين هو؟ التغيير؟ دلني عليه وخذ روحي. دع عنك ذلك يا وهب. أنت في زهرة شبابك الآن. انظر إليّ ـ ومد كفه إلى ذقنه ـ لقد أضعت عمري وفتوتي فماذا جنيت؟ وماذا جنيتم أنتم؟ ماذا جنت الناس والبلاد؟ والدرب مسدودة يا وهب. وهؤلاء وحوش حقاً.
امتلك وهب شجاعة لم يعاينها من قبل. وفضل أن يوفر على غنيم جهده، فقاطعه بحماسة وانفعال، ممثلاً:
ـ اعقل يا بني. احك لهم كل شيء. انسحبْ من المنظمة واربط نفسك بهم أيضاً. توّجْ تاريخك بالعار. علامة الوفاء لقضيتك ومنظمتك هي النكوص. كما فعلت يا بني ـ ودار بجمعه إلى غنيم ـ لقد هونت عليك. أليس كذلك؟
هل تريد أن تقول أشياء أخرى؟ خير الكلام ما قل ودلّ. ها أنت تعرى جيداً فهل عرفت نفسك أيها الساقط؟
وفيما أخذ وهب يتدفق، كان غنيم يحتقن ويعاين الحصار، فيفر من كلمة إلى كلمة، ومن شوكة إلى شوكة، حتى وهب وقد أعجزه الاحتمال، كما عجز ذات يوم، وأكبّ من علٍ على وهب، وتفرس، وقد عيَّ، ثم اندفع خارجاً.
ومن الباب انسربت كلماته المهلوعة:
ـ هذا يعجز الشيطان. لا حيلة لي فيه. تدبروا أمره أنتم.