كتاب " جماعة في أزمة - حوارات مع قادة ومتمردين " ، تأليف صلاح الدين حسن ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب جماعة في أزمة - حوارات مع قادة ومتمردين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
جماعة في أزمة - حوارات مع قادة ومتمردين
مقدمة الكاتب
بين يديك عزيز القارئ حصاد حوارات 5 سنوات من العمل في ملف جماعة الإخوان المسلمين لن أخفي عليك ما عانيته خلالها من مشقة وآلام فالحق أن حلقي لم يتذوق حلاوة البحث عن الحقيقة في هذا الملف مذ خرجت من قريتي عام 2006 للعمل في جريدة الدستور المصرية حتى انتقلت للعمل في شبكة إسلام أون لاين عام 2009 لكن مع أني لم أتذوق حلاوة إلا أنني استفدت الكثير خلال تلك السنين ولن أبخل عليك عزيزي في أن أهدي إليك حصاد معاناتي ومشقتي وأنا على يقين أن إهدائي هذا سيزيل عني مرارة ما عانيته ويسقيني كثيرا حلاوة ما افتقدته .
لكن لم يكن سهلا علي وأنا الصحفي غض الأنامل أن ادخل عش تنظيم الإخوان وأخرج هكذا دون أن أصاب بكسور وجروح وخدوش ولدوغ فمع أن كثير من القيادات التنظيمية للجماعة جذبها ضوء الكاميرات الساحر إلا أنها كانت تريد أن تقطف زهرته فقط دون أن تصاب بأشواكها وإن حدث ذلك فهي لاشك ناقمة ساخطة وهذا يعني لصحفي يسعى لتحقيق ذاته مثلي قفل هذه المصادر صنبور التصريحات والحوارات مما يهدده بالفشل ووقف الحال في جريدته ... كان علي دوما أن أجيد سياسة التوازنات لكنني لم أكن أجيدها على الإطلاق .. كنت شرسا وعنيدا ومتحديا... وكنت بين المطرقة والسندان ... مطرقة الحصول على السبق الصحفي وسندان اتهامات مسئولين وأعضاء في الجماعة بالعمالة للأمن وبالعداء للجماعة ومحاولة إيقاع الضرر بها لكني كنت اختار السبق حتى لو ضربت يداي المطرقة .
فكثير من القيادات التنظيمة الإخوانية تعتقد أن الأمن يقف محركا وموجها بل وآمرا للميكنة الإعلامية التي يبسط خيوطه عليها لشن حرب هوجاء وسافرة على الجماعة، ونتيجة لهذا التصور يتم إسقاط كل من ينتقد الجماعة في سلة الخادمين لأهداف الأمن "عدو الجماعة" ويغض رجال الجماعة الطرف عن أن الغالبية من منتقديها ينتمون إلى تيارات وطنية لا يستطيع أحد أن يجردها من إخلاصها ووطنيتها وصدق نيتها، وحتى لو شنت هذه الإقلام هجوما على الجماعة فهو حقها ولا أحد يملك الحق في إخراسها تحت وطأة الضغوطات النفسية الناتجة عن مقولات ترويجية تهدف إلى إعطاء اعتقاد بأن الحملات الإعلامية ضد الجماعة تقف ورائها الأجهزة الأمنية .
مع أن هذا التنظيم هو من وضع الجماعة في مرمى " الضربات الإعلامية ".. فالتنظيم لا يرى لأحد الحق في معرفة ما يدور بداخله ويعتبر الكتمان في حد ذاته جزءا من عقيدته الدينية شكل هذا جزء خطير وهام من المكون النفسي للجماعة وأضاف عليها صفة "المجهولة " وأضفى عليها هالة من القداسة بحيث اعتبرت أن مجرد انكشاف مشكلات وخلافات واختلافات داخلها يجرح هيبتها وعورة تحاول سترها عن قواعدها ومجتمعها .
في الوقت ذاته بعدت عدسة الإعلام ومرصد الباحثين وسنان أقلام كتاب ومفكرين وصحفيين - يشكلون نخبة الأمة والعاملين في الدائرة الإعلامية الأكبر والبعيدة عن الدائرة الأصغر المشتبه فيها - عن حقيقة الوضع الداخلي للجماعة وما يدور داخلها فطاشت كثير من الكتابات والتحليلات التي كانت من الممكن بل من الأكيد أن تفيد الجماعة لو امتلكت هذه النخبة معطيات حقيقية عن أوضاعها .
في الوقت ذاته أيضا كان المخفى عنه المفترض ( أجهزة الأمن ) يعرف كل ما يدور داخل الجماعة باعتراف مرشد الجماعة نفسه في حوار منشور في هذا الكتاب ونشرته جريدة "الدستور المصرية " والذي صرح فيه أن كل ما يدور في مكتب الإرشاد مسجل صوت وصورة على الهواء مباشرة من قبل أجهزة الأمن وأن ما يدور من مشادات بين أعضاء المكتب تنشره الصحف في اليوم التالي مباشرة.
ومن هنا توجه الضربة الإعلامية للجماعة بقسوة وبمنتهى السهولة على يد بضعة صحفيين -لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة ويعملون في صحف معدودة - يحصلون على المعلومات من الأجهزة الأمنية مباشرة بعد أن تخرج هذه الأجهزة لسانها للتنظيم "المحكم والقوي والعفي الذي جعل من مجرد انتزاع معلومة من بين فكيه سبق صحفي يشاد به " وبعد أن يعبث الصحفيون بالمادة المسربة إليهم فتخرج تشوه بحق صورة الجماعة ويصدق على الجماعة المثل القائل "اللي يخاف من العفريت يطلع له" هذا إذا كان العفريت عند الجماعة هو أجهزة الأمن وليس قواعدها.. وتضيع الحقيقة بين التكتم الإخواني وبين الأغراض الأمنية وتبقى الجماعة مجهولة في عيون قواعدها وشعبه
التنظيم ..أزعم أنه هو الذي كسر أجنحة الجماعة الإعلامية وليس الأمن.. فالتنظيم لم يرد في ذهنه فكرة النهوض والإسهام في بناء وتطوير واقع مهنة الصحافة بشكل عام وأن يفرخ من محاضنه كفاءات صحفية تساهم في تشكيل وعي الأمة لكن ظل دوما ينظر للإعلام ويتعامل معه على أساس أنه قنطرة تدعوا للتعاطف معه والاستقطاب إليه دون الدخول في معارك تهدف في النهاية إلى خلق حالة من البحث عن الحقيقة تصب في صالح الأمة.