أنت هنا

قراءة كتاب لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف - الجزء الثالث

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف - الجزء الثالث

لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف - الجزء الثالث

هذا الكتاب "لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف - الجزء الثالث"، مثل هذه الإرهاصات وغيرها، دفعتني للغوص بعمق في التاريخ، علّي أجد لها إجابات، أو مؤشرات قد نعتبر منها.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

الاستقلال الاقتصادي

من أجل عملية الفصل النهائي عن سورية، كان لا بد من إجراء عمليات جراحية لفصل الاقتصاد والعسكر، على غرار تلك العملية التي أدت إلى تشكيل حدود الكيان اللبناني. ولإلقاء الضوء على هذا الأمر، لا بد من بعض التفصيل.
كانت البرجوازية اللبنانية التي اتفقت فيما بينها على خيار الانفصال عن سورية على أساس المكاسب التي سوف تتقاسمها، تنتظر أن تبقى مكاسبها عابرة لحدود ما سيصبح «بلدين مستقلين». وكانت هناك نظرة دونية مستترة لنظيرتها البرجوازية السورية، وتخشى أن تأخذ من دربها بعض المكاسب عبر الحدود الجمركية. وكانت البرجوازية السورية تسعى هي الأخرى للاستفادة من الوضع المستجد بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، لذلك سعت إلى الاستغناء عن ميناء بيروت واستبداله بميناء اللاذقية.
قبل الحرب العالمية الثانية، كانت الأرباح تذهب بمعظمها إلى الفرنسيين، كما يقول مسعود ضاهر، ومع زوال الانتداب، وبقاء المصالح المشتركة بين البلدين «دفعا الدولة السورية المستقلة إلى المطالبة بالأرباح الجمركية تبعاً لحجم مشاركتها في إنتاج السلع المعدة للتصدير واستهلاك السلع المستوردة. وبدأت أصوات البرجوازية اللبنانية ترتفع منددة بما أسمته (بالتدخل السوري في شؤون لبنان والعمل على خنق اقتصاده). فالنظام اللبناني الذي تربع على كراسي الانتداب باسم الاستقلال كان يرغب في استمرار السياسة الاقتصادية الانتدابية دون تغيير، ويعمل على امتصاص خيرات الشعبين اللبناني والسوري لصالح مجموعة قليلة من التجار اللبنانيين((18)). أخيراً تفاهم الطرفان على الفصل الاقتصادي، ولم يبقيا إلا على الوحدة الجمركية، وعملا على تقاسم الأرباح عبر مجلس أعلى للمصالح المشتركة، وذلك من خلال اتفاق أبرم في 1 تشرين الأول 1943 نص على: «إن سورية ولبنان تؤلفان منطقة جمركية واحدة ذات وحدة جمركية تنتقل البضائع ضمنها بحرية تامة وبدون أية ضريبة أو رسم جمركي.. وقرر الاتفاق توزيع واردات الجمارك بحسب نفقات المصالح المشتركة»((19)). ورغم ذلك كان اللبنانيون يبدون امتعاضاً كبيراً كلما تقلصت أرباحهم، ما أدى إلى أزمات في العلاقة بين البلدين، أفضت في النتيجة إلى الانفصال الجمركي، ثم المالي.
كانت وحدة العملة المتداولة في البلدين هي الليرة التي يصدرها بنك سورية ولبنان، وكانت لها ارتباطات مالية مع فرنسا. «ومع التنازلات التي قدمتها بريطانيا لفرنسا، أصبح لبنان وسورية داخلين ضمن منطقة الفرنك الفرنسي منذ 1941، وضمنت فرنسا الليرة اللبنانية خوف تدني قيمتها منذ عام 1944 بموجب اتفاق دعي (اتفاق كاترو). إلا أن فرنسا نقضت الاتفاق مع لبنان عام 1947 واعتبرت نفسها في حِل من تعهداتها السابقة.. واضطر لبنان أن يعقد اتفاقاً جديداً مع فرنسا لضمان قيمة الليرة اللبنانية، وصفيت بموجب الاتفاق الحسابات المالية بين لبنان وفرنسا وأصبحنا أسياد نقدنا»((20)). وفي 2 شباط 1948 جرى استبدال الأوراق النقدية المكتوب عليها عبارة «سورية» بأوراق نقدية مكتوب عليها عبارة «لبنان»..
وفي 24 أيار 1949، أصدر المجلس النيابي اللبناني قانون النقد اللبناني وقرر تحويل العملات الأجنبية في التغطية إلى ذهب. وهكذا تحققت نظرية ميشال شيحا، في أن الذهب داعم أساسي للعملة الوطنية.

قضية الجيش

كانت قضية الجيش مظهراً من مظاهر الوحدة السورية اللبنانية حيث كانت القيادة العسكرية موحدة للبلدين. وبقي موضوع تسليم الجند الخاص، وهي قوات تتكون من عناصر متطوعة مختلطة كالشركس والأرمن بالإضافة إلى سكان البلاد الأصليين (من طوائف معينة بشكل خاص)، وكانت تتبع قيادة الجيش الفرنسي وتقوم بأعمال الشرطة، وقدر عددها آنذاك بـ25 ألفاً. وقد طالبت الحكومة السورية بتسليم الجند الخاص إليها، وبدأت المفاوضات لإلحاقها بالحكومتين السورية واللبنانية منذ نهاية 1943 بدون الوصول إلى نتيجة... قبيل الإعلان عن استقلال لبنان في 22 تشرين الثاني 1943 اندمجت الوحدات العسكرية المختلفة لتؤلف اللواء الخامس بقيادة العقيد فؤاد شهاب. وفي يوم الاستقلال تم وضع «فوج القناصة اللبنانية الثالث بتصرف الحكومة اللبنانية وذلك للحفاظ على الأمن»((21)). وفي حزيران 1944 سلمت فرنسا فصيلة من الجند الخاص إلى الحكومة اللبنانية، ولعلها كانت تقصد إلى إحداث تفرقة جديدة ولكن دون جدوى. أما في سورية فقد احتفظت به حتى وقع الصدام في العام التالي((22)). وبقي الجيش بيد فرنسا حتى نهاية الحرب العالمية.

 

الصفحات