كتاب " مع الحركات الإسلامية في العالم " ، تأليف حسام تمام ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب مع الحركات الإسلامية في العالم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بعض الكتاب هاجموا عبد السلام ياسين وجماعته وتحدثوا عن أنه بنهاية العام ستفقد الجماعة مصداقيتها غير أن الرؤيا - في نظري- وإن كانت مرهونة بالتحقق، فهي قبل ذلك تحتاج إلى تفسير، فإذا تحقق تفسير الرؤيا على الأرض تمتلك بذلك مصداقية كبيرة، ويمتلك صاحبها قدرة أكبر على سحر الجماهير. ولكنها إن لم تحقق الرؤيا ، فليس أمام صاحبها إلا أن يؤولها من جديد، وأن يعيد إنتاجها بشكل يجعلها مقبولة للناس، فينتظرون تحققها بإخراجها الجديد. عبد السلام ياسين رجل ليس ساذجا أو غرا حتى يلقي بجماعته في هذا الاختبار بل هو رجل يتمتع بكثير من الذكاء، فهو يوظف الرؤيا في حقل السياسة بنحو دقيق، لا يسمح فيه بالمغامرة بمصداقيته.
إنه ينتفع بالدور الاستراتيجي الذي يمكن أن تلعبه، خاصة داخل مجتمع تكثر فيه نسبة الأمية، وتشيع فيه الأفكار الطرقية بشكل مبالغ فيه، وفي نفس الوقت لا يعطي للرؤيا تفصيلا يرتهن به، إنه يجعلها مفتوحة يسهل تأويلها بأي حدث عظيم. وبالطبع، فلن نعدم وجود حدث عظيم نفسر به الرؤية في سنة 2006!! الرجل يعتقد أن الذهنية المعرفية للشعب المغربـي لا تتفاعل بشـكل مؤثـر مع الخطابات السننية، ولذلك فهو يسعى لتحريك الجماهير من قناة مؤثرة. فهو بهذا الاعتبار منسجم تمامـا مع توجهـه الفكري وميوله الصوفية، وفي نفس الوقت يمارس السياسة من حيث كونها استثمارا لكل شيء من أجل الوصول بالخطاب إلى أوسع قدر ممكن من الناس، وجعلهم في عمق مشروعه التغييري. وغير خاف عبر تاريخ المغرب الحضور القوي للرؤيا كأحد الأركان الأساسية في الخطـاب السياسي.
نعم الرؤيا من الغيب، غير أن دخولها معترك السياسة والقدرة على استثمارها وتوجيهها لتحقيق مكاسب سياسية ربما كان ذكاء سياسيا من الرجل في العمل السياسي. إدخال عنصر الغيب داخل المعادلة السياسية يحمل أكثر من معنى، فهو يحيل إلى تميز الفاعل السياسي الإسلامي، الذي لن يكتفي بالجانب السنني، وإنما سيثري تجربته وتصوره بهذا الغيب، ثم إنه محاولة لإرباك الساحة السياسية من خلال اعتماد مفاهيم لا يستوعبها الفاعل العلماني، ولا يستطيع التعامل مع منطقها.
والخوف من الاتهام بالخرافة حاصل وهو ما جرى فعلا بحق الجماعة لكن الفاعل السياسي الذي يهمه استثمار الرؤى في الحقل السياسي، يهمه أيضا استثمار الحراك الفكري الذي يحدثه خطابه ومبادرته. فكلما كثر النقاش عن جماعة العدل والإحسان، وعن أسلوبها في العمل، وكلما صار موضوع الرؤى ومضمونها متداولا في الحقل السياسي كلما حققت الجماعة قدرا من أهدافها السياسية. فهي بهذا الاعتبار تلفت الانتباه إلى حضورها القوي بدليل أن كل الفرقاء يتحدثون عنها وينتقدونها. ومثل هذا التداول الواسع قد يحقق قصدا آخر يمكن أن نصطلح عليه إعادة التوازن الفكري والنفسي لأنصار الجماعة. فهم ينظرون إلى جماعتهم وإلى مرشدهم باعتباره محور جذب واستقطاب فكري وسياسي. فالكل يتحدث عن الجماعة وفي ذلك دليل على حضورها وقوتها.