أنت هنا

قراءة كتاب النظام السياسي ومشكلات الوحدة الوطنية في دول جنوب افريقيا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النظام السياسي ومشكلات الوحدة الوطنية في دول جنوب افريقيا

النظام السياسي ومشكلات الوحدة الوطنية في دول جنوب افريقيا

تعاني دول العالم الثالث غالباً من مشكلات الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي ، ولهذه المشكلات أسباب عدة ، وقد تجذرت بسبب وجود الظاهرة الاستعمارية ولا سيما المصحوبة بالاستيطان ، وفي ظل هذه الظاهرة نجد أن نمط العلاقة السائدة هو الاستبعاد ، لا الاستيعاب ، أو الا

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 5

المطلب الثالث :نشأة اتحاد جنوب افريقيا وتطوره

بعد سلسلة من المفاوضات العسيرة بين ممثلي المستعمرات الاربع (الترانسفل والناتال اورانج والكاب)([28]) . تخللها التمرد الفاشل لقبائل الزولو بين عامي 1906-1907 ، توصل المجتمعون الى الاتفاق على مشروع دستور للدولة الجديدة ، ينص على إنها دولة فدرالية ، وعلى ان تكون المستعمرات الأربع المكونة لها مقاطعات تتمتع بنوع من الحكم الذاتي في ادارة شؤونها الداخلية والإدارية وتكون الدولة عضواً في الكومنولث البريطاني ، وان الانكليزية والافريكانرزية هما اللغتان الرسميتان فيها .
وكان من بين المواضيع التي أثارت جدلاً طويلاً ومحموماً موضوع النظام الخاص لغير البيض ، إذ أظهر الافريكان (البوير) تعنتاً ضدهم أكثر من الجانب الانكليزي ([29]) . فلم يحصل السود على حق الاقتراع الا في مقاطعة الكاب ، ودخل الدستور حيز التنفيذ في 31 آيار 1910 ، أي بعد ثمان سنوات من توقيع معاهدة فرينيينغ الالمانية *للسلام بين البوير والانكليز في 21 آيار عام 1902 ([30]) . وفي الحقبة الممتدة بين 1910-1948 كانت الحياة السياسية في اتحاد جنوب افريقيا تسير في خطوطها العريضة على نسق الحياة السياسية في بريطانيا وكان هناك اتجاه للآخذ بنظام الثنائية الحزبية . ولم تكن اللعبة البرلمانية تهم سوى البيض ، بسبب نظام التمييز العنصري الابارتهيد Aprthed ([31]) . وفي عام 1930 منح قانون الانتخابات النساء حق الاقتراع . وكانت السلطة تتمحور حول شخص رئيس الوزراء ، فلم يتعاقب على رئاسة الوزراء طوال المدة المذكورة 1910-1948 سوى ثلاث شخصيات ، هم (بوثا ، وسمطس وهيرتزوغ) ([32]) . استمر بوثا في السلطة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى ، وعانى صعوبات داخلية بسبب الوضع الاقتصادي للعمال البيض الذين قاموا باضرابات عدة كما عانى من صعوبات خارجية ، سببها الحرب العالمية الأولى ، ولاسيما بعد احتلاله لمناطق جنوب غرب افريقيا الالمانيا (ناميبيا التي حصلت على استقلالها عام 1990) ([33]) .
وفي ايلول عام 1914 ، أعلن الجنرالات البوير التمرد الا ان سمطس[*] سحق هذا التمرد في شباط عام 1915 وقد وضعت عصبة الأمم في عامي 1919-1920 المستعمرات الألمانية في جنوبي غربي أفريقيا ، تحت انتداب جنوب افريقيا ([34]) متذرعة بالرسالة المقدسة للأمم المتحضرة . وكان دخول بوثا[**] الحرب الى جانب الحلفاء ، قد أثار ضده وضد وزيره سمطس ، الافريكيان المتعنتين الذين كان يقودهم هرتزوغ[*] المطالب بسياسة الحياد خارجياً وبالتمييز العنصري المتشدد داخلياً ([35]) .
بعد وفاة بوثا عام 1920 ، جاء الجنرال سمطس الذي ورث وضعاً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً صعباً فقمع في عام 1922 وعلى نحو دموي إضراب عمال المناجم البيض ، فحرمه ذلك من تعاطف حزب العمال والنقابيين والحزب الشيوعي . وأثارت سياسته المنفتحة الى حد ما على غير البيض نقمة الحزب الوطني الذي أصبح الحزب الأساسي في المعارضة ، فاضطر بعد فشله في انتخابات عام 1924 التشريعية الى التخلي عن السلطة لمصلحة الجنرال هرتزوغ[*]* ([36]) . وقد تضمن برنامج هرتزوغ نقطتين اساسيتين :- تعديل نظام الدومنيون وفرض برنامج عنصري منهجي متشدد . وقد توصل فيما يخص النقطة الأولى وبالاتفاق مع حكومة لندن عام 1934 ، الى تكريس السيادة الكاملة الداخلية والخارجية على اتحاد جنوب افريقيا ولكنه لم يستطع ان يفرض برنامجه المتشدد حول التمييز العنصري في كل الميادين اذ لقي معارضة من حزب جنوب افريقيا الذي كان يتزعمه سمطس فلم يجر الاقتراع الا على بعض بنود هذا البرنامج عام 1936 وكان هرتزوغ قد بدأ يقترب منذ عام 1934 من مبادئ سمطس السياسية لدرجة ان الحزبين (الحزب الوطني وحزب حنوب افريقيا)([37]) اندمجاً في حزب واحد هو الحزب الموحد ، مما دفع المتطرفين في الحزب الوطني الى الانفصال وتشكيل الحزب (القومي النقي) بزعامة الدكتور مالان[*]** ، الذي كان يهدف الى إعادة السلطة السياسية للافريكان وحدهم وتحقيق فصل عنصري منظم بين الاجناس اشتهر باسم الابارتهيد ([38]) .
وقلبت الحرب العالمية الثانية الموازين من جديد في جنوب افريقيا . فقد استمر هرتزوغ على موقفه القاضي بالتزام الحياد ، مما دفعه الى الاستقالة ليأتي سمطس من جديد([39]).فيقدم كامل دعمه للحلفاء.وانشق الحزب الموحد على نفسه،واعاد هرتزوغ من جديد انشاء حزبه الافريكاني ، في حين اعلن القوميون الانقياء دعمهم لالمانيا النازية([40]).
وبعد الحرب مباشرة ، أي في عام 1946 ، انفجرت قضية هنود جنوب افريقيا التي ادرجت في تلك السنة على جدول اعمال هيئة الامم المتحدة . ولم تمنع الاجراءات الناقصة التي قدمها سمطس لحل مشكلة الهنود من قيام مظاهرات واعمال شغب في مقاطعة ناتال ، فضلاً عن إضرابات اخرى قام بها عمال المناجم البيض . وعرف القوميون كيف يستغلون هذا الوضع المتأزم سواء على الصعيد السياسي ام الاجتماعي ، فحصل الحزب الوطني ، الذي يتزعمه الدكتور مالان على اغلبية المقاعد النيابية في انتخابات عام 1948 ([41]) .

الصفحات