هذا الكتاب "لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف - الجزء الثالث"، مثل هذه الإرهاصات وغيرها، دفعتني للغوص بعمق في التاريخ، علّي أجد لها إجابات، أو مؤشرات قد نعتبر منها.
أنت هنا
قراءة كتاب لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف - الجزء الثالث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف - الجزء الثالث
إنزال النورماندي
في 6 حزيران 1944، قامت قوات الحلفاء باشتراك الولايات المتحدة التي دخلت الحرب، بإنزال النورماندي الشهير، لتحرير فرنسا من القوات النازية، ودخلت الحرب مرحلتها الثالثة وهي مرحلة انتصار الحلفاء. واعترفت الولايات المتحدة الأميركية بحكومة ديغول الموقتة بدلاً من لجنة التحرير الوطنية.
ولا شك أن هذا الوضع الجديد هو الذي جعل الجنرال ديغول يتشدد مرة أخرى إزاء قضية استقلال سورية ولبنان، وتتبين ملامح السياسة الفرنسية الجديدة من التصريح الذي أدلى به ديغول في مؤتمر صحفي في 25/1/1945 إذ قال: «كانت فرنسا أول دولة اعترفت باستقلال هاتين الدولتين اللتين فيهما مركز ممتاز يجب أن تحافظ عليه، وأن فرنسا مصممة على أن تمنح أصدقاءها السوريين واللبنانيين استقلالاً حقيقياً، ولكن التدخل الأجنبي هو الذي يزيد في تعقيد هذه المسألة»((42)). أما جورج بيدو وزير الخارجية اليميني المتطرف، فكان موقفه أشد صراحة في معارضة الاستقلال التام فقال: «إن فرنسا مسؤولة عن حفظ النظام في سورية وأنها تدافع عن امتيازاتها بالقوة المسلحة التي تحت تصرفها، وأرسلت تعليمات بهذا المعنى إلى المقيم العام الفرنسي في المشرق»((43)). وهكذا يبدو أن فرنسا لم تعد تخشى أخطار مغامرة جديدة كمغامرتها في لبنان سنة 1943 فالظروف تغيرت بعد نهاية الحرب، ولم يعد تأثير البريطانيين والأمريكيين في الفرنسيين كما كان من قبل. فقد أصبحت فرنسا مستقلة بأسطولها ومستقلة بجيشها تتصرف فيهما كما تريد. إلا أن البلدين حصلا على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. «وقد أعلنت الدولتان عند الاعتراف باستقلالهما أنهما ترفضان تفوق نفوذ أية دولة أوروبية في سورية ولبنان، وإن كان دافع كل واحدة منهما مختلفاً»((44)).
سنة 1944 تشكل الاتحاد العام لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان((45)).
في هذه المرحلة النهائية من الحرب، قرر الصهاينة الدخول في الحرب إلى جانب الحلفاء، للتأسيس لوضع يطالب مع انتهائها بوفاء إنجلترا بوعودها لهم بتأسيس كيان لهم على أرض فلسطين، وعليه «سمحت الحكومة البريطانية بقيادة ونستون تشرشل... بتشكيل فرقة يهودية لترسل إلى الحرب على الجبهة الإيطالية، ربما من أجل تسهيل الحصول على إمكانية تأسيس الدولة اليهودية». وكانت العصابات الصهيونية تنشط على الأراضي الفلسطينية، ومنها عصابات الإرغون 1939 التي تفرع منها بقيادة ابراهام ستيرن، «إرغون زفاي ليومي» ليقودها لاحقاً 1944 مناحيم بيغن. السنة التي بدأ فيها الإرهابي الصهيوني «بن غوريون قائد الهاغاناه عملية إرهابية واسعة تحت الإسم الرمزي «موسم الصيد»، والتي توسعت على كامل أرض فلسطين»((46)) كانت تستهدف البريطانيين ومندوبي الأمم المتحدة والعرب.
وفي هذه السنة رفضت الحكومة الأميركية «الكتاب الابيض الانكليزي حول تحديد هجرة اليهود، وتطالب بإطلاقها»((47)). وكان بن غوريون يرى أنه «حتى في حالة كسب الحلفاء الحرب العالمية الثانية، فإن بريطانيا ستهبط بوصفها دولة كبرى وستندفع الولايات المتحدة إلى قيادة العالم»((48)).