أنت هنا

قراءة كتاب ليتوال 2010

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ليتوال 2010

ليتوال 2010

كتاب " ليتوال 2010 " ، تأليف وليد الرجيب ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

اسبرسو ولوموند

- Bonjour madam(1) .

رفعت رأسي فالتقت عيناي بابتسامة مهذبة من النادل، رددت عليها بابتسامة مماثلة:

- Bonjour.

سأل ورأس قلمه مستعد على نوتة الكافيه:

- ماذا تطلبين؟

أجبت فوراً:

- اسبرسو لو سمحت.

ثم عادت عيناي إلى سطور جريدة لوموند، تبحثان عن برامج ثقافية فرنسية، فهذا الموسم حافل بأنشطة مسرحية وموسيقية ومعارض تشكيلية، وروايات حديثة، فباريس ما زالت عاصمة النور، وفيها أجد كل ما هو حديث ومبتكر، كل صرعة مجنونة، وكل مدرسة فنية أو فلسفية جريئة، تتمرد على المألوف، بينما تنتظر عواصم العالم كأب في ردهة مستشفى ولادة، في مرواح ومجيْ مصيخاً السمع لصرخة الولادة الباريسية.

انتبهت لفنجان القهوة يوضع على الطاولة التاريخية، وصوت النادل يقول:

- Voila(2)

نحيت الجريدة جانباً، وقلت:

- Merci(3)

رائحة القهوة الطازجة، تمتزج مع رائحة الخشب القديم لكافيه«ليتوال 1903»، أنا أحب أجواء هذا الكافيه التاريخي، الذي تأسس عام 1903م، والمنزوي خلف صخب شارع الشانزليزيه، فعندما أنعطف في الشارع الذي يقع فيه الكافيه، اشعر وكأنني خرجت من ضجة حفل صاخب، إلى شرفة هادئة، أو كأنني خرجت من القرن الحادي والعشرين بلهاث إيقاعه السريع، إلى أوائل القرن العشرين بهدوئه ورومانسيته، وبطء إيقاعه.

أحب معظم كافيهات باريس، المشوبة بنكهة الفن والثقافة ورائحة تبغ السجائر الفرنسية«غولواز» و»جيتان»، مثل كافيه دي باريس، وكافيه جورج سانك، ولكني أفضل هذا الكافيه المليْ بالصور والملصقات القديمة، وأثاثه التاريخي، وحتى آلة صنع الاسبرسو القديمة، تشعرني أنني في متحف.

وضعت دائرة على إعلان عرض مسرحي تجريبي، وضغطت على أزرار هاتفي النقال، وحجزت مقعداً لي، وأحسست أني أنجزت شيئاً مشبعاً، وأشعلت سيجارة غولواز بلا فلتر، فأنا أحب السجائر على الطريقة الفرنسية القديمة، ونفثت الدخان، وبصري يجول في أرجاء الكافيه.

* * *

-«لحظة، ماذا سيقول الناس عني، وماذا سيقول زوجي»؟

فكرت مع نفسها، وشعرت بالذعر من الفكرة، كيف يمكن لامرأة كويتية أن تدخن؟ وشعرت بأن آلاف العيون مصوبة إليها، وآلاف السبابات موجهة إليها، وارتجفت في داخلها، ففكرة أن تدخن وهي المنقبة، وزوجة الرجل المتدين، فكرة مرعبة، وخطيئة ودنس.

ماذا سيقول وسيفعل زوجها عندما يقرأ ذلك؟ وماذا سيقول الناس؟ فرغم أن ما تكتبه مجرد خيال، لكنها لن تضمن أن الآخرين لن يفرقوا بين الواقع والخيال، حتى هي عندما كانت شابة، كانت تظن دائماً أن بطل الرواية هو نفسه الكاتب، وتستغرب أن الكتَّاب يصفون أنفسهم بالإجرام أحياناً، أو يسلكون سلوكاً غير مقبول اجتماعياً، وعندما يعرض مسلسل كويتي يصف التفكك الأسري مثلاً، تكون الانتقادات حادة وهجومية:

الصفحات