كتاب " تكنولوجيات للتعليم والتعلم " ، تأليف مارسيل لوبران ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب تكنولوجيات للتعليم والتعلم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

تكنولوجيات للتعليم والتعلم
1 . الحــوافـز
قبل وصف مجمل المنجزات والطرائق، سوف نحاول أن نفسِّر سبب الأهميَّة التي نعطيها في بعض الحالات للتكامل المتبادل ما بين المعلوماتية كأداةٍ أو موضوعٍ تعليميٍّ وتعلُّم العلوم والتقنيَّات.
غالباً ما يشبه تعليم العلوم محاولةَ تقديم شكلٍ متماسكٍ و"إواليٍّ" لمجموعة قواعد يفترض فيها عرض عملٍ ذي طبيعةٍ مضبوطة. لأجل ذلك، من الضروري مع الأسف أن نتحدَّى المفاهيم المسبقة وما اعتبر أنَّه جرى اختباره سابقاً لدى الطالب (2) وحالات التردد عند الباحثين وضياعهم، وأن نستبدل تجارب المتعلِّم بتجارب عقليَّةٍ أكثر ملاءمةً، كما نستبدل تاريخ العلوم ومسار الخطوات العلميَّة بطريقٍ ملكيٍّ مستقيمٍ، وأن ننقل أخيراً موضع العلوم إلى خارج الواقع المعاش (3). إنَّ منتجي المعرفة، يساهمون هم أيضاً، كما تظهره مجمل الكتابات العلميَّة، في وجود هذا الواقع: فهم يبعدون بذلك نتائجهم عن الشخصانيَّة والإطار المحدد الخاص كما عن عنصر الزمان، قدر الإمكان وبأفضل الطرق (4).
سوف نرى في النقطة الخامسة من الفصل الخامس، أنَّه في حال كانت هذه المعرفة غير المحددة الإطار ذات شكلٍ يمكن حمله ونقله ويسمح بتعميم المعرفة، فإنَّ استخدامها لغايات التعليم يستوجب تذكيراً بالإطار الذي أخذت منه هذه المعرفة، وحيث يفترض فيها أن تعمل.
غير أن خبرتنا كمدرِّسين تظهر أن:
عرض عناصر المعرفة بطريقةٍ بنائية ومتماسكةٍ لا يبدو كافياً لإيصال طلّابنا إلى تنظيم معارفهم الخاصَّة وتنميتها. هل يمكن بالتالي أن نصل إلى استخلاص الغاية والوسائل؟ إن حل التمارين المقترحة للطلاب يظهر بوضوحٍ أكبر وجهة النظر هذه، إذ أن الأمر يتعلَّق غالباً بوضع المتعلِّم بمواجهة المشكلة، وقد جرى إيضاحها و"تعقيمها" بما يكفي كي تقودنا النظريَّة التي وضعت قبل حين، وطبِّقت بصورةٍ ملائمة، إلى إعطاء الإجابة المنتظرة. كذلك فإنَّه غالباً ما تشكِّل الأعمال التطبيقية في المختبر هي أيضاً، إثباتاً بسيطاً او تأكيداً للنماذج التي اعتمدت سابقاً أثناء حصص شرح الدرس.
بصيغة أخرى، فإنَّ المقصود هو تحويل المعارف العلميَّة المعقَّدة لدى جمهور الباحثين والمجتمع العلمي إلى صورةٍ حسَّيةٍ، أو إعادة تأطيرها. مع هذا فإنَّه ينبغي أن نلاحظ أنَّ عمل الباحثين والمهندسين يسلك طريقاً معاكساً، أي أنَّهم يبدأونه من خلال بناء النموذج أو النظام القادر على إعطاء "الإجابة" المنتظرة أو يقدِّمون عرضاً للسلوكيَّات التي جرت ملاحظتها، في أحسن الأحوال.
إن النتيجة غير الملائمة غالباً ما تكون إنقلاباً للنظريّة العامَّة في أشكالٍ متعدّدةٍ من الطروحات يصعب جداً إعادة توحيدها وتأطيرها من قبل المتعلِّم (أنظر المرجع 3).
لقد أجريت اختباراتٌ (5) على طلَّابٍ في نهاية المرحلة الثانويَّة أظهرت أنه في حال توصَّل 82% منهم إلى تطبيق نظريَّة فيتاغورس (Pythagore) في المثلَّث ذي الزاوية القائمة، فإن قسماً منهم فقط أي:
* 58% أحرزوه من خلال احتساب خط الزاوية (Diagonale) في المربَّع،
* 52% من خلال احتساب مجموع المربَّعات للجيب (Sinus) ولجيب التمام (Cosinus) لزاويةٍ معيَّنة؛
* 40% من خلال مثلَّث ذي زاويةٍ قائمة على أساس اعتباره مساوياً لنصف مثلَّث متساوي الضلعين؛
* 30% من خلال احتساب المسافة انطلاقاً من نقطةٍ محدَّدةٍ بالإحداثيَّات (Y, coordonnées X) ؛
* 28% من خلال احتساب معادلة الدائرة ذات شعاعٍ محدَّد؛
من هنا يبدو مفيداً أن نهتمَّ كفايةً بمنح الطلَّاب فرصاً لتمثُّل معارفهم، والوسائل التي تسمح لهم بإضاءاتٍ متنوِّعة على المفهوم عينه بغية الوصول الى المضمون الأساسي. ولا ريب أنَّ تبنِّي أسلوبٍ يعتمد أكثر على الاستقراء والمشاركة، قد يساعد كثيراً في حلِّ المسائل، أي كيفية طرح المسألة وكيفية إيجاد الأسئلة المناسبة حولها وليس فقط إيجاد الحلول، وكيفية إيجاد داخل الطرق المعتمدة المقاربات الأكثر ملاءمةً للنماذج والنظريَّات، ومراقبة حدودها ودرجة انطباقها وإثبات صحَّة الحلول المحققة من خلال طرقٍ بديلة، والغوص بالعمل وإحسان تحمُّل مسؤوليَّة المهام...
وتحتاج هذه الخطوات إلى أدواتٍ سريعة الاستجابة تسمح ببناء لوائح بيانات وتحليلها، واختبار الفرضيَّات ووضع المخططات، الخ.