تقديم

حصاد الأديب الدكتور رجب شعلان .
إنها الرصاصة التي تتحول إلى قلم .
إنه الدم الذي يتحول إلى حبر .
إنها الإرادة التي ترسم تاريخ الشعب على أديم الأرض المروية بالدم ...
يخط بقلمه معاني الإيمان بالانتصار .. زراعة الأجساد في الأرض الطهر وإرادة البقاء والالتصاق بالتراب الطاهر ..
مقاومة الغزاة والمحتلين رغم السلاح الوضيع ، بالأسنان بالأظافر نقاتل حتى تبقى الأرض لأهلها . . حماية المقاومة بأشفار العيون ..
هي صور ترتسم أمام ناظري الكاتب والمحامي الدكتور رجب شعلان فيأخذ ريشته ليرسم الصورة التي تتراءى له وليجسد الأصوات التي يسمعها ..
يرى الجنوب كصخرة عليها تتكسر أطماع ورؤوس الطغاة ويرى الشظايا المتناثرة على الطرقات رذاذا يتطاير فوق رمال الشواطئ .. ويرى بوابة صور وكانها انتقلت إلى مارون الراس .. ويرى دهاليز الملعب الروماني هناك في أرض البطولة في عيتا الشعب . وكانها احجار الرمل في صور العتيقة .. هناك في بنت جبيل بيوتا من صلابة الجنوب بعضا من عنفوانها وهو بين هذا وذاك يبقى الجنوبي الذي لا زال يعانق آلامه وعشقه للأرض والإنسان . يرسم تارة بحبر الغمام المتناثر في سمائه لوحات الغروب لشمس تغسل وجهها كل مساء قبل النوم بماء بحر زرع فيه طفولته وشبابه ورحلة العمر الذي يحمل بين أصغريه .. وفوق كتفيه .. وحصاده اليوم .
هو رسم بالكلمات ، ولون الاحمر القاني حبر الكتابة والقلب محبرة تلك الريشة التي ترسم وتكتب .. ها نحن من جديد على بيادر عطائك أيها الأديب المتميز دائما بغزارة الزرع وجودة الثمر . ها نحن معك على جناح الحرف في ليل الحبر الذي لازمك عمرا .. وها نحن نأتي إليك نراك تسكن في اوراقك وعلى صفحات كتبك التي أسكنتها قلبك وسقيتها رطوبة حبر كلماتها من ماء العين وندى الفؤاد ... كم هو رائع هذا الحصاد من على بيدر الأيام ، لكنه لن يكون إلا حقلا من حقول العطاء المتميز الذي اتحفتنا به ولا زلت .. والزرع وفير والحصاد مليء بالخير الذي زرعت .. يتلو بيدرك الآن بيادر أخرى وحصاد أخر ..
نأتي إليك ، نقرأ على صفحات الحصاد كيف كنت ترسم لنا وطنا يتسع لنا جميعا نحفر على صخوره حكاية وحدتنا ونسقي ترابه دمنا ونزرع في ربوعه اجسادنا ونحصد معا ثمار الزرع . .. نراك تنثر ذاك الغبار العربي الذي أعمى العيون وتهنا نكاد نضيّع طريق الوطن السليب .. ونحامي عن مغتصبيه . ..
الدكتور رجب شعلان الذي زرع بعضا منا بين ضفتي ذلك الكتاب حتى لكأنها أضلاعه التي حوت مصدر حياته يرسم تاريخه الجهادي بكل فخر واعتزاز ...
ولا ينسى الوقائع التي رسمها الجنوبي خصوصا ، واللبناني عموما ، وفي بعض المواقع العربي .. هو رسم للواقع الوطني الذي رسمناه معا بدمنا وبنيناه معا بعظام اجسادنا التي زرعنا ما تبقى من منها في الأرض الطهر ويحصد ما تبقى منا النصر والتحرير والعزة والكرامة ..
وها نحن اليوم ننظر بعيون الأمل التي رسمتها لنا بكتاباتك وكلماتك للوصول بلبنان إلى بر الأمان .. في ظل ظروف عربية واقليمية تؤكد انها زائلة والبقاء للوطن والخلص من أبنائه ..
ما بين السطور وما بين الأحرف نرفع الصوت مع الأديب الدكتور رجب شعلان اننا مع وطننا كنا وسنبقى ، فحبة التراب هنا أغلى من ذهب الأرض بكامله ..
الأخ والصديق الدكتور رجب شعلان .. رائعة هي تلك الأيام التي انسلخت من أعمارنا ونحن معا في ساح العطاء ، نشهد معا ولادة أعمل ثقافية وفنية وأدبية وفكرية .. نزرع معا حقول الذاكرة بكل خير وصالح لهذا المجتمع الذي نحب ..
باسم الحركة الثقافية في لبنان التي تحضن اقلامنا وأوراقنا وكتبنا ودفاترنا ..
باسم مجلس محافظة الجنوب ، نبارك للأخ الأديب والمحامي الدكتور رجب شعلان هذا النتاج الذي يؤسس لتاريخه بالدم لنصون الجغرافيا ..
الحركة الثقافية في لبنان
بسام بزون