كتاب " مع الحركات الإسلامية في العالم " ، تأليف حسام تمام ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب مع الحركات الإسلامية في العالم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
التقريب بين الصوفية والفقهاء..
تجربة حركية من الغرب الأفريقي
في أقصي بقاع بلاد الغرب الأفريقي وفي قرية نائية أقرب إلي واحة في الصحراء الموريتانية وقريبا من حوض نهر السنغال الحد الفاصل بين البلدين: موريتانيا والسنغال جرت وقائع هذه الندوة التي تأخرت في الكتابة عنها لظروف سفر طويل وتنقلات لا يستقر معها المقام، ثم عدت إليها بعدما صرت على قناعة بأن موضوعها والسياق التي عقدت فيه بل وأجواء الندوة عموما من الأهمية بما يفرض التوقف كثيرا عندها.
أكتب عن ندوة " الفقهاء والصوفية في الغرب الإسلامي ودلالات التقريب" التي نظمتها منظمة آل البيت بالتعاون مع المركز الأفريقي للدراسات والأبحاث الصوفية والتي استغرقت أعمالها يومين كاملين من المناقشات.
دعيت للمشاركة في أعمال الندوة بمحاضرة عن الصوفية والحركات الإسلامية المعاصرة، وكنت المشرقي الوحيد في الندوة التي ضمت باحثين ومفكرين وعلماء وفقهاء وشيوخ طرق صوفية ومريدين من كل بلاد الغرب الأفريقي تقريبا: المغرب والسنغال والنيجر ومالي وموريتانيا التي تقع فيها القرية النائية والفريدة التي استضافت الندوة: تيكماطين.
***
لا يمكن التطرق إلي فكرة الندوة ولا أعمالها دون التوقف والتأمل في طبيعة المكان الذي عقدت فيه والناس الذين قاموا على هذا العمل الإسلامي الفريد من نوعه.
على العكس من أي فاعلية يمكن أن يحضرها الباحث كانت هذه الندوة؛ فاللقاء ليس- كما جرت العادة- في صالات الفنادق التي تتنافس في عدد نجماتها ولا في مدرجات الجامعات أو قاعات مراكز الأبحاث، بل في قرية صغيرة في قلب الصحراء المترامية على الحدود الموريتانية السنغالية، وفي مشارف القرية وعلى الرمال قريبا من بيوتها المتواضعة عقدت فاعليات الندوة وكان مشهدا نادرا.
الوجوه السمراء التي يعلوها البشر ويختلط فيها اللباس الأبيض والعمامات الخضراء التي يعرف بها الصوفية مع الألوان الأفريقية الزاهية اصطفت بالمئات وربما الآلاف في جلسة أبعد ما تكون عن التكلف والتصنع. لم يكن هناك من مظاهر الحداثة إلا السيارات التي جاءت بالضيوف من كل دول الجوار الأفريقي تقريبا، والمولّد الذي يمد الندوة والقرية بالكهرباء والميكروفونات التي تنقل وقائع النقاش لأهل القرية من حضر منهم النقاش أو من فضل الاستماع لها من البيت حيث لم يكن بإمكان أحد من أهل القرية رجالا ونساء إلا المشاركة ولو بالترحيب بالضيوف والقيام على خدمتهم..
افترش الجميع الرمال ما عدانا نحن الضيوف الذين لم نغادر مقاعدنا التي بدت غريبة فوق تلال الرمال إلا إلى بيوت أهالي القرية وقلوبهم التي كانت أكثر رحابة من صحراء لا تبلغ العين مداها.
***
الندوة هي السابعة في سلسلة الندوات التي تنظمها منظمة آل البيت التي تأسست حديثا، وقد أطلق عليها اسم المرحوم الشريف محمد الأمين الشيخ، وكانت هناك رعاية ومباركة لها من الشيخ صالح امباكي ابن شيخ السنغال الأشهر أحمدو بمبا ساكن مدينة طوبا ذات الأهمية الدينية بالسنغال وحضور مشايخ الطرق والزوايا الصوفية.