كتاب " تكنولوجيات للتعليم والتعلم " ، تأليف مارسيل لوبران ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب تكنولوجيات للتعليم والتعلم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

تكنولوجيات للتعليم والتعلم
تمهيد
يعود النّص أدناه إلى عقدٍ مضى، وقد هدف إلى عرض مختلف استخدامات أدوات المعلوماتية في تعليم وتعلّم العلوم؛ ومع أن الأمر كان يدور حول وصف ما يمكن للمدرّسين والطلّاب عمله بهذه الأدوات إلّا أنّ المقصود من خلال التصرّف بها فعليَّاً إنّما هو معرفة حالتي النّقل والاكتساب. وتشكّل اداة المعلوماتية، بواسطة البرامج التّي تطبّقها، جسراً أو وسيلة ربطٍ بالمعنى الحرفيِّ للكلمة: بين الأشكال المتنوّعة للمعرفة وبين مختلف مستويات فهمها واستخدامها؛ كذلك بين الواقع الحسّي المطلوب إدراكه والأشكال التي سبقت الإشارة إليها. كما يتعلّق الأمر، وبطريقةٍ منظّمةٍ آليّاً، بالكلام حول العلاقة ما بين المدرّس والمتعلّم اللذين يتحكّمان بالمعرفة معاً.
ونستطيع القول، إذا ما استخدمنا مفردات ديانا لوريّار (1) (Diana laurillard) ، أنّ الحاسوب يسهِّل، حين نستعمله بهذه الطّريقة، الرّبط بين اختبارات المستوى الأوّل (وهي اختبارات العالم الحسّي، التي تشكّل ينابيع المعارف الفوريّة (earning of-‘‘percepts’’ in everyday life) ، واختبارات المستوى الثّاني (حيث يتمّ التحكُّم بتمثّلات العالم الحسّي واختبارها (Learning of ‘‘percepts’’ in unnatural environments in education) .
إنّ التّركيز الأساسي على المعارف وعلى نقلها واكتسابها، يجد مصدره في نظامنا المعتمد للإعداد والتّعليم وفي المنهج الفكري والنموذج اللذين كانا يحرّكان الأفكار حول التّعليم: فقد كان التّعلّم متمحوراً حول المدرّس المتخصص في موضوعه، والّذي كان يهدف أساساً إلى إبراز المعرفة الواجب اكتسابها لدى الطّالب. وعليه فلا يجدر بنا أن ندهش للأهمَّية المعطاة للمختصِّين في طرائق التعليم، في الصفحات التالية (وهم أولئك المهتمّون بتحويل المعرفة العلميّة الصعبة المنال إلى معرفة قابلة للإدراك والفهم وبملاحظة وتحليل التأثيرات التربويّة لهذا التحويل). إنّ مسألة الكيفية (أي كيفية نقل المضمون العلمي وتوضيحه، وكيفية قياس نتائج التعليم) التي ما زالت تحتفظ بكامل أهميتها، هي التي كانت سائدةً حينذاك.
ثمّة كلمةٌ أخيرةٌ قبل البدء: إنّ الاستخدامات الخاصّة والمبتكرة لبرامج الاستعمال المكتبي المعروضة في القسم 2.2 سبق أن طوَّرتها بنفسي وتعدُّ في أكثر الأحيان تمارين مؤطَّرةً للتعلُّم على أدوات المعلوماتية. كما أني قمت بتطوير غالبيّة البرامج المعروضة في القسم 2.3 وهي تدور حول الرياضيّات والفيزياء، أي المادّتين اللتين شكّلتا موضوع إعدادي الأساسي واللتين أصبحتا محور أعمالي حول " التعليم بواسطة الحاسوب". كما أنّي أرى أن تطوير واستخدام وتقييم البرامج المخصصة للتعليم يتطلّب معرفةً عميقةً بمضمون الاختصاصات التي تخدمها هذه البرامج؛ هذا الأمر ينسحب على جميع الأعمال التي تهدف إلى تبسيط المعارف وجعلها بمتناول العامّة. ومع ذلك فقد وددت إضافة بعض النماذج لبرامج من مواد علميّة أخرى كالكيمياء وعلم الأحياء، وذلك على سبيل المثال، مع بعض التعليق عليها. وسوف يقوم المختصّون، بهدف التمرين، بملاءمة الطرق والتجهيزات التي اقترحها مع الأدوات التي أضعها بتصرّفهم.
إنّ حضور المعلوماتية في مختلف قطاعات النشاط، السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة في مجتمعنا لهو أمرٌ مؤكّدٌ لا يحتاج حاليّاً إلى إثبات. إنّما القول بأنّها مفهومةٌ بصورةٍ جيّدةٍ ومتكاملة، يتطلّب بالتأكيد بعض الشرح والحذر خصوصاً إذا ما حاولنا دراسة أثرها في عالم التربية المحميِّ جيّداً بحيث يصعب الوصول إليه.
ثمَّ إنَّ بعض الناس يصرِّح لنا دون مداراةٍ بأنَّ ثورة المعلوماتية في نهاية القرن العشرين سوف تحلُّ مكان اللغة اللاتينية العريقة على مستوى تنمية القدرات المعرفيَّة لدى الطُّلاب، وإنَّ الذين يجهلون خفايا القرص الصلب للكمبيوتر عند بزوغ فجر الألفيَّة الجديدة، سوف يعدُّون من أميّي الغد.
من ناحية أخرى يعدنا بعضهم "بمجزرة عقلية" تصيب مستخدمي الأزرار، حيث البحث المجنون عن الإنتاجيَّة في كلِّ نشاط مهما صغر، سوف يقود إلى تصحُّرٍ ثقافيٍ حقيقي.
إن ما سوف نهتم به في هذه الوثيقة هو وصف النشاطات الواعدة أو الراهنة كما نراها في مدارسنا وفي بعض الكليّات الجامعيَّة.
لقد قام المؤلّف بتطوير غالبيّة البرامج والطرائق المشروحة خلال هذا النّص، بمشاركة مختبر الطّرائق التّعليميّة لمادّة الفيزياء والتّعلّم بواسطة الحاسوب EAO في كليّة العلوم لجامعة لوفان الكاثوليكيّة UCL وتمّ اختبارها في الحلقة الجامعيّة الأولى ومن قبل أساتذة التّعليم الثّانوي الّذين كانوا يشاركون في نشاطات المختبر.
وسوف نقترح في ما يلي، كما سوف نرى لاحقاً، خطوط عملٍ تعاونيِّ بين مختلف المواد التّعليميّة من جهة (العلوم و التكنولوجيا والمعلوماتية) ومختصّي طرائق التّدريس لهذه المواد وعلماء التّربية وذوي الخبرة من الحضور وفي قاعات المحاضرات من جهة أخرى. في هذا السّياق استفادت هذه الوثيقة من النّصائح الكثيرة الموجّهة من قبل أعضاء مختبر التّربية التّطبيقيّة في كلّيّة علم الّنفس وعلوم التّربية في جامعة لوفان الكاثوليكيّة، فلهؤلاء الشّكر.
ربّما يحتاج الأمر كذلك إلى ملء الفراغ الحاصل بين العلم ومظاهره الأكثر حسّيّة في المجتمع والعائلة، وبين مشاهده التي تعرضها الوسائل السّمعيّة البصريّة وتعليمها والأبحاث حولها.
ومع أنّ أغلبيّة الأمثلة منبثقة من ميدان الفيزياء إلّا أنّنا سوف نرى أنّ العديد من الخطوات والطّرائق المقترحة يمكن تطبيقها في ميادين أخرى.
لقد بني النّص أدناه لتحقيق غرضين: أوّلهما عرض حوافزنا بصيغة تأمّلاتٍ وأفكارٍ تتعلّق ببناء العلوم مثلما نحياها في مختبراتنا، و تعليم العلوم كما نحن بصدد تفعيله وتحقيقه وكما نفهمه من خلال الكتب والمناهج والبرامج الدراسيّة، وثانيهما عرض بعض منجزاتنا على أن تثير هذه الاختبارات اهتمام المدرّسين وتكون أساساً للبحث حول الأثر النّوعي لهذه الطّرائق في التّعليم والتّعلّم.