أنت هنا

قراءة كتاب السياسة الخارجية الإيرانية ( 1979– 2011 )

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السياسة الخارجية الإيرانية ( 1979– 2011 )

السياسة الخارجية الإيرانية ( 1979– 2011 )

كتاب " السياسة الخارجية الإيرانية ( 1979– 2011 ) " ، تأليف د. احمد نوري النعيمي ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

المبحث الأول: الإطار العام للثورة

قام الرئيس جمال عبد الناصر بعد فشل الدكتور مصدق في عام 1953 بارسال رسائل الى آية الله الخميني([1].

يحثه على القيام بالثورة ضد الشاه ، وفي هذا الشأن ، تدفقت معلومات الى الجنرال نصيري رئيس السافاك الإيراني ، بان عبد الناصر زود آية الله الخميني بمبالغ لتنفيذ ذلك([93] .

ونتيجة لذلك اتخذ نصيري قرارا باعدام آية الله الخميني ، إلا أن الشاه اقتنع بأن إعدامه لم يمنع من ظاهرة الإستقرار السياسي ، وعليه فقد قرر في تشرين الثاني عام 1964 ابعاده من إيران ([1] ليجد نفسه في أنقرة ، الا انه لم يشعر بالإرتياح فيها لان الشيعة أقلية هناك ، وعليه فقد قرر الإستقرار في مدينة النجف العراقية ، حيث مكث هناك مدة طويلة عندها سافر الى باريس ([2] .

وعند وصول اية الله الخميني إلى باريس ،([94] تفاقم الوضع السياسي في إيران ، وتهديد المعارضة الإيرانية للشاه ،([95] قرر الشاه مغادرة البلاد في 16 كانون الثاني ، وترك السلطة بيد شابور بختيار من اجل اعادة الحياة الى طبيعتها([96].

وهنا لابد من الإشارة إلى أن إدارة كارتر التزمت جانب الصمت من التطورات الأخيرة في إيران ، في الوقت الذي كان كارتر يصف إيران بانها دعامة الإستقرار([97]

وفي هذا الشأن يقول الرئيس الأسق جيمي كارتر في مذكراته : " كنت أنظر إلى شاه إيران ، وشأني في ذلك جميع الرؤساء الذين سبقوني ، على أنه حليف من حلفاء الولايات المتحدة ومن أولاهم ثقة ، وكنت أقدر له العلاقات الطيبة التي يقيمها مع المصريين ومع السعوديين ، كنت أقدر له أيضا قراره في مواصلة بيع النفط إلى إسرائيل ، رغم نواهي المقاطعة من الدول العربية " ([98] .

يتحدث كارتر عن عملية التحديث قائلا : " كانت السافاك تعامل المعارضين معاملة بالغة من الشدة أقصى حدودها ، وكنت أعلم أن في السجون الإيرانية ما لايقل عن 2500 سجين سياسي ( وكان الشاه يقول إنهم أقل من 2500 وقد أكلتهم السنون . وكان الشاه مقتنعا أن الوسيلة الوحيدة في مجابهة المعارضة الجدية هي في تصفيتها ، ولم يكن يستطع أن يكف نفسه عن النظر بإزدراء إلى زعماء الغرب ( ومنهم أنا شخصيا ، الذين لم يكونوا يشاطرونه حماسته لهذه الوسائل المتعجلة . لقد كان ممكنا لعملية التحديث المتناسقة في إيران أن تقوم على دعائم ثلاث هي الطبقة المتوسطة والطلاب وجماعة المسلمينفي إيران . لكنني كنت أعلم بوساطة التقارير التي كانت تردني ، بأن هذه الجماعات الثلاث تشكل في الوقت نفسه خطرا على نظام الشاه ، لكيلا أتسبب في إرباكه ، إلآ أقارب هذه المسألة إلا على إنفراد ومعه على وجه الخصوص .. قلت للشاه أثناء مقابلتي له في البيت الأبيض في 15 تشرين الثاني 1977 : " إنني على وعي تام بالتقدم الواسع الذي أحرز في بلادكم ، لكنني لست أجهل أن لديكم مشكلات أيضا ، وأنكم تعرفون موقفي من قضية حقوق الإنسان ، ويشتكي اليوم ، عدد كبير متزايد من مواطنيكم بأن هذه الحقوق ليست تحترم في إيران ، واعتقد بأنني أدرك من أين تأتي هذه الإحتجاجات ، فهي صادرة بشكل جوهري عن الملات ( جمع ملا وعن غيرهم من رجال الدين وعن الطبقة الوسطى وهؤلاء يريدون زيادة نفوذهم السياسي وكذلك هي صادرة عن الطلاب .. تابعنا النقاش لبضعة دقائق ، لكنه كان واضحا أن مرافعتي التي قدمتها لم تقنع الشاه بتعديل سياسته .. " ([99] .

إن تقريرا واردا عن ال" سي . آي . إي " مؤرخا في شهر آب ، أشار إلى أن إيران لا تعيش " لا في وضع ثوري ولا في وضع ممهد للثورة ، ولقد أوضح هذا التقرير نفسه ، بأن الجيش يدعم الملكية ، وبأن معارضي نظام الشاه العنيفين منهم والمسالمين ، لا يمكن عدهم بأي حال من الأحوال ، يشكلون خطرا حقيقيا " ([100].

يقول في هذا السياق ، السفير الأمريكي الأسبق في طهران ، وليم ساليفان عند لقاءه مع الشاه محمد رضا : " شعرت بذهول عميق أمام هذا الإنفجار العاطفي للشاه . لم يكن يتكلم بلهجة الأمر المتكبر ، وإنما كشخص عادي شعر فجأة أن ظلما كبيرا وقع عليه . كان شديد الإضطراب وكلامه أقرب إلى المناشدة والتبرير بشكل يثير الإشفاق . لقد صعقت بما رأيت وسمعت في ذلك اللقاء "([101] .

يردف ساليفان قائلا : " .. بعد أن توقفت عن الكلام شعرت أنه بات مقتنعا بصحة معلوماتي ووجهة نظري ، فسأل عن المصدر الذي يقوم بتمويل الفئات المعارضة قائلا : " إن القيادة الدينية لم تكن في السابق تملك المال الوفير الذي يبدو أنها تملكه الآن ، أجبت بأني لا أعرف كثيرا من التفاصيل حول هذا الأمر ، ولأن المعلومات التي لدي الآن تدل على أن الممول هو البازار . وهنا أبدى الشاه إستغرابه الشديد من هذا الخبر ، وأعرب عن شكوكه بصحة معلوماتي بهذا الخصوص ، وذلك لأن الحركة التجارية لم تزدهر سابقا كما إزدهرت خلال الحكم البهلوي ولأنهم كانوا دائما من أنصار ومؤيدي النظام البهلوي منذ تأسيسه . أجبت على ملاحظته بتذكيره بموقف تجار البازار المعارض واحتجاجاتهم القوية ضد سياسة التقشف والقيود المالية التي وضعتها حكومة أموزغار والتي أدت بالنتيجة لإستقالة تلك الحكومة "([102] .

وفي هذا المجال ، يقول مارتن إنديك : " أن واشنطن أصبحت شديدة الالتزام بالشاه بحيث عميت عن عيونه ، وأساءت الحكم على تنامي الاستياء في أوساط شعبه ، وبقيت غافلة عن التحالف الذي أقيم بين رجال الدين الشيعة المتطرفين وتجار البازار الذين لديهم القدرة على تمويل الثورة . ولم تدرك إدارة كارتر المشكلة إلا بعد فوات الأوان . وعندما أطيح بالشاه في كانون الثاني 1979 ، كان من المحتم أن تنقلب الثورة على الولايات المتحدة ، أفضل أصدقائه . وتجلت معاداة الولايات المتحدة لدى الثورة الإيرانية في احتجاز الأمريكيين ، وفي جهود تصدير الثورة الإسلامية الشيعية إلى الدول العربية السنية في الخليج التي كانت منحازة إلى الولايات المتحدة " ( [103] .

مع بداية شهر تشرين الثاني حصلت لدى السفير سوليفان قناعة بأنه ينبغي لجماعات المعارضة أن تحصل على مقدار من السلطة ، لم يكن الشاه مستعدا أن يعطيه لها . أما فيما يخص الرئيس الأسبق كارتر ، فقد وقف بين خيارين ، مساندة الشاه دون شروط ، أو التحول بتلك المساندة ، كما كان ينادي سوليفان مناداة كانت تتزايد مع الوقت شدة ، بحيث تدفعه إلى اعتماد الحلول التي يقترحها سوليفان( [104] .

وكانت هناك مجموعة صغيرة في الولايات المتحدة وفي مقدمتهم زبغنيو بريجنسكي رئيس مجلس الأمن القومي ووزير الخارجية السابق وسايروس فانس وجورج بول وديفيد نوسوم في طهران وهارولد براون وتشارلز دنكان في البنتاغون والجنرال الكسندرهيغ والجنرال روبرت هو يترز من قيادة حلف شمال الاطلسي وستاتسنيلد تبرز وروبرت بوي من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية([105]. وقد عمل تحت اشراف هذه النخبة عدد من المتخصصين في شؤون إيران والشرق الاوسط ومن بينهم ريتشاركوتام من جامعة بتسبرغ ومارفن زوتس من جامعة شيكاغو وجيمس بيل من جامعة تكساس في اوستن وريتشارد فالك وبرنارد لويس وتوماس ركس من جامعة جورج تاون ،وكان رامزي كلارك المدعي العام الامريكي السابق المنسق للعملية ([1] .

يقول السفير االأمريكي الأسبق في طهران وليم ساليفان في هذا السياق : " .. وقد أكد " رامزي كلارك " الذي تربطني به معرفة قديمة ، أنه مع الآخرين ومن جملتهم أحد أساتذة جامعة " برنستون " سوف يحترمون سرية كل مايدوربيني وبينهم من حديث مهما كانت درجة صراحته . بناء على هذا التأكيد أعطيتهم فكرة عن الفئات المعارضة للشاه والإضطرابات السياسية الحالية ، وختمت كلامي بإداء رأيي الخاص غير المتفائل ، وقلت أنني لا أستبعد نجاح الثورة وإنهيار نظام الشاه . ولكن الأمر المؤسف الذي كدرني هو أن أحدهم " الأستاذ في برنستون " حنث بالوعد الذي قطعوه على أنفسهم أمامي ، وصرح علنا ونقلا عني في باريس التي جاءوا إليها من طهران بأمل الإجتماع بآية الله الخميني ، هذ الأستاذ لم يستطع مقاومة رغبة جامحة في نفسه فأعلن أمام بعض الصحفيين الأمريكيين هناك ماسمعه وزملاءه في طهران . ما أن نشر ذلك في الصحافة الأمريكية إلا وثارت ثائرة واشنطن فإستلمت برقية تضمنت إحتجاجا شديدا على تصريحي مذكرة إياي بموقف الحكومة الرسمي ومستفسرة في الوقت نفسه ما إذا كان تصريح البروفسور مقتبسا حرفيا عن كلماتي . أجبت على هذا الإستفسار بالقول أن مضمون التصريح صحيح ، ولكن صرحت به بعد أن قطعوا وعدا بعدم الإعلان عنه ونقله عن لساني هذا الحادث الجديد أدى بطبيعة الحال إلى مزيد من تدهور العلاقات بيني وبين البيت الأبيض في واشنطن . في تلك الآونة أيضا اكتشفت أن تقاريري السرية بدأت تظهر على صفحات " واشنطن بوست " . إن طريقة تسريب معلومات حكومية سرية إلى الصحافة هي إحدى الوسائل التي يلجأ إليها أصحاب وجهات النظر السياسية المختلفة والمتضاربة في أوساط بيروقراطية واشنطن . لهذا أخبرت واشنطن بأني سأستعمل في المستقبل أجهزة الإتصال السرية التي تربط السفارة بعدد معين من كبار المسؤولين بوزارة الخارجية لإبلاغ الوزارة بما يطرأ من أحداث هامة ومعلومات سرية طارئة "([106] .

واصبحت هناك قناعة من هؤلاء ، أنه لابد من تغيير الشاه ([107] ، بعد ان فقد الاخير شعبيته في داخل إيران ([2].

قرر الرئيس كارتر الإستعانة بخبرة جورج بول وتعيينه بصفة مستشار في الشؤون الإيرانية بوزارة الخارجية . كان بول يتمتع فعلا بخبرة طويلة وجيدة بشؤون إيران كموظف حكومي ومن ثم كمحام أيضا . وكان قبل مدة قصيرة في زيارة لطهران بصفته عضوا في مؤسسة " إخوان ليمان " للإستثمارات . كان بول يشعر بنوع من العطف على شاه إيران محمد رضاإلا أنه كان واقعيا بما فيه الكفاية ليدرك أن إنهيار النظام بات وشيكا وأن المصلحة تقضي بالسعي من أجل قيام حكومة إنتقالية في إيران تسمح للعناصر والفئات السياسة المعتدلة بالإستيلاء على السلطة قبل أن ينجح الثوار بالوصول إلى هدفهم . . في هذا الشأن يقول السفير الأمريكي الأسبق في طهران وليم ساليفان : " في النهاية لم تؤدي تلك المساعي والمحاولات إلى نتيجة مجدية بسبب رفض البيت الأبيض للتوصيات والإقتراحات التي قدمها جورج بول في تقرير مفصل لم تزودني واشنطن بنسخة منه ، وإنما اطلعت على محتوياته من جورج بول مباشرة أثناء حديث شخصي معه بعد إحالتي على التقاعد " ([108] .

وعليه نرى أن الشاه في بداية الأمر ، كلف الدكتور غلام رضا صديقي احد زعماء المعارضة في نهاية تشرين الثاني 1978 الذي كان يتولى وزارة الداخلية ، الا أن صديقي لم يستطيع القيام بهذه المهمة بسبب موقف المعارضة بفصائلها كافة من تشكيل حكومة في ظل وجود الشاه ([1] .

الأمر الذي تم تكليف شابور بختيار ، وكان يعمل نائبا لوزير العمل في حكومة مصدق([109] .

وهنا لابد من التاكيد من ان مستشار كارتر للأمن القومي بريجنسكي بين في مذكراته عن التطورات التي سبقت الثورة الايرانية قائلا : (( قبل يومين من هذه التغييرات أي في 3 شباط 1978 تحدثت عبر الهاتف مع الشاه بامر من كارتر وبموافقته وقلت له : (( إن الولايات المتحدة تدعمكم بالكامل في الأزمة الراهنة دون ادنى تردد وشروط او قيود فنحن ندعمكم بالكامل ..([110]. وكان هدفي من هذا الإتصال الهاتفي هو ان اوضح له ان الرئيس الأمريكي والولايات المتحدة يدعمونه بقوة لكي يتحرك بحزم قبل ان يفلت من يده زمام السيطرة على الاوضاع بالكامل([111]. في هذا السياق يقول الرئيس الأسبق جيمي كارتر في مذكراته : " كنا نتابع جهودنا عبر هيوسر ، لشد أواصر التحالف المتعثر بين العسكريين والحكومة المدنية ، وطلبنا في الوقت نفسه ، من السعوديين والمصريين والمغاربة والأردنيين ومن بلدان إسلامية أخرى أن تدعم حكومة بختيار ، وأن تتدخل لدى الخميني وتطلب إليه عدم العودة إلى طهران .. " ([112] . قام بختيار([113] باتخاذ مجموعة من القرارات لارضاء الرأي العام الإيراني من بينها حل جهاز السافاك ، اذ قام مجلس الشيوخ الإيراني باتخاذ هذا القرار في 6 شباط 1979 ، كما اتخذ قراراً بمحاكمة الوزراء والموظفين المتهمين بالرشوة والفساد ، واطلاق عدد كبير من السجناء السياسين الموقوفين الا ان آية الله الخميني رفض التعامل مع بختيار ، بسبب أن الشاه اختاره للقيام بهذه المهمة ، وهو نفسه " الشاه " ليس الحاكم الشرعي للبلاد . وقد ترجم هذه الحقيقة احد علماء الدين في احدى التظاهرات بقوله للمراسلين الاجانب : " نحن لا نقبل بحكومة بختيار ، ولأنه كالماء الفاتر ونحن أصبحنا في درجة الغليان "([114] .

في خضم هذه التطورات أعلن بختيار في 28 كانون الثاني 1979 عن رغبته في السفر الى باريس للقاء آية الله الخميني والتباحث معه حول مستقبل إيران ، إلا ان آية الله الخميني اشترط استقالة بختيار من رئاسة الوزراء لمقابلته([115] . لأن آية الله الخميني أعلن أن رئاسة الحكومة يجب أن تكون لمهدي بازركان ، لكن بختيار رفض أن يتخلى عن المنصب ([116] . كان ساليفان يعتقد أن وصول الخميني إلى السلطة سوف يسهل عملية تأسيس الديمقراطية في إيران ، في حين أن هيوسر كان يعد هذا الوصول كارثة كبرى ، وفي الوقت الذي كان سوليفان يرغب في أن يقف العسكريون بعيدا عن الصراع من أجل السلطة ، كان هيوسر على اقتناع بأن على العسكريين أن يساندوا الحكومة الشرعية في إيران إلى أن يصبح إصدار دستور جديد ممكنا . ولهذا صرف سوليفان العسكريين عن محاولة القيام بإنقلاب عسكري ، وعن التخلي عن مواقفهم للتجمع في جنوب إيران ، حيث التوتر هناك هو أقل بما لا يقاس من التوتر السائد في الشمال ([117] .

وعند ما تأكد عزم اية الله الخميني العودة الى ايران ، امر بختيار باغلاق مطارات إيران كافة وبالتعاون مع الجنرال هايزر على إغلاق مدارج المطار بوجه الطائرات ، بحجة المحافظة على حياة آية الله الخميني ، الا ان قطاعات من الجيش اعلنت عدم رغبتها بالنزوع للشوارع لاخماد المظاهرات مما حدا ببختيار الرجوع عن قراره([118] . وفي نهاية الأمر ، وصل آية الله الخميني في الأول من شهر شباط 1979 الى إيران بعد مرور اربع عشرة سنة من تركه اياها([119] ومعه حشد كبير من معاونيه فأستقبلوا من قبل الحشد الهائل من البشر الذين تجمعوا في مطار مهراباد على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية . من المطار توجه أية الله الخميني وجماعته يرافقهم جمهور غفير من المستقبلين إلى مقبرة الشهداء حيث أدى الجميع الصلاة على أرواح الذين أستشهدوا في مختلف المراحل التي مرت بها الثورة . بعد ذلك توجه آية الله الخميني يرافقه جمهور كبير إلى مدرسة دينية صغيرة في الطرف الجنوبي من طهران أعدت لتكون مسكنا له ولعائلت ([120] وفي 11 من شباط من السنة نفسها ، اصبح آية الله الخميني زعيما للبلاد([121] إذ شرع بتعيين مهدي بازركان رئيسا للحكومة المؤقتة ، وكشفت حكومته التي تشكلت في معظمها من رجال تلقوا تعليمهم في الغرب ، وأبدت رغبتها على الفور في التعاون مع الولايات المتحدة ، ووضعت حراسة على سفارتها ، وكذلك أمنت حماية لفيليب س . كاست الذي حل محل هيوسر ، وتوجه بازركان إلى الولايات المتحدة بألفاظ ودية ، وأعلن على الملأ أن إيران سوف تستأنف تسليماتها من النفط إلى جميع زبائنها بما فيها الولايات المتحدة ([122] . واعلن ايضا :" إن عقاب الأشخاص الذين يعرقلون او يناهضون الحكومة الإسلامية سيكون عسيرا ، وفي الفقة الاسلامي الثورة ضد حكومة الهية هو ثورة ضد الله ، والثورة ضد الله كفر وعقاب ذلك وخيم جداً " ([1] .

قوم الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر ، في مذكراته ، بازركان قائلا : " ولأن بازركان ، ورغم كونه ، لم يكن مستطيعا أن يضع حدا للفوضى ، فقد ازددت وثوقا من موقفه المعتدل "([123] .

إلا أن بختيار في بيان له في اليوم الثاني من تعيين بازركان ، لم يكن ليعترف باصطلاح (( حكومة آية الله المختارة معلناً : (( انني اظل في المملكة في منصب رئيس الوزراء قانوناً كي اقوم بانتخابات حرة في المستقبل ، حتى اذا خضع نواب المجلس لطـلب آيـة الله خميـني ، واستقـالوا مـن نيـابة المجلس ([2]، واجه

بـازركـان([124] .

الصفحات