أنت هنا

قراءة كتاب تكنولوجيات للتعليم والتعلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تكنولوجيات للتعليم والتعلم

تكنولوجيات للتعليم والتعلم

كتاب " تكنولوجيات للتعليم والتعلم " ، تأليف مارسيل لوبران ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

ترتبط الركيزة الأولى بالدور الذي يجب على المدرّس، مستخدم تكنولوجيّات التربية الحديثة، أن يلعبه. فعليه أن يحّول دوره شيئاً فشيئاً من ناقل للمعارف إلى موجّهٍ وموردٍ غنيٍّ لها. وهكذا نجد دوره قد تعزز مع قدوم الـ (NTIC) ، على خلاف ما أوحى به بعضهم، كون مهمته أكثر إبداعاً وأكثر علائقيةً؛ فالمطلوب منه خلق بيئاتٍ مؤاتيةٍ لتعلّمٍ ذاتيٍّ حقيقيٍّ أو تعلّمٍّ بالمشاركة. ويعني ذلك توجيه التلاميذ لتكوين معرفتهم، بصورةٍ أسهل وبالتدريج، من خلال التفاعل (وهذه كلمةٌ رئيسيةٌ في هذا العمل)؛ لقد أصبح أكثر من أي وقت مضى مديراً للعلاقات، ليس فقط بين مختلف العناصر الفاعلة داخل الصف المجموعة، بل أيضاً مع البيئة التي أوجدها، من أجل تعلّمٍ وتثقّفٍ أفضل.

وتكمن الركيزة الثانية في استخدام التكنولوجيا لمساعدة المتعلّم، في الانتقال من المعارف "التلقائية" (أو "المدركة حسِّياً" بحسب التعبير الأنجلوسكسوني)، إلى المعارف "المعالجة يدويّاً" (أو تعاليم)، وفي انتقاله مجدداً من المعارف "المدركة حسّياً" إلى المعارف "المتكاملة"، وهي عبارةٌ عزيزةٌ على قلبي. فإن أحسن استخدام أداة المعلوماتية فبإمكان هذه تقديم تسهيلاتٍ تنشئ حالات محاكاةٍ، يمكن أن تبدّل ثوابت المواقف، كما يمكن أن تضع مجدّداً قوانين ونماذج ونظريات. وهي تسمح بأن يلعب المتعلّم "دور الرافض" للإجراء العلمي، وبالانتقال الدائم بين المحسوس والمجرّد. كما تسمح للمتعلّم بأن يربط بسرعةٍ أكبر العناصر الجديدة بالأفكار السابقة الموجودة في بنيته المعرفيّة الخاصّة وهذا بدوره يحدد ماهية التعلّم بحسب علماء التربية الحاليين.

أمّا الركيزة الثالثة فنجدها في مفهوم تبادل النشاط، الذي اعتبر "كحالةٍ كامنةٍ تحرّكها المواقف التربوية والتعليمية حيث تدخل المعارف وخصوصاً المتعلّمين والمدرّسين في وضعيةٍ تفاعليّةٍ". يقتضي الأمر إذاً "تجاوز تبادل النشاط الوظائفي البسيط الذي تقدّمه لوحة المفاتيح والشاشة للوصول الى تبادل نشاطٍ علائقيٍّ يسمح ببلوغ معارف جديدةٍ من خلال الأشخاص الذين يبنونها ويَحيَونها". وهو تجاوزٌ "لتبادل النشاط الارتكاسي" البسيط المبني على ردات الفعل حيث "ينتظر الحاسوب إستجابةً محددةً لمحفزّ يطلقه" (وكأننا في برنامجٍ تدريبيٍّ)، إلى "تبادل نشاطٍ سابق التأثير" حيث "يبادر المتعلّم إلى إقامة بنيانٍ شخصيٍّ بحسب سياقٍ يحدده له الحاسوب" (كما في برنامج محاكاةٍ)، وحتى إلى تجاوز هذا النمط من تبادل النشاط إلى "تبادل نشاطٍ علائقيٍّ" حيث "يدعو الحاسوب المتعلّمين إلى أعمالٍ تعاونيةٍ ويضع تحت تصرّفهم موارد لهذا الغرض".

وتستند الركيزة الرابعة إلى ما أسماه المؤلّف "نموذجاً تركيبياً ذا مركباتٍ خمسٍ" يقضي ببناء آليّة تبادل النشاط التعليمي والتعلّمي، بمساعدة التقنيّات، على المركَّبات الخمس التالية، وهي: التحفيز، من خلال الإطار العام، نمط المهمة المقترحة والبيئة التعليميّة المنتجة؛ الإعلام، وهو ما يمكن للـ (NTIC) توفيره بسهولة؛ ألتحليل، وهو ما يفترض ممارسة مهاراتٍ ذات مستوىً عالٍ؛ التفاعل، ليس فقط مع الأدوات التكنولوجية لكن مع العناصر الفاعلة الأخرى أيضاً؛ والإنتاج وهو ما يتعلق مباشرةً بالبناء الشخصي. يهدف هذا النموذج إلى نقل التكنولوجيا من صيغة تكنولوجيا التعليم إلى صيغة تكنولوجيا الإعداد وتتعدى ذلك أيضاً إلى صيغة تكنولوجيا التربية، ما يعتبر ضرورياً إذا ما أخذنا الإنماء الدائم لكل البشرية كهدفٍ على المدى الطويل.

لقد أظهرت هذه الركائز بأن الكتاب، مع عدم إهماله للنواحي التقنية (وهي عديدةٌ وهامةٌ)، يتجاوز الأمور العرضية والطارئة كي يطرح "المسائل الحقيقية" ويرسم الطريق نحو إجاباتٍ ملائمة.

إذاً فإن الكتاب لا يتوجه إلى تقنيّ يدرس وسائل الإعلام المتعددة بقصد زيادة معارفه التقنية؛ إلا أنّه يمكن أن يثير اهتمامه فيما إذا حاول أن يعطي معنى لمعارفه في هذا المجال. ثم إنَّ هذا الكتاب لا يتوجه أيضاً إلى المدرّس الذي يستند مفهومه عن التعلم إلى فكرة نقل وجمع المعلومات ليس أكثر؛ بل على العكس، فهو سوف يُثير اهتمامه إذا كان توّاقاً لأن يعرف كيف يمكن لتكنولوجيا التربية الحقيقية أن تسهّل عمل المتعلّم في البناء التّدريجي لمعرفته أي مهاراته ومعرفته المكتسبة، بل أيضاً معرفته المرتقبة، وكيف يمكنها أن تكون أداة مميّزة في خدمة الإعداد، وحتى في التربية.

وبشكل أوسع فإن الكتاب سوف يثير اهتمام المعدّين الذين سوف يجدون فيه، ليس فقط أمثلةً عديدةً على الاستخدام الهادف والمؤطّر لوسائل الإعلام المتعدّدة التربوية، بل سوف يعطونه إطاراً مرجعيّاً لتحديد استخداماتهم المتنوعة والمحتملة. أمّا في ما خصّ أصحاب القرار من ذوي التّجارب السابقة والخائبة في مواضيع المرئي والمسموع، والمعلوماتية وغيرها فإنهم سوف يجدون فيه مرشداً يوجّههم لتحديد سياساتٍ ملائمةٍ على الأمد المتوسط والبعيد وذلك بعيداً عن نزوات الموضة وتطور التقنيات والصعوبات المختلفة...

لا بدّ أن يكون القارىء قد فهم عند اطّلاعه على هذه الأسطر، كم تبدو أسباب تمنّعي في البدء عن تقديم هذا المؤلّف، ضعيفةً أمام نوعية ما حمله عمل مارسيل لوبرون. وأرجو أن تجد كل هذه الأسباب عذرها في عيون القرّاء أيّاً كان دورهم في النّظام التربوي وفي الإنماء الاجتماعي.

جان ماري دو كيتيل

الصفحات