أنت هنا

قراءة كتاب النظام السياسي ومشكلات الوحدة الوطنية في دول جنوب افريقيا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النظام السياسي ومشكلات الوحدة الوطنية في دول جنوب افريقيا

النظام السياسي ومشكلات الوحدة الوطنية في دول جنوب افريقيا

تعاني دول العالم الثالث غالباً من مشكلات الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي ، ولهذه المشكلات أسباب عدة ، وقد تجذرت بسبب وجود الظاهرة الاستعمارية ولا سيما المصحوبة بالاستيطان ، وفي ظل هذه الظاهرة نجد أن نمط العلاقة السائدة هو الاستبعاد ، لا الاستيعاب ، أو الا

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 8

ثالثاً : البانتو :- Bantu

لقد وصل هذا الجنس الأطول والأقوى بنية ( البانتو) الذين يحتفظون بالماشية كالهوتنتوت لكنهم يختلفون عنهم وعن البوشمن في انهم زراع يستنبتون النباتات بكميات كبيرة لاستخدامه في الغذاء ([67]) . وقد اشتهروا بذلك وكان اقتصاد البانتو متقدماً ، يجمع ما بين الزراعة والرعي ، كما ان مستواهم المعيشي كان اعلى من اقتصاد اسلافهم ، وقد امتلكوا ما كان ينقص اسلافهم اذ عرفوا وجلبوا معهم اشغال الحديد ، ونتيجة لهذا كانوا قادرين على صناعة الأدوات الحديدية واستخدامها التي كانت اكثر كفاءة من الادوات الحجرية والمصنوعة من العظام وكان يستخدمها اسلافهم ، وبادواتهم ذات الكفاءة هذه استطاع البانتو تطهير الغابات والاحراش وزراعة الارض بمساحات كبيرة، كما كانت اسلحتهم كالسهام الحديدية مثلاً ذات بأس شديد اذا قيست بأسلحة خصومهم([68]). كما كانت اعدادهم المتزايدة قادرة على البقاء اعتماداً على ما يزرعونه وعلى منتجات الماشية .
وثمة سبب آخر لنجاح البانتو - هؤلاء القادمون الجدد - يتمثل في نوع الاقتصاد الذي كانوا يمارسونه ، فقد كانوا يحتفظون باعداد كبيرة من قطعان الماشية إذ كانت الماشية هي مقياس الثراء ، فالذين يمتلكون قطعاناً من الماشية اكثر يحققون وضعية اجتماعية ارقى لما تحققه الثروة من فخار ([69]) .
لهذا تزايدت اعداد البانتو نتيجة لأعتمادهم على الزراعة والرعي وادى هذا الى توسعهم خارج مناطقهم . ولا نعرف بالضبط ، ما هو التاريخ الذي وصل فيه البانتو من الشمال والشمال الشرقي ، وان كان هناك شبه اتفاق بين الباحثين على ان هذا حدث منذ الف سنة ([70]) .
وعلى اية حال كان البانتو يشغلون بالفعل جانباً من جنوب افريقيا ([71]) . وبدلاً من ان يأتوا جميعاً في مجموعة واحدة فأنهم بوصفهم مهاجرين قدموا في مجموعات مختلفة وفي ازمنة مختلفة ، واستقروا في اماكن متباينة وانتشروا تدريجياً ، وخلال القرن السادس عشر ويقيناً في منتصف القرن السابع عشر كانوا بالفعل مستقرين في الناتال واجزاء من مدينة الكاب وكان هذا نتيجة لقرون عدة من الهجرة والاستقرار والتوسع([72]) . وقد كان لقدوم البانتو ثم الاوربيين اخيراً لمنطقة جنوب افريقيا تأثيرات مدمرة على كل من البوشمن والهوتنتوت . فالبوشمن عانوا من مصائب وكوارث متلاحقة ، وهزموا وفقدوا اراضيهم التي كانت عماد حياتهم المعتمدة على الصيد والجمع والالتقاط امام مهاجميهم الجدد المسلحين بأسلحة قوية واضطر البوشمن امام هذه الهزائم المتلاحقة الى الهروب والانزواء في مناطق غير ملائمة حيث فرص اقل وحيث الطعام نادر والحياة شاقة ([73]) ، وقد اضطر عدد كبير منهم للانسحاب الى صحراء كالاهاري طلباً للملجأ والحماية وبعضهم انصهروا في مجتمعات البانتو وعاشوا بينهم وفقدوا شخصيتهم المستقلة وتزاوجوا معهم . وهناك من قتل في اثناء الصدامات مع البانتو او مات نتيجة للظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية([74]) ، وبمرور الوقت ظهر بين البانتو في جنوب افريقيا ثلاث اقسام كبرى بمثابة مجموعات لغوية ، وما سنذكره الآن يعد تقسيمات لغوية وليس تقسيمات سياسية .
اما المجموعة الثالثة الضخمة من مجموعات البانتو في جنوب افريقيا فتتمثل في الهيريرو Herero والافامبو Avambo ويعيشان في جنوب غرب افريقيا ويسميان باسم شامل هو البانتو الجنوبيين والغربيين او بانتو الجنوب الغربي ، ومن الناحية العملية فأن بانتو هذه المجموعة قد تأثروا بالبوشمن والهوتنتوت إذ كان بينهما - أي البانتو من ناحية والبوشمن والهوتنتوت من ناحية أخرى - اتصالات ، وهذا يفسر لنا وجود شبه في لغات النجوني التي هي من تأثيرات لغات البوشمن والهوتنتوت([75]) .

رابعاً : سوثو : Sotho
يتنوع شعب السوثو فمنهم الشماليون والجنوبيون والـ (تسوانا) أي (بوتسوانا) وكل واحدة من هذه المجاميع متجانسة ، ويعتقد المؤرخون ان سلالة شعب السوثو استقرت في منطقة شمال ترنسفال في القرن الخامس عشر وكانت معيشتهم تعتمد على الجمع بين صنع الادوات وزراعة الحبوب للتبادل وكذلك رعي الماشية وزراعة التبغ . وكذلك كان السوثو حرفيين ماهرين في صناعة الادوات الحديدية والجلدية والخشب([76]) .
لقد عاش السوثو في ظل زعامات صغيرة مثل النكَوني ، وكانت المراتب الاجتماعية تعطى على حسب قرب الشخص من الزعيم ، على العكس من النكَوني فشعب السوثو عاش في قرى وكانت المسؤولية الاقتصادية موزعة على جميع السكان . وزعيم القرية - وهو لقب وراثي- يعين القادة الاداريين إذ تتجمع مراكز اقامتهم حول مركز اقامة زعيم القرية . ان قرى السوثو قد تكبر وتتوسع لتصبح مدن كبيرة يسكنها الآلاف من السوثو . تكون الاراضي الزراعية عادة خارج القرى وتكون بعيدة عنها . هذا النوع من التنظيم يساعد السوثو على الدفاع عن قراهم على نحو افضل مما لو تم توزيع السكن في مناطق متباعدة وكذلك يساعد الزعيم على السيطرة ([77]) .
وتنظم القرية في السوثو على أساس المجاميع ، أي كل مجموعة من النساء والرجال من عمر معين يعطون مسؤوليات محددة ، كأن يعطى الرجال من عمر محدد مسؤولية رعي الماشية ،وأن يعطي النساء من عمر محدد عملية زراعة الحبوب ، وهكذا . ان مجاميع فئات القرية يندرجون في المهام من الأسهل الى الأصعب حين تحول مجموعة من مهمة الى مهمة أخرى أصعب تحتفل القرية بعملية التخرج هذه وتكون هناك طقوس خاصة في هذه المناسبة ([78]) .
ان اصول النسب والانتماء مهم جداً عند السوثو ، فعملية الزواج مثلاً تتم على اساس ان الزوجين معروفا النسب ومن السوثو وليس من خارجها . وفي بداية عام 1990 كان عدد السوثو الذين يعملون في المناجم 100.000 شخص وقسم كبير آخر كان يعمل ضمن الاعمال المدنية للبيض ([79]) ، ويبلغ عدد السوثو حوالي سبعة ملايين داخل جنوب افريقيا وحوالي ثلاثة ملايين في الأقطار ويتحدثون لغة سوثو ([80]) .

الصفحات