كتاب " السياسة الخارجية الإيرانية ( 1979– 2011 ) " ، تأليف د. احمد نوري النعيمي ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب السياسة الخارجية الإيرانية ( 1979– 2011 )
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

السياسة الخارجية الإيرانية ( 1979– 2011 )
المبحث الثاني: الأحزاب السياسية في إيران على عهد الشاه
نركز في هذا المبحث على الاحزاب اليسارية والاحزاب الحكومية والاحزاب القومية (الجبهة الوطنية والتي ظهرت اثناء تسليم رضا الحكم فيها ، وهي متباينة في اتجاهاتها الفكرية واهدافها ، وهذه الاحزاب هي :-
1- حزب تودة – أي حزب الجماهير الطليعي :
تكون هذه الحزب من خلال توحيد مجموعة العمال الايرانيين العاملين في مجال النفط في اذربيجان وذلك بعد قيام ثورة اكتوبر الروسية عام 1917.
الا ان يوم 25 ايلول 1941 يعد هو تاريخ نشأة الحزب وذلك عندما اتخذ رضا شاه قرار الهروب الى خارج ايران ، ونتيجة لذلك ، اوجد الحزب لجنة مركزية تكونت من خمس عشر عضوا ، حيث اصبح سليمان ميرزا اسكندري امينا عاماً للحزب ، وعضوية كل من الدكتور اراني وخليل مكي واحسان طبري ([1].
مارس حزب تودة في المدة الواقعة بين 1917-1941 نشاطه السري ، وكان له دور في تعبئة الراي العام الإيراني في الحملة ضد الشركة الاحتكارية ، ومحاولة الغاء المعاهدة البريطانية الإيرانية لعام 1927 والتي اعطت امتيازات نفطية لبريطانيا ، وكان من نتائج هذه الحملة ، ان قامت الحكومة الإيرانية بنشر بنود الإمتياز الجديد في ايار 1933 0وقد دخل الحزب في مرحلة جديدة ، عندما قاد تظاهرة في عام 1949 ضد الشاه ، مطالبا باسقاط نظامه ، وقيام احد عناصره باطلاق عيارات نارية عليه في احد قاعات جامعة طهران وهو يلقي كلمته بمناسبة انتهاء السنة الدراسية ([1].
الأمر الذي دفع بوزير الداخلية د. اقبال في 7 شباط 1948 ان يقدم الى البرلمان لائحة اتهام بالنشاطات غير القانونية لحزب تودة ، تم بموجبها حل الحزب ومنع صحيفة مردم من الظهور ، وقد صادق البرلمان عليها. ومنذ ذلك التاريخ بدأ الحزب يمارس نشاطاته السرية في داخل ايران ([2].
وعندما قامت الثورة الايرانية ، اصدر حزب تودة برنامجا اكد فيه على النقاط الاتية :
1- تأييد الحزب لآية الله الخميني بقيامه إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية. يقول نور الدين كيا نوري الامين العام لحزب تودة في هذا المجال : ((فمنذ عشرين عاما وخميني يناضل ضد الشاه ، وضد الاشكال المختلفة للهيمنة الامبريالية ، وقد تطورت معتقداته السياسية وفق اسس القوانين الاسلامية ، ونحن نعلم عن مساندتنا التامة لمبادراته الخاصة بالاطاحة بالنظام الشاهنشاهي واعلان الجمهورية الاسلامية 00. ([64].
2- ضرورة انقاذ الدولة من الإمبريالية([65].
3- تأميم المؤسسات والبنوك.
وعليه نرى ، انه على أثر سقوط الشاه وإعلان الجمهورية اظهر الحزب مرونة في عقيدته السياسية والفكرية ، مشيراً الى ان الماركسية يمكن تحقيقها بالادوات السلمية ، فبدأت تصريحات حزب تودة ومن خلال رئيس الحزب اسكندري والتي تقول ان حزب تودة يحترم الدين ، واهميته وثبوت جذوره لدى الجماهير الكادحة والطبقة المثقفة الايرانية([66].
وقد عبر نور الدين كيا نوري الأمين العام للحزب عن هذا المعنى قائلا : ((ليس هناك تناقض بين الاشتراكية العلمية والمضمون الاجتماعي للاسلام ، بل هناك لغة مشتركة ([67].
وفيما يخص الكفاح السلمي ، يقول كيا نوري : ((لايرى الحزب ضرورة لسفك الدماء لانه يمكن الوصول الى اهدافنا بالادوات السلمية ([68].
ونتيجة للامور السالفة الذكر ، قام كيا نوري من حمل شعار ((الجبهة الوطنية الديمقراطية انسجاما مع الظروف التي كانت تمر بها ايران وقتئذ([69] . ويعد حزب تودة من اكثر الاحزاب السياسية قوة في التنظيم وخضوعه لمفهوم القيادة ، ومدى تأثيره في ملاكاته ، ويعتمد في التنظيم على خلاياه المنتشرة في انحاء إيران كافة ولاسيما منها في المدن الكبيرة والصناعية ، اصبح لحزب تودة اثناء حكم الدكتور مصدق دور كبير في تعبئة الراي العام الإيراني. ينتمي اعضاء الحزب الى الطبقة المتوسطة الا انه استطاع كسب قطاعات كبيرة من العمال والفلاحين والبرجوازية الصغيرة الى جانبه ،ومن حيث التاثير والقوة ،عد الحزب وقتئذ ثالث حزب شيوعي بعد الحزبين الشوعيين الايطالي والفرنسي.الا ان هناك عوامل ادت الى اضعافه منها خلافه مع مصدق وارتباطه العضوي مع موسكو ، ومتابعة جهاز السافاك له . وقد انتكس الحزب كثيرا عند تأسيس جمهورية اذربيجان من قبل السوفيت ، وكان هذا اختباراً له في مدى ولائه المطلق بموسكو([70] .
اختفى حزب توده من داخل إيران ، بعد اطاح الجنرال زاهدي يحكومة الجبهة الوطنية للدكتور مصدق في 19 أب 1953([71] ، وكان من نتائج الانقلاب الغاء الاحزاب السياسية في إيران ، وممارسة حزب تودة النشاط السري ، وقد قاموا بنشاطهم هذا من خلال ارتداء العمائم السود والاحتكاك بالحسينيات ، واثارة الرأي العام إسلاميا الى جانب هذا فقد هرب قسم من قادته الى خارج ايران ، وقد ادت كل هذه الامور الى اضعافه ، وعدم تشكيله اي خطر ضد النظام([72].
اما فيما يخص المبادئ العامة للحزب والتي تم التصديق عليها في مؤتمر الحزب الاول الذي عقد في المدة الواقعة بين تموز – اب1944 ، وتأييدها بعد ذلك في المؤتمر الثاني للحزب في نيسان- مارس 1948 فيمكننا ايجازها في الاتي([73]:-
1- الغاء الملكية الفردية ونظام الطبقات .
2- مقاومة الانظمة الفاشية
3- تأسيس الروابط المتينة بين طهران وموسكو .
2- الاحزاب الحكومية :
عند وصول الدكتور منوجهر اقبال سنة 1957 الى رئاسة الوزراء ، قام باصدار مرسوم يقضي برفع الحظر عن الاحزاب السياسية ، الامر الذي ادى الى انشاء حزبين في ايران ، وعلى غرار نظام الحزبين في بريطانيا ، حيث كلف الشاه بناء على ذلك د. اقبال بتأسيس حزب الأمة مثيلاً لحزب المحافظين ، وتكليف وزير بلاطه اسد الله بأنشاء حزب الشعب يقود المعارضة شريطة الا يكون عماليا كحزب العمال في بريطانيا. أسس الشاه حزب ماردوم ( الشعب وهو ذلك الحزب الذي كان من المخطط أن يقوم بالمعارضة الرسمية وسط ديمقراطية إيران الواهية ([74] .
وقد اكد الحزبان في برنامجهما على معنى الديمقراطية السياسية والاجتماعية في ظل ملكية دستورية ، والكفاح من اجل الحفاظ على الملكية الدستورية ضد العناصر المخربة العاملة ضد النظام. ومن الملاحظ على ميثاقي الحزبين هو عدم وجود فارق كبير بينهما ، فكلا هما من مؤيدي نظام الشاه([75].
وفي خضم هذه التطورات ، ظهر الى الوجود ، حزب المستقبل بزعامة الدكتور علي اميني([76] الذي تبنى موقفا وسطا بين حزب الأمة وحزب الشعب ، وكانت ملاكاته لاتؤدي الحزبين الاخرين الى جانب معارضة المتطرفين من مجموعة الدكتور مصدق ومجموعة الدكتور بقائي من حزب العمال([77].
ان التطورات التي حصلت في عام 1963 وعلى اثر الثورة البيضاء التي اعلن عنها الشاه ، تم تكليف علي منصور بأنشاء حزب ((ايران نوي اي إيران الحديثة وذلك في7 آذارعام 1964 لغرض تجسيد افكار ومبادى الثورة البيضاء ، الا أن الشاه كلف امير عباس هويدا بعد مقتل رئيس الوزراء حسن علي منصور ان يقوم بهذه المهمة. استمر هذا الحزب لمدة احد عشر عاما ([78] ، الى ان اعلن الشاه في 2 اذار 1975 الغاء هذا الحزب ، وحل محله حزب ((رستاخيز ، اى حزب النهضة والتجديد ، حيث تم تكليف جمشيد اموزكار تأسيس هذا الحزب ، كي يكون سداً مانعا امام القوى الوطنية المعارضة وذلك بتنظيم احتفالات التأييد للشاه وحكومته ، وهو اسلوب لم ينتفع كثيرا في تخويف الراي العام ، كما لايعد ذلك حائلا من دون المطالبة بسقوطه([79] .
وكان يراد له ان يشتمل على جناحين تقدمي ومحافظ يزودان الشاه بالمعلومات([80] .
تجاوز عدد اعضاء هذا الحزب في عام 1977 خمسة ملايين ، وبلغ عدد فروعه في انحاء ايران 25 الف فرع ، وفي هذا المجال يقول الشاه : ((ان الايرانيين فئتان اما ان تؤمن بالعرش والدستور وثورة السادس من بهمن وبذلك تدخل هذا الحزب واما لاتدخله فلا تؤمن بالعرش وبالدستور ، وصاحبها اما عضو في منظمة غير شرعية او يرتبط بحزب تودة الشيوعي ، وكل شخص من هذه الفئة سوف يسجن لانه خائن ، او عليه مغادرة البلاد حتى بدون ان يدفع رسم خروج ([81].
يتحدث الشاه في مذكراته عن غاية انشائه لهذا الحزب قائلا : ((وكنت استند في ذلك الى مجموعتين من العوامل ذلك انه بالنسبة للوقت الحاضر فقد كان على الحزب ان يستوعب وانه يمثل كل الطبقات الاجتماعية ووجهات النظر المختلفة ويجمعها في عملية بناء ايران وحريتها ، وهذا يجعلنا قادرين على كسب الاشخاص وكسب الوقت من اجل انجاح هذه التجربة ([82].
ان عملية انشاء هذا الحزب كانت مرتبطة الى حد بعيد مع العملية اللامركزية التي حاول الشاه الاخذ بها من خلال تنفيذ الاصلاح الاداري([83] .
وفضلاً عن ذلك ، فقد اعلن آية الله الخميني على اتباعه في عام 1975 تحريم الدخول بحزب رستاخيز([84] .
اصدر اية الله الخميني فتواه ازاء حزب رستاخيز ، الذي جاء فيه : (نظرا لمخالفة هذا الحزب للاسلام ومصالح الشعب الايراني المسلم ، يحرم على جميع ابناء الشعب الانتماء اليه ، وان الانتماء اليه يعد اعانة بالظالم ومشاركة في القضاء على المسلمين ، كما ان معارضته من ابرز مصاديق النهي على المنكر
هناك مؤشرات كثيرة تشير الى اخضاع تجربة نظام الحزب الواحد الذي كان يحاول الشاه من خلاله ان يبين نظاما خاصا يهيء صعود نجله الامير محمد رضا في السنتين اللتين تسبقان بلوغه سن العشرين ، وهي سن الرشد لتولي العرش وفق ماجاء في المادة 38من دستور عام 1906 ، كما لم يستطيع نظام الحزب الواحد ان يؤدي الواجبات الملقاة على عاتقه لعدم قدرته الجمع بين اهداف متعددة([85]، ونتيجة لهذه الاسباب ،لم يستطيع الحزب تطبيق المركزية الديموقراطية وتفاقم الاوضاع الداخلية وتصاعد القوى المضاعفة ،فقد قام الحزب بحل نفسه في 31 ايلول 1978([86]..
3- الاحزاب القومية (الجبهة الوطنية :
ان اهم الاحزاب القومية في ايران على عهد الشاه ، تمثل في الجبهة الوطنية التي تأسست في المدة الواقعة بين 1944-1947 وبزعامة الدكتور محمد مصدق([87] ووزير خارجيته فاطمي ، وقد ضمنت الجبهة في صفوفها اليسار المعتدلين والبرجوازيين الصغار ،اكد اعضاء الجبهة استخدام القنوات السلمية للوصول الى البرلمان ، وتم فعلا ، ومن خلال وصول الدكتور مصدق الى رئاسة الوزراء في المدة بين 1951-1953 ،والعمل المهم الذي قامت به الجبهة هو تأميم النفط الايراني في عام 1952([88] ، امام هذه الانجازات للجبهة الوطنية ،قامت القوى التقليدية وبزعامة الجنرال زاهدي بانقلاب عسكري ، ادى الى اسقاط الحكومة الوطنية ،ونتيجة لذلك مارس الشاه كل الضغوط على اعضاء الجبهة الوطنية ، الامر الذي دفع بالاخير العمل سراً في الخفاء([89].
عادت الجبهة الوطنية من جديد الى الحياة السياسية ، ومن خلال حسن نزيه من مؤيدي مصدق القدامى ، وقد عقدت الجبهة الوطنية فعلا مؤتمرها الاول الذي أنعقد في نهاية كانون الاول 1962 ، معلنة ميثاقها الجديد الذي تضمن النقاط الاتية([90] :
1- اعادة النظام الدستوري للبلاد.
2- عدم تدخل الشاه في شؤون الدولة
3- حل السافاك
4- ضمان الحريات العامة الفردية الا ان الجبهة تفككت من جديد ، فأنفصل عنها جناح في ربيع 1961 ، اطلق على نفسه حزب تحرير ايران بزعامة الدكتور مهدي بازركان ، في حين اعلن الدكتور كريم سنجابي([91]. بتأسيس الجبهة الوطنية الثالثة التي ضمت في صفوفها انصار مصدق.
ومرة اخرى قامت انشقاقات جديدة في داخل الجبهة الوطنية ، وكان من نتائجها تشكيل مجموعة سياسية مستقلة بأسم الجبهة الوطنية الديموقراطية بزعامة هداية الله معين دفتري حفيد مصدق ، والجبهة الوطنية الحديثة حددت الجبهة الوطنية موقفها عن المؤسسة الدينية في ايران في نهاية آب 1979 في البيان الذي اصدرته تضمن النقاط الاتية([92] .
1- تؤكد التطورات السياسية في إيران ،على هيمنة مجلس الخبراء في السلطة ،الآمر الذي يؤدي الى أيجاد طبقة تؤكد امتيازاتها .
2- تعد هذه الظروف بمثابة تمهيد لاقامة نظام استبدادي دكتاتوري .
3- تؤكد الجبهة على ملائمة الدستور الجديد مع الدساتير العالمية ، وجعله من اكثر الدساتير تقدمية في العالم ، وأنموذجا يجسد الحضارة الإيرانية الإسلامية.
4- ضرورة تضمين الدستور بالمبادى الديمقراطية والتي تؤكد على الحرية وحكم الشعب والاستقلال الوطني.

