كتاب " الإرهابي الأخير " ، تأليف فوزي ذبيان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ووما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الإرهابي الأخير
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الإرهابي الأخير
7
دوستويفسكي وعلى الرغم من أنه دوستويفسكي، جال ببصره في أرجاء الصوت المنبعث من عدة أمكنة مذعوراً.
مذعوراً؟ ... لعل الكلمة لا تليق بهيئة دوستويفسكي وقد تلبس لبوس التجهم والغضب والعنف المكبوت.
فإذن، جال دوستويفسكي ببصره في أرجاء الصوت المنبعث من عدة أمكنة متلهفاً. متلهفاً وحسب.
"سحقاً لك ولهاتين الخصيتين الكبيرتين." وكأن الهر... التفت إلى دوستويفسكي، برم رأسه نصف برمة ثم سار مبتعداً عن المتلهف باستخفاف مقصود. نقل دوستويفسكي خطواته بحذر متوجهاً إلى حيث الهر. أما المتواري، وفي خضم خطوات دوستويفسكي، كان يحذر الهر أن لا يستفز الضيف العزيز كما قال وقد انبعث صوته من عدة جهات متلعثماً.
"ما يستفزني جبنكَ لأن تظهر أمامي يا صاحب الوقت الأسود." لم يرد صاحب الصوت على ضيفه العزيز بكلمة واحدة أو حتى بـ... لكنه الآن وقد استشعر خطر غيظ دوستويفسكي وحنقه العارم أحَّ علامة الخوف أو ربما علامة التجنب أو لستُ أدري ماذا، لكنه أحَّ وحسب.
بقفزة واحدة كان الهر الرمادي صاحب الذنب المنصرم والخصيتين الكبيرتين يصارع أصابع دوستويفسكي القوية محاولاً غرز أظافره في أي بقعة لحم. جحظت عينا الهر وكادتا أن تقفزا من وجهه لما صرخ الرجل متوسلاً دوستويفسكي أن يترك كافكا... أن لا يقتله. قرّب دوستويفسكي فمه إلى رأس الهر هامساً في أذنه بحزم أن يدله على مكان سيده التعيس وإلا!!
تحول الهر بلمحة بصر إلى جثة بين يدي دوستويفسكي القاسيتين. رمى به فوق كنبة كانت بقربه ليسقط بعدها على الأرض محدثاً جلبة تتوافق مع حجمه الكبير. الهر وقد صار فوق الأرض بما فيه الكفاية، قفز من مكانه واثباً لينظر إلى دوستويفسكي بلؤم ويتبعثر كأنه لم يكن.
"تباً لك من روائي مجرم، لقد قتلت كافكا العزيز"، ثم أجهش الصوت بالبكاء. جعل دوستويفسكي ومع نحيب الصوت وولولته العمياء يشقلب أغراض المكان وكأنه يريد أن يباغت هذا الصوت.
كأني بالصوت قد تحول مع هذا المتلهف إلى شيء ملموس يجب إلقاء القبض عليه وترويضه وربما معاقبته أو زجه في الأتون. صارت أشياء المكان نصوصاً دوستويفسكية بامتياز، نصوصاً يصعب جداً التكهن بردات فعلها وبمواقفها الأصلية. إنها أشياء مشقلبة فقط، أشياء في طور الماسوف ينعجق أكثر، في طور الانبناء والانهدام في آن معاً. كثيرة هي الأواني التي حطمها دوستويفسكي في سورة غضبه، وهذه الأخيرة أقولها بهمس. كل شيء صار كل شيء، تغيرت معالم البيت بشكل كبير بينما الصوت يزاول ولولته العمياء ويندب بين الفينة والفينة كافكا، أو كافكا الشهيد كما قال في إحدى المرات.
صار الصوت يهسهس بين جنبات المكان المحطم. أما دوستويفسكي فقد جلس يتأمل شظايا غضبه وهدأة الصوت المفاجئة ثم أغمض عينيه واستسلم إلى نوبة نوم سنحدثكم عنها بعد حين.