كتاب " الأوركيديا " ، تأليف علياء بيضون ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الأوركيديا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
هذا العالم المليء بالأضواء كان جديداً بالنسبة إلى آدم، فهو لم يكن اجتماعياً أبداً أو من رواد الملاهي الليلية ولم يتصفح مجلة اجتماعية في حياته، حتى أنه لم يكن يشاهد التلفاز كثيراً أو يتابع أخبار المشاهير، فكان عليه الغوص في هذا العالم الجديد.
عند حلول الساعة الثانية والنصف، قاد آدم سيارته باتجاه منطقة عين المريسة، حيث كان منزل حسام مقابل الشاطىء في مبنى فخم جداً. قاده عامل الاستقبال إلى الشقة وانتظر معه حتى فتحت الخادمة الباب، والتي بدورها شكرت العامل وأدخلت آدم إلى الصالون. كان الصالون كبيراً جداً وفرشه رائعاً وأجمل ما فيه أنه يطل على منظر البحر الخلّاب، إذ يشعر المرء وكأنه في سفينة تبحر وسط أمواجه.
بعد حوالى دقيقتين دخل حسام إلى الصالون، وكما وصفته ريما هو شاب جذّاب جداً، وعيناه خضراوان، بدأ آدم بسؤال حسام عن مدى علاقته بنادر وكيف التقى به. أجاب، وقد ظهر عليه الارتباك، بأنه كان صديقه المقرب، تعرف إليه في حفلة خيرية كانت مملة، وكانا يجلسان إلى نفس الطاولة، وبدءا يتبادلان أطراف الحديث، ثم غادرا المكان واتجها نحو ملهى ليلي ليصبحا صديقين بعد ذلك.
آدم: لِمَ لم يعرّفك نادر على عائلته، ولماذا لا يحبه أحد، من نادلي الملهى أو من زملائه في الوكالة؟
حسام: أنا فعلاً لم أكن أعلم أن نادراً مازال يسكن في منزل والديه، فقد كنا دائماً نلتقي في الخارج. لم يكن أحد يحبه، وأظن أنه كان يتجنب الاحتكاك بالناس، فالجميع يريدون استغلال اسمه وشهرته وينشرون عنه الأقاويل والشائعات المغلوطة، وفي المقابل لم يكن يهمه أمر أحد.
آدم: ولِمَ اختارك أنت صديقاً من بين الجميع ؟
حسام: أولاً ، أنا لست أعمل عارضاً أو ممثل إعلانات، فليست هناك منافسة بيننا، وثانياً، كنت أعامل نادر على أنه إنسان عادي وكان يقدّر ذلك كثيراً، فقط كانت المجاملات تتعبه.
وجد آدم كلام حسام منطقياً، وأدرك أن الشهرة كانت تزعج نادر وكانت عبئاً كبيراً عليه. فقد كان شخصاً حساساً جداً، ومنطوياً على نفسه، وعليه طوال الوقت أن يمثل شخصية مختلفة عنه، وذلك مذكور في قصائده. وهذا أيضاً يفسر عدم وجود مجلات أو صور له في غرفته. ثم عاد وسأله عن علاقة نادر بدارين ربة عمله. تغيرت تعابير وجه حسام عندما سمع باسم دارين، وبدأ بالكلام عنها وهو في حالة اشمئزاز، فمن الواضح أنه لا يستلطفها.
حسام: للأسف كان لدارين سحر خاص على نادر، لقد كان مأخوذاً بها، على الرغم من أنها كانت تقوم دائماً باستغلاله.
آدم: وكيف كانت تستغله؟
حسام: لقد كانت دائماً تجبره على الذهاب إلى الحفلات معها، وهناك إعلانات لم يكن يحبّ أن يمثلها، خصوصاً غير اللائقة. كانت تعامله كمشروع أو شيء هي ابتكرته وتعشق التحكم به. للأسف عندما قرر نادر أن يترك وكالتها لينضم إلى وكالة شهيرة وبشروطه الخاصة توفي بعد فترة قصيرة.
تعجب آدم من كلام حسام، هذه المرة الثانية التي يَظهر فيها كَذِب دارين في استجوابها. ولكي يثبت ذلك طلب من حسام إعطاءه اسم الوكالة التي كان سينضم إليها نادر. طبعاً تجاوب معه حسام الذي راح يدخن سيجاراً.
ثم سأله آدم إذا كان نادر أيضاً يدخن السيجار، فضحك حسام وقال له: إن جلَّ ماكان يكره هو التدخين، وقد حاول لمرات عدة أن يقنعه بتدخين السيجار ولكن دون جدوى.
نادر كان يعشق التدخين (فكر آدم) وتوفي بسبب سيجارة مسمومة. ولكنه ربما كانت لنادر حالات خاصة به، والتدخين هو جزءٌ منها. لم يكن يريد أن يفصح عنها أمام الناس حتى المقربين من عائلته أو صديقه الوحيد.
غادر آدم منزل حسام وهو لايزال يتساءل عن مصدر ثرائه الفاحش وكيف لشاب حساس وعميق كنادر أن يكون له صديق مقرّب كحسام؟ وصل إلى مكتبه وطلب من مساعده إجراء بحث كامل عن حياة حسام.