أنت هنا

قراءة كتاب الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس

الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس

كتاب " الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس " ، تأليف د. محمد العمارتي ، والذي صدر عن دار الجنان عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 1

المقدمة

ثمة إجماع بين الباحثين في الحضارة العربية الإسلامية على أن التراث الأندلسي قد شكل لونا من الإنجاز المتميز في تاريخ الإبداع العقلي والعلمي والثقافي العربي خلال مراحل عدة، لما تميز به من مظاهر وتجليات علمية وفكرية وجمالية متنوعة .

لقد استأثر غنى هذا التراث الإنساني الخالد باهتمامات العلماء والدارسين سواء كانوا عربا أو أجانب، وما زال يثير مزيدا من الاهتمام والعناية والبحث والنقاش الإيجابي المثمر، لأنه تراث مخصوص في لغته ومنهجه وتصورات أعلامه وعلمائه ، ولهذا ليس غريبا أن يندفع الباحثون في الحضارة العربية الأندلسية منذ عقود إلى دراسة تجلياته في إطار نشر بحوث ودراسات علمية جادة ، كل من زاوية اهتمامه واختصاصه، بغية الإلمام الكامل بعناصره وقضاياه.

إذ يمكن أن يقف المتتبع لتاريخ هذا التراث الطويل على عدد هائل من المؤلفات الأندلسية تبرز خصوصياته باعتباره تراثا له تميزه وتفرده وعناصر الإشعاع فيه، لكن ذلك لا يلغي فيه مشروعية انتمائه إلى التراث العربي الإسلامي الكبير كفرع من فروع حضارتنا الإسلامية المتجذرة في المدنية والمعرفة الإنسانية العريقة .

لكن مما يؤسف له حقا هو أن هذا الاهتمام العلمي المتنامي الذي عرفه هذا التراث والطرق المنهجية المعتمدة في معالجته ودراسته ظلت حبيسة الجهود العربية ، ولم يواكبها اهتمام بما كتبه الآخر عنه ،ولاسيما عند المهتمين من المستعربين الإسبان المحدثين .

لقد اهتم كثير من الباحثين العرب مغاربة كانوا أو مشارقة بهذا التراث ، كل من زاوية اختصاصه في إطار الإلمام الكامل به، فنظروا إلى مصادره الأندلسية العربية كعنصر محوري أساسي دون أن ينفتحوا على مصادر أخرى أجنبية – خصوصا الإسبانية منها- التي درست التراث نفسه .

فلم يحظ هذا الآخر باهتمام الباحثين العرب في وقت دَرَسَ المستعربون الإسبان المحدثون أغلب عناصر هذا التراث بعمق وتفان منقطع النظير في إطار بناء المعرفة الشاملة والممكنة بتراث الأندلس المشترك .

ولهذا فإن الهدف من تأليف هذا الكتاب ليس هو التقصي المستفيض للإنجازات العلمية العربية في تناولها للتراث الأندلسي كأفق للدراسة والبحث الدقيق ، فهذه أمور قُتِلَتْ بحثا ودراسة ، وألف فيها العديد من الأعمال والمؤلفات ، ولكن جوهر مساعينا ومقاصدها هنا هو فتح آفاق علمية ونقدية جديدة في تناول مباحث هذا التراث من خلال رؤى وتصورات وزوايا نظر إسبانية مغايرة إلى حد ما.

لقد أشاد هؤلاء المستعربون الإسبان المحدثون بهذا التراث المشترك ، ونوهوا بعراقته وقيمته وريادته وفضله على إسبانيا وعلى سائر دول أوروبا في فترة من فترات بناء مجدها العلمي والمعرفي والجمالي ، بتمكينها من مفاتيح كنوز المعرفة الإنسانية الخالدة التي كانت بلاد الأندلس وحواضرها حاضنة لها .

وتجسيدا لهذا الاهتمام وتقديرا لقيمة هذا التراث انصرفت طائفة من هؤلاء المستعربين إلى تعلم اللغة العربية وتمثل ثقافتها ، وبذلك تركوا بصماتهم على الدراسات الأندلسية الحديثة .

وحينما نقيم نحن العرب معرفتنا بهذا التراث الأندلسي ومصادره ، وننفتح على ما تركه هؤلاء المستعربون الإسبان من أعمال قيمة سندرك حجم مساهمتهم في الكشف عن جوانبه المضيئة وإماطة اللثام عن كثير من الحقائق المرتبطة به .

ومن ثم تولدت لدينا رغبة كبرى في إقامة عمل نقدي علمي يعيد الاعتبار لهذه الأبحاث الموازية التي درست هي الأخرى تراثنا الأندلسي المشترك بنفس الغيرة التي نمتلكها إزاءه وبنفس التفاني في تناول قضاياه وعناصره.

إذ لا يمكن رسم صورة واضحة المعالم، مكتملة الملامح والقسمات لحضارتنا العربية الأندلسية دون معرفة ما قام به الإستعراب الإسباني الحديث من خدمات لهذا التراث ، ودون معرفة حجم وأهمية هؤلاء الذين قدموا هذه الخدمات.

ومن هنا سعينا في هذا الكتاب إلى ضرورة إثراء فعل البحث والدراسة والمناداة بالاعتماد أيضا على ما ألفه هؤلاء من دراسات علمية وازنة ، لها قيمتها العلمية الكبرى في مجالها،فوجهنا عنايتنا إلى استنطاق النصوص الإسبانية عبر تشكلاتها العلمية والجمالية ... لما لاحظنا فيها من إمكانات هائلة قد تسمح لنا ولكافة الباحثين العرب في التراث الأندلسي بناء تصور شامل وغير أحادي الرؤية تجاه هذا التراث .

الصفحات