أنت هنا

قراءة كتاب ثقافة الاستهلاك وما بعد الحداثة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثقافة الاستهلاك وما بعد الحداثة

ثقافة الاستهلاك وما بعد الحداثة

كتاب " ثقافة الاستهلاك وما بعد الحداثة " ، تأليف مايك فيزرستون ، ترجمة فريال حسن خليفة ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 1

مقدمــــــــــة المترجـمــــــــة

عزيزى القارئ ليست مقدمتي لهذا الكتاب " ثقافة الاستهلاك وما بعد الحداثة" تحليلا لمنهجه وبنيته أو تحديدا لإشكالياته ، ولكنها بمثابة فكرة موجزة عن الكتاب تُبين كيف أصبحت ما بعد الحداثة القضية المحورية في الحياة الثقافية اليوم، خاصة أن هذا الكتاب يؤكد على مكانة ما بعد الحداثة داخل العمليات التي تشكل المجال الثقافي، وتساعد على نهضة الثقافات الشعبية والكرنفالات، وتقوى الدوافع الشعبية للديموقراطية والمساواة والاعتراف بالآخر المختلف.

وليس هذا الكتاب مجرد بحث في العلاقة بين ثقافة الاستهلاك وما بعد الحداثة، ولكن تتشابك في تحليلاته النقدية كثير من القضايا البينية، وأعني بالبينية هنا فاعلية التأثير والتأثر بكثير من القضايا الأخرى ذات الصلة بثقافة الاستهلاك وما بعد الحداثة؛ مثل قضية الثقافة الشعبية والتحول إلى ما بعد الحداثة، والثقافة الرفيعة والتحديات التي تواجهها في عصر ما بعد الحداثة، والثقافة المشتركة والسؤال عن إمكانية بنائها على أساس وحدة التنوع الثقافي وشرعية الاختلاف، والثقافة الكوكبية، والعلاقة بين الثقافة والاقتصاد والتكنولوجيا والسياسية، والعلاقة بين رأس المال الثقافي ورأس المال الاقتصادى والتطور الحضرى للمدن. كما يتناول الكتاب أيضا ظهور ما يسمي بطبقة البرجوازية الصغيرة الجديدة وفئاتها المتنوعة من (المفكرين الجدد والوسطاء الثقافيين والفنانين والمديرين ) ويكشف أيضا تناقضاتها الأساسية مع الطبقة البرجوازية الصغيرة القديمة أو التقليدية. ووجه التباين بين ما يسمي بالمفكرين العالمين والمفكرين الجدد. فضلا عن تقدم علم اجتماع الثقافة وكيف أصبح موضع الاهتمام البحثي في قلب الحقل الاجتماعي، ومن القضايا المهمة أيضا التي يثيرها الكتاب العلاقة بين ثقافة الاستهلاك والمقدس والتى قد تكون سلباً للأديان التقليدية ولكنها تنتج مقدساتها الجديدة.

ويبدأ الكتاب بتحديد مفهوم الحداثة وما بعد الحداثة، ويشير إلى آراء النقاد حول مفهوم ما بعد الحداثة واعتبارها عند بعضهم نوعا من البدع أو الهوس الفكرى، أوأنها مؤشر على التوعك في قلب الثقافة المعاصرة، أو أنها انعكاس لرد الفعل السياسي في العالم الغربي، أو أنها ثقافة منشقة، أو ثقافة روث، حلت محل الحداثة عن طريق وفرة الصور والرموز والتصنع والمعاني غير المترابطة والهلوسة الأستاطيقية، أو أنها رد فعل وتفكير آلى في التغيرات الاجتماعية .

وعلى الرغم مما يراه النقاد حول مفهوم ما بعد الحداثة واعتبارهم لها، فإن الآثار التى أحدثتها مابعد الحداثة داخل المجالات الأكاديمية وخارجها عظيمة الأهمية جديرة بالنظر والاعتبار؛ في الفن، والموسيقا، والأدب، والسينما والدراما والمسرح، والتصوير، والإعلام، والمعمار، والنقد، والفلسفة، والاجتماع، والجغرافيا، والأنثروبولوجيا ...الخ، ولقد أصبحت ما بعد الحداثة واسعة المدى في المجالات الأكاديمية والفكرية والفنية.

ولذلك يرى فيزرستون ضرورة تحديد معني إجرائي لما بعد الحداثة وهو يحدد مجموعة المصطلحات المشتقة من مصطلح "ما بعد الحديث" ويقابلها بالمصطلحات المشتقة من الحديث، وبالتالى تنشأ لديه ثمانية مصطلحات أساسية:

الحديث ـــــ ما بعد الحديث .

التحديث ـــــ ما بعد التحديث .

الحدثنة ــــــ ما بعد الحدثنة.

الحداثة ــــــ ما بعد الحداثة.

ويشير فيزرستون إلى أنه لا يوجد اتفاق على معني مصطلح ما بعد الحديث ومشتقاته ؛ مابعد التحديث وما بعد الحدثنة وما بعد الحداثة. وغالبا تستخدم هذه المصطلحات بشكل فيه خلط و بطريقة قابلة لتبديل مصطلح بآخر.

ويحلل فيزرستون العلاقة بين الحديث وما بعد الحديث أو بين الحداثة وما بعد الحداثة ، ويثير التساؤلات حول طبيعة هذه العلاقة وهل هي علاقة تواصل أم علاقة انقطاع ؟

ويعتبر فيزرستون أن البادئة " ما بعد post " تشير إلى القطيعة والتناقض مع الحديث ، لكن الحركة المتصلة في الابتعاد عن الحديث تجعل ما بعد الحداثة مصطلحا نسبيا غير محدد لكنه يشير إلى كل اجتماعي جديد يغاير تماما فترة الحديث ، ويناقضها كما عبرت عن ذلك كتابات بورديارد وليوتار وجيمسون.

يرى بودريارد أن تكنولوجيا المعلومات هي محور التغير من النظام الاجتماعي الإنتاجي إلى النظام الاجتماعي الذى يشكل فيه فيضان الصور والرموز عالم التصنع ،عالم ما بعد الحداثة ، هلوسة أستاطيقية بلا عمق.

و كذلك يهتم ليوتار بتأثير التكنولوجيا على المعرفة ، ويرى أن افتقاد المعني في ثقافة ما بعد الحديث لا يجب أن يكون مفجعا لأنه يشير إلى استبدال معرفة الرواية بتعدد الألعاب اللغوية ، واستبدال العالمية بالمحلية.

بينما يعتبر جيمسون أن ما بعد الحداثة هي المنطق الثقافي للرأسمالية المتأخرة ؛ الرأسمالية الاستهلاكية المتأخرة التي تبدأ بفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، وهو يعتبر الثقافة أساس المجتمع الاستهلاكي باعتباره مجتمعاً مشبعاً بالصور والرموز ، وكل شيء فيه أصبح ثقافيا.

ويحدد جيمسون صفتين أساسيتين لما بعد الحداثة ؛ الأولي : تحول الواقع إلى صور . والثانية : تجزؤ الوقت في سلسلة لحظات حاضرمستمر أو عرض دائم ، والمثال الذى يجسد كل من الصفتين هو الإعلام ، ويرى جيمسون مثل بودريارد ثقافة الصورة خليطا من التصنع والتنوع النمطى وعدم التجانس الذى يؤدى إلى فقد الدلالة وموت الموضوع ونهاية الفردية. أما عن الصفة الثانية أو الإدراك المجزأ للعالم عند المشاهد فإنه يعتبر سبب للشيزفرونيا التي هي عامل من عوامل ما بعد الحداثة وتعتبر الشيزوفرنيا تحطيم للعلاقة بين المعاني ، تحطيم للوقت والذاكرة ومعني التاريخ . فالخبرة الشيزفرونية هى خبرة الانفصال والتفكك وعدم التواصل وهي المسئولة عن تحول الواقع إلى صور.

الصفحات