ما هي هذه المواطنية التي لم نُنجزها بعد في وطننا؟ وإلى أي حد يساهم طغيان مظاهر التبعية السياسية - الدينية والفروقات الاجتماعية في أكثرية الميادين في تربية مواطني المستقبل وطرائق تنشئتهم على القيم الاجتماعية المشتركة؟
قراءة كتاب وطن بلا مواطنين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وتقترن سلة الحقوق بمجموعة واجبات، من أبرزها: احترام القوانين والدفاع عن الوطن. وتأتي المشاركة، السياسية منها أو المدنية، لتضيف إلى واجبات المواطنين، ما يُمكن أن يعتبروه، هم، في صلب حقوقهم، كما رأينا آنفاً. هذا الجانب معروفٌ بكونه شكلاً من الإلتزام الجماعي.
وأخيراً ترعى كل هذه المكونات منظومة قيمٍ فردية وجماعية، يُمكن ذكرها، بالإعتماد على الثقافة المستمدة من شرعة حقوق الإنسان، من خلال التبويب التالي:
القيم الإنسانية
(المنطلقة من احترام الإنسان لحقوق الإنسان الآخر) على قاعدة المساواة
القيم المدنية
(القاضية باحترام - والحث على احترام - القوانين والنظم والأعراف)
القيم الأخلاقية
(المرتكزة على التعاون ورفض التعديات والظلم والغبن).
ويمكن إضافة القيم الدينية التي تسعى إلى إضفاء بعدٍ روحي أو عقائدي على حياة الفرد وعلاقته بالجماعة ومفهومه للحياة. بيد أن هذه الإضافة ليست ضرورية، نظراً لما أوجدته النظرة العلمانية من قيمٍ متجسدةٍ دون أي بُعدٍ إلهي، مكتفيةً فقط بالبعد الإنساني.
ولا بد من الإشارة إلى المتغير الدائم في كل منظومةٍ قيمية. ويتجلى هذا المتغير من خلال النظام المعرفي للأفراد وللاجتماع والسلوك العام خلال فترة محددة.
نلاحظ أن كل هذه المكونات تتداخل في ما بينها ولا يمكن اختزالها ولا فصلها: فالحق في المساواة والحرية، هما كفيلا المشاركة والمحاسبة على المسؤولية. وتتجلى أهمية منظومة القيم على صعيد العلاقات بين المواطنين، في ما بينهم وإزاء المجموعة. كما أن هذه المكونات للمواطنية يُمكن أن تتآلف في أكثر من صيغةٍ ممكنة. فتجتمع إذ ذاك حول مفهوم المواطنية عدة مكونات تتداخل وتترابط. وتشكل هذه الصيغ المتنوعة، غنًى في مقاربة مفهوم المواطنية وما يعنيه وفقاً لكل مجتمع وتزامناً مع كل مرحلة من تاريخه.
أمام هذا الواقع، نطرح السؤالين التاليين: ما ارتباط مفهوم المواطنية بالنظام الديموقراطي في المجتمع؟ وبالتالي، ما هي مقاربات المواطنية في المجتمعات الديموقراطية الحديثة؟