أنت هنا

قراءة كتاب أبو القاسم الشابي - حياته وشعره

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أبو القاسم الشابي - حياته وشعره

أبو القاسم الشابي - حياته وشعره

عندما شرعت بالكتابة عن أبي القاسم الشابي، كنت أعرف، أن عدداً من الكُتّاب والمؤلفين والباحثين كتبوا عنه، وبجدية عالية، ولكنني عندما راجعت هذه المؤلفات وتمعنت فيها وجدت أن كل واحد تخصص في جانب معين، فبحث فيه واستقصاه قدر استطاعته وإمكانياته، ورأيت حينها أن ال

تقييمك:
4.5
Average: 4.5 (2 votes)
الصفحة رقم: 10
الفصل الثاني وعنوانه: الخيال الشعري والأساطير العربية.
 
تحدث في بداية هذا الفصل عن تاريخ الخيال الشعري في الأساطير العربية وأوضح أن هذا التاريخ لم يحفظ إلا شيئاً يسيراً من الأساطير العربية لا يستطيع الباحث أن يطمئن إليه بمفرده، ولم يجمع في كتاب خاص كما هو في أساطير الأمم الأخرى، وهو عبارة عن نبذ متفرقة بعضه متصل بعقائد العرب قبل الإسلام وبعضه متصل بعاداتهم وبعضه متصل بتاريخهم القديم. وبين أن الرواة لا يحملون وزر هذا. وأن العرب لم يقيموا لهذا الفن وزناً، وقد تغنى به شعراء الجاهلية في أشعارهم كما تغنى به شعراء اليونان والرومان قبل مجيء المسيحية.
 
وقد قسم الشابي هذا التاريخ إلى قسمين:
 
القسم الأول: الأساطير الدينية، ويندرج تحته ما كان من عادات العرب وهي عقائد متحجرة بمفعول الزمن، وهو ما اقتصر الحديث عنه، ذلك أنه يتحرى الخيال الذي يتعرف به على حقائق الكون الكبرى، ولأنه يتحرى معرفة حظها من الخيال الشعري، وهذا غير متوفر في الأساطير التاريخية الذي يندرج تحت القسم الثاني الذي يرتبط بالتاريخ العربي القديم. ولذلك لم يتعرض لأخبار عمرو بن عدي وشق وسطيح وطسم وجديس، ولكنه بحث في الأساطير الدينية وما متّ إليها بسبب متين.
 
أما الأساطير الدينية عند العرب، فقد قدم رأيه فيه بأن لها وضاءة الفن وإشراق الحياة، فمن المحال أن يجد الباحث فيها ما يقع عليه في أساطير اليونان والرومان من خصب الخيال الجميل ومن تلك العذوبة الشعرية التي تنفجر منها الفلسفة الغضة الناعمة، فالآلهة العربية لا تنطوي على شيء من الفكر والخيال أو تمثل عاطفة من عواطف الإنسان، وإنما هي أنصاب بسيطة ساذجة شبيهة بلعب الصبية وعرائس الأطفال، وهي لا ترمز لمعنى من المعاني السامية وإنما هو أقرب إلى الوهم.
 
فقد عبد العرب أرباباً متفرقة، وآلهة كثيرة، ولم يعبدوها بعد تفكير عميق وإنما عبدوها لأحد أمرين: إما تأليه الأجداد أو تقليد غيرهم من الأمم وبعبارة علمية أنهم عبدوها لا لتشخيص ما فعلوا وإنما كانت عبادة الأموات على الأكثر ولذلك خلت أساطيرهم من الخيال الشعري باستثناء أسطورة النجوم فإن عليها شيئاً من وضاءة الشعر ونضارة الخيال.
 
عبد العرب أساف ونائلة واللات والعزى ومناة ويغوث ويعوق وسواع ونصرا، وكانت لهم فيها نظرات خاصة ومختلفة وقد نصبوها حول الكعبة لقوم من صلحائهم بعد موتهم على سبيل الذكرى فانقلبت الذكرى إلى عبادة بطول الزمن.
 
كما عبدوا الشمس فقالوا عبد شمس وعبدوا المشتري فقالوا عبد المشتري وسموها آلهة وزعموا أنها تهب الإنسان جمالاً وحسناً، وأنهم أخذوها عن الآشوريين كما أخذوا عبادة ثالب وأضر وهبتون وعشتر. وكان إذا أثغر صبيتهم أخذ سنه بين السبابة والإبهام واستقبل الشمس قائلاً يا شمس بدليني بسن أحسن ولتجر في ظلمها آياتك. قال طرفة:
 
أسقته إياة الشمس إلا لثاته
 
أسفاً ولم تكدم عليه بأثمد
 
وقال غيره:
 
بدلته الشمس من منبته
 
برداً أبيض مصقول الأشر

الصفحات