أنت هنا

قراءة كتاب ما بعد ماركس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ما بعد ماركس

ما بعد ماركس

كتاب " ما بعد ماركس " ، تأليف د. فالح عبد الجبار ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
مهدي، يا صديقي إليك أهدي هذه الأوراق

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

بعد تحديده لمفهوم القانون (أو الشرائع) الوضعي باعتباره «عقل الإنسان»، يبدأ مونتسكيو بحثه في اسشتقاق القوانين من «طبيعة الحكومة» أو حسب تعبيره «مبدأ كل حكومة»، فهو العنصر الحاسم، والمنبع الأصلي الذي تتفرع عنه المسارب الأخرى، سواء نزولاً إلى المجتمع فالأسرة والفرد، أم صعوداً إلى العائق بين الدول.

إن شكل الحكم (شأن روح الشرائع) يتحدد بمركّب عوامل متنوعة: خصائص الشعب المعني (الاخلاق، العادات، الدين)، ثم سبل عيشه (أو نمط الإنتاج المحدد: زراعة، صيد، رعي، تجارة)، ثم الخصائص الطبوغرافية (المناخ، تضاريس الأرض، الموقع)، ثم مستوى التطور الاقتصادي الاجتماعي، ــــــ حجم الثروة، عدد السكان) إلخ. وسيجد في هذا التعيين المركّب من حتمية ثقافية، وحتمية جغرافية، وحتمية اقتصادية، منبعاً لتعيين تنوعات هائلة في نظم الحكم، ومبادئه، وبناه المؤسساتسة، وتقاليده، وقواه الاجتماعية. إن نظام العلاقات الضرورية التي يطلق عليها اسم الشرائع، تندغم عنده، شأن بنية الدولة، في كل الأبعاد المذكورة.

يجد دارس مونتسكيو أن لديه حشداً من الدول يغطي القارات، أميركا، فرنسا، انجلترا، اسبانيا، السويد، روسيا، هولندا، ايطاليا، تركيا، اليابان، الصين، افريقيا، أو التاريخ: روما، أثينا، بابل، قرطاجة، الآشوريون، أسبارطة، إلخ.

لكنه يركز على خمسة نماذج أساسية: الجمهورية الرومانية ودولة المدينة الإثينية، الامبراطوريات الاستبدادية الشرقية (تركيا العثمانية)، النظام الملكي الفرنسي، النظام الملكي البريطاني.

يبدأ تنميط مونتسكيو للدولة من حيث أشكال الحكم: جمهوري، ملكي، استبدادي. ثم يعمل على توسيع هذا التنميط الأساسي بتنميطات ثانوية من أسلوب الحكم (ديمقراطي، أرستقراطي)، إلى المبدأ الأساسي للحكم، إلى أشكال تنظيم المؤسسات في الدولة (فصل إو دمج السلطات)، إلى أشكال التنظيمات الوسيطة الواقعة بين الدولة والمجتمع، والطبقات التي تشغل هذه المواقع.

وبقدر ما يتعلق الأمر بهذه الدراسات المقارنة يمكن القول أنّ المقايسات والمقارنات ذات ثلاثة أبعاد.

البعد الأول هو البعد الحضاري، أي المقارنة بين الدولة في الشرق والدولة في الغرب.

والبعد الثاني بعد تاريخي، هو مقارنة أوروبا الحديثة (في زمانه) بماضيها، بروما القديمة أو أثينا.

أما البعد الثالث فيعتمد مقارنة داخلية إن جاز التعبير بين النموذج الفرنسي والنموذج البريطاني، المتمايزين مؤسساتياً واجتماعياً واقتصادياً، وإن كانا يندرجان في نمط «المجتمع التجاري» أي المجتمع الرأسمالي الحديث.

ورغم الطابع الحقوقي في سِفْر مونتسكيو، فإنه يقدم نظرة أرحب إلى الدولة، وبخاصة بعدها المؤسساتي وعلائقها بمختلف الطبقات. وأن هذه الأبعاد نفذت، في حدود، إلى معالجات هيغل.

لكن ما يهمنا في هذا الصدد، الالماح إلى سعة وشمول نظرة مونتسكيو إلى تنوع الدول، وضيق ومحدودية تنميط الدولة، المختزل في كلاسيكيات ماركس.

نعود إلى حيث انطلقنا.

لم يترك لنا ماركس إرثاً كافياً في مجال دراسة الدولة، بل خلّف حقولاً فارغة، تتعلق بتشكل الدول الحديثة في أوروبا، أو في الشرق: اليابان، مصر، تركيا العثمانية. لقد عاصر ماركس ثورة الميجي اليابانية، واطلع على إصلاحات محمد علي، وكانت التنظيمات العثمانية الأولى قد بدأت في حياته.

لكن عينه بقيت لصيقة بأوروبا، بل بدولها الأرأس: فرنسا، بريطانيا، المانيا، رغم إشاراته المهمة لنمط الدولة في الشرق القائم على غياب الملكية الخاصة للأرض، معزياً ذلك إلى ظروف المناخ وطبغرافية الأرض (حتمية مونتسكيو الجغرافية؟) وخضوع المنتجين للدولة بوصفها المالك والحاكم (فرضية نمط الإنتاج الآسيوي).

الصفحات