كتاب " الأوركيديا " ، تأليف علياء بيضون ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الأوركيديا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
عندما نجح نادر في مجال الأزياء وغدا اسمه لامعاً، لم يختلف شعوره بالنقص نحو عائلته. كان يتعسه جداً ذلك، على الرغم من تشجيع والديه له على إكمال حياته في مجال الأزياء، إذ لم ير فيه سوى الجانب السلبي، فلم يكن يهمه شيء في العالم سوى احترام والديه له. هذا الشعور بالإخفاق ظل يلازمه، مما جعله لعدة مرات يحاول الانتحار، ولكن الشجاعة خانته ، فزاده ذلك احتقاراً أكثر لنفسه.
كما أن احترامه، خصوصاً لوالده، كان يدفع به إلى التراجع، فهو الوحيد الذي يفهمه، وإن لم يصرّح علناً بذلك، كما أنه (أبو نادر) كان يشعر بأن ثمة تشابهاً بينهما، ولطالما كان الأب يكنّ له عاطفة صادقة، ولا ينفك موجّهاً له على تحقيق ذاته في الاتجاه الصحيح، وتشجيعه على الانخراط في الأسرة وبناء علاقة طبيعية معها.
ولكن نادراً لم يستجب لذلك بسبب شخصيته الانطوائية المائلة إلى الاكتئاب والغموض والحساسية المفرطة. خلافاً لذلك، اختار السير في الاتجاه الموائم لمزاجه والانغماس في حياته الخاصة، جاهداً في اخفاء أسراره عن الآخرين.
أما والدته فلم تبخل في إظهار حبها له، وعنايتها به ولطالما حاولت أن تساعده في دروسه، ولكنها في المقابل أساءت له دون أن تدري، واستفزته بأسلوبها حين كانت تقارنه بأشقائه المتفوقين في الدراسة. فقد كان هدفها تشجيعه، ولكنها لم تدرك أنها بأسلوبها هذا كانت تبعده عنها وتزيد في إحباطه، كما تزيد فيه الشعور بالنقص أمام أشقائه.
نادر في داخله كان مرهف الاحساس، صافياً، غير حقود. ولكن عقدة النقص ظلت تلازمه، فتدفع به إلى الهروب، وإلى المزيد من الانطواء والعزلة.