كتاب " الضوابط الشرعية للثوابت والمتغيرات في الإسلام " ، تأليف الدكتور راشد سعيد شهوان ، والذي صدر عن دار المأمون للنشر والتوزيع عام 2013 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
المقدمة
أنت هنا
قراءة كتاب الضوابط الشرعية للثوابت والمتغيرات في الإسلام
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الضوابط الشرعية للثوابت والمتغيرات في الإسلام
مدخل في تحديد المفاهيم والمصطلحات التي ترد في البحث
يحسن بنا في البداية قبل أن نشرع في ذكر المطالب الخاصة بهذا الموضوع، أن نحدد بعض المفاهيم والمصطلحات التي تعتبر مدخلاً وتمهيداً أساسياً في البحث، لأن عدم وضوح المفاهيم خطر كبير على استقامة الفكر، والمصطلحات والمفاهيم هي الوعاء التعبيري الذي من خلاله تطرح الفكرة التي تشكل مفهومات الناس وتصوراتهم وتنعكس على سلوكهم وتصرفاتهم، بما تحمله من مدلولات ومضامين لغوية وعقائدية وفلسفية وثقافية وحضارية، فإذا اضطرب الوعاء واختلت مدلولاته، اختل البناء الفكري واهتزت قيمته في الأذهان، وعظمت مضرته بانعكاساته في حياة الأمم وسلوكياتهم وثقافتهم، فالأمم الواعية الراقية في أفكارها والأصيلة في تصوراتها لا تقبل مصطلحات ومسميات الآخرين، وبخاصة في مجال العلوم الإنسانية دون تحليل أو تمحيص وتنخيل، لأنها في الغالب هي التي تسبب التشويش والنزاع بينها، وتخلخل بنية الأمة وتماسكها الفكري والثقافي. فكثير من أسباب الاختلاف والتعقيد – على سبيل المثال – التي تقع بين من يعالجون مثل هذا الموضوع – الثوابت والمتغيرات – وتسوية قضاياه المتشعبة، ناتج عن خلفية الثقافات والعقائد والفلسفات والأيديولوجيات التي تحملها أطراف النزاع، وثنائية المعايير عن الروح والمادة والإنسان والحياة المطروحة في وسائل الإعلام وأدبيات الصحافة المعاصرة، التي تغذي وتوجه كثيراً من المفكرين من دعاة الحداثة والإصلاح والتطور وتصوراتهم ومنطلقاتهم في معالجة المسائل المتعلقة بمسائل الثوابت والمتغيرات.
وكثير من أسباب الخلاف التي تقع بين من يحاولون معالجة قضايا الثوابت والمتغيرات وما يتبعها من مسائل الإصلاح والتغيير والتطور، تعود إلى ازدواجية السلوك وعبودية التقليد الأعمى، والانبهار الخادع والنقل العشوائي، والترجمة الخاطئة للألفاظ للمصطلحات الأجنبية، وما يرافقها من خلط عجيب في المفاهيم، التي أصبحت مثاراً للجدل والتنابذ العقيم(5)...
ومنها أيضا ما هو ناتج عن الجهل بالضوابط الشرعية وقواعد الدين، وعدم العلم بمقاصد الشريعة وأحكام الاجتهاد، أو عن نظرة سوداوية مريضة غير منصفة، إلى غير ذلك...، ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عن أسباب الاختلاف في قضايا الثوابت والمتغيرات وعلاجها وتتبع مساراتها ومناقشة الطروحات بين أطرافها، ولعلنا نوفق بعون الله إلى دراستها في المطلب الثاني في الحديث عن القيم بين الثوابت والمتغيرات، ولكن أردنا أن نبين حجم المشكلة التي تعاني منها المصطلحات والحاجة إلى بحثها، كما أردنا أن نشير إلى أهمية تحديد المفاهيم، وخطورتها على الأبحاث، وما يحدثه عدم وضوحها من أزمات فكرية وخلافات في وجهات النظر....
ولهذا فإن من الواجب أن نبدأ بتحديد المفاهيم لتصحيح المداخل وتحديد التصورات، وتوضيح الموازين وتمييز الاتجاهات، حتى يزول الخلط ويذهب الالتباس.