الزهور الصفراء: الجزء الثاني من مشروع القاص محمد المنصور الشقحاء إعادة طبع نتاجه في مجال القصة القصيرة في مشروع الأعمال القصصية.
قراءة كتاب الزهور الصفراء
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الزهور الصفراء
أوراق اليانصيب
انهار المبنى وتناثر الغبار في الفضاء. أخذت الشظايا تهشم جباه المارة، وزجاج العربات ونوافذ العمائر المجاورة وأبوابها.
***
صبيّ صغير يبيع ورقة اليانصيب. شاهد العربة التي دخلت من بوابة المبنى.
***
قائد العربة فتاة شقراء ترتدي بزة عسكرية، وتضع نظارة شمسية. قبل أن تلج المبنى، اشترت ورقتي يانصيب واحدة لها وأخرى لمرافقها في العربة. وتنازلت عن بقية القطعة النقدية للصبي ثم مسحت شعر رأسه واندفعت إلى داخل المبنى.
***
أقبلت عربات الإسعاف والدفاع المدني ودوريات الشرطة. وتكوم المارة يبصقون الغبار الذي أخذ يكتم أنفاسهم.
***
بائع أوراق اليانصيب، تناثرت أوراقه فوق الرصيف من أثر قوة الانفجار. فلم يهتم بجمعها وإن كان يمسك الورقة النقدية الكبيرة التي دسّها في أحد جيوب بنطاله.
***
اقتحم الصبي الجموع. يبحث عن قائدة العربة. وقلبه يتمنى أن تكون سليمة لم يمسسها سوء متذكراً كلماتها الرقيقة ومسح شعر رأسه.
***
خرجت أول جثة من تحت الأنقاض بدون رأس. كما استطاع رجال الجيش إخراج أجزاء متناثرة كونت جسداً واحداً أخذ الجميع يتأملونه مبهوتين. إذ إن الأطراف مختلفة الألوان.. والسماكة.
***
الصبي يحشر رأسه في كل فتحة يستطيع أن يجد فيها ممراً يقترب من خلاله أكثر من المبنى المنهار.
***
شعر الصبي بالإرهاق فعاد إلى مكانه في زاوية الشارع حيث كان يبيع أوراق اليانصيب. وأخذ يجمع بقايا أوراقه المتناثرة التي مرت فوق بعضها أحذية المارة. لم تلفت أنظارهم ببريقها والحظ القادم من خلال أحد الأرقام. ثم تمدد في مكانه مستنداً إلى الحائط الذي خلفه.
***
قفز الصبي من مكانه. صرخ. إنها هي وأخذ يعدو نحوها. أجل كانت هي مع رفيقها يغادران المكان بعد أن تم تنفيذ العملية بهدوء.
القدر يتربص بالصبي الصغير الذي أصر على اللحاق بهما. لم يسترع انتباههما نداؤه المتكرر.
***
اتجه الاثنان إلى عربة تقف في أحد المنعطفات. جلست خلف المقود وأدارت المحرك. هنا شاهدت الطفل يعدو نحوهما فاكتسى وجهها الأشقر بالفزع. أعدت العربة للانطلاق ثم تأملت رفيقها في المقعد. كان صامتاً. تجلدت تقاسيم وجه، تحجرت أطرافه وانصب نظره على الصبي الذي أخذ يقترب من العربة.
راقبت اتجاه نظرات رفيقها المتجلدة. لم يبق للصبي سوى خطوات ليلامس العربة. وهنا رفعت قدمها من فوق الكابح. مرت العربة فوق جسد الطفل الذي تضرج بدمه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة. بينما يده تمسك بالجيب الذي يحوي قطعة النقود الكبيرة.
***
اختفت العربة في الزحام. لم يشاهد المارة الطفل المقتول.
***
تحدثت الصحف في اليوم التالي عن البناية المنهارة وعدد الضحايا وأسباب الحادث الذي كان بسبب عربة جيب محملة بمتفجرات أوقفت أمام مدخل العمارة. وفي الصفحات الأخيرة منها بيان بالأرقام الفائزة في السحب الشهري لأوراق اليانصيب.