كتاب " الأوركيديا " ، تأليف علياء بيضون ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الأوركيديا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
دارين: في أول مرة التقيت بنادر كان في سن التاسعة عشرة. كان يحتسي القهوة ويدخن في المقهى، وبالرغم من صغر سنه كانت عيناه حزينتين وذاهبتين إلى البعيد.
كل الفتيات كن يرمقنه بنظراتهن طوال الوقت، فهو شاب جذاب ولكنه لم يكن مكترثاً بأي منهن، ثم ذهبت إليه وعرّفت عن نفسي وكان مهذباً جداً، وأخيراً عرضت عليه العمل في وكالتي وأعطيته بطاقتي الشخصية ليتصل بي إذا كان يهمه الأمر. وبعد أسبوع اتصل بي وبدأنا العمل معاً.
آدم: حسب البحث الـذي أجـريته عـن وكالتـك التـي لا يتجاوز عمرها الخمس سنوات، كان نادر السبب الأساسي في شهرتها.
دارين: نعم، ولكن لا أحد ينكر أنني من صنعه، فأنا غيّرت طريقة لبسه وكلامه، وعرّفته إلى الشخصيات الراقية وجعلته يمثل في أهم الإعلانات.
تعجّب آدم من رد دارين، حتى أن طريقتها في الكلام بدأت تختلف. اعتذر آدم منها فهو لم يكن يقصد أن يقلل من تقدير عملها مع نادر، ثم طلب منها أن تصف شخصيته بدقة أكثر.
دارين: كان نادر شخصية غامضة جداً، فلم يتمكن أحد من معرفة مابداخله، وطبعاً فإن ذلك جعله مرغوباً أكثر لدى الفتيات. كانت تغطّي عينيه دائماً مسحة من الحزن، حتى عندما يبتسم، كانت ابتسامته تذكرني بلوحة الموناليزا. لقد واعد نادر معظم فتيات الوكالة، وتستطيع أن تجد صوره معهن في المجلات. لم يكن لديه أصدقاء في الوكالة، فالجميع هنا يحسدونه. ولكن كانت تجمعني به صداقة جميلة، وكان يرافقني إلى معظم الحفلات.
كانت عينا دارين تلمعان وهي تتحدث عن نادر، وآدم يراقبها عن كثب، محاولاً تحليل شخصيتها. هل كانت تعتبر نادر فعلاً صديقاً، أو مشروعاً ناجحاً تتباهى به أمام الناس؟ شكر آدم دارين وخرج من مكتبها.
لم يكن آدم خبيراً بعالم الأزياء وأجوائها، ولكن دارين بالنسبة إليه كانت شخصية مميزة. فقد شعر من طريقة كلامها بأنها تكنّ مشاعر خاصة لنادر، بالرغم من فارق السن بينهما، ولكنها أيضاً، لم تبد أي مشاعر حزن أو حداد عليه. كما لاحظ أن تلك المرأة فخورة جداً بنفسها، ما يبدو في العديد من صورها التي تملأ جدران مكتبها.
عندما كان آدم في طريق الخروج من الوكالة، إذ بعارضة فاتنة يعلو صراخها في وجه مايا (مساعدة دارين)، حتى إنها دفعتها نحو الأرض فسقطت على وجهها أمام الجميع وقد انكسرت نظارتاها. أعلنت العارضة استقالتها، ثم غادرت المكان بسرعة.
لم يتردد آدم في اللحاق بها، فعليه استغلال حالة الغضب التى تتملكها، للحصول على معلومات عن نادر ودارين. في الخارج وعلى الطريق، استوقف آدم العارضة معلناً عن هويته كمحقق في الشرطة، طالباً إذا كان بالإمكان أن يجلس معها في مقهى قريب، لطرح بعض الأسئلة عليها. في البدء التفتت إليه العارضة بارتياب، معتقدة أنه يحاول مغازلتها، ولكن عندما شهر هويته وجدتها فرصة لا تعوض للانتقام من دارين.
بعد جلوسهما في المقهى، عرّفت العارضة عن اسمها وهو ريما، وبأنها تعمل في وكالة دارين منذ سنتين. ودار بينها وبين المحقق هذا الحوار:
آدم: أريدك أن تخبريني بكل ما تعرفينه عن نادر سعيد.
ريما: لقد كان نادر مدلّل دارين الأول، وبالطبع لا عجب في ذلك، فإنه كان صنبورة النقود ومصدر الشهرة للوكالة.
ثم أكملت متحدثة عن مزاجية نادر وغروره، إذ لم يكن يحب أن يبني صداقات أو علاقات خاصة. ثم سألها آدم عن الفتيات اللواتي واعدهن نادر وعن أسمائهن؟ ضحكت وأكملت كلامها قائلة: إن نادراً لم يواعد أيّ عارضة من الوكالة، فجميع العارضات ومن ضمنهن هي كن فقط يرافقنه إلى أهم الملاهي الليلية ويأخذن صوراً معه طوال الليل أمام عدسات المجلات، ثم كان يوصلهن إلى بيوتهن دون أن يستجيب لإغرائهن. تعجب آدم من كلام ريما، فهو يناقض تماماً ما قالته دارين. عاد وسألها عن سبب خروجهن مع نادر تحت ضغط تلك الظروف وما الذي كان يجبرهن على ذلك، فقالت إنها أوامر دارين، ولم تكن أي من العارضات تمانع، بل العكس كان يزيد ذلك من شهرتهن ويظهرهن أكثر في الإعلام.
شكرها آدم، وعندما كان يهم بالرحيل، قالت له ريما إنها كانت دائماً ترى نادراً برفقة شاب جذاب جداً في الملهى الليلى، وهي تعتقد أنه صديقه من خارج وسط الأزياء. فطلب منها وصفه، فقالت له: إن عينيه كبيرتان خضراوان، وكان يصطحب نساء أكبر منه سناً، وتابعت قائلة: إن جميع نادلي الملهى يعرفونه تمام المعرفة، فقد كان يترك لهم «بخشيشاً وفيراً»، ويطلب أغلى الكحول، وكان يتباهى بذلك أمام جميع رواد الملهى.
لم يكن يعلم آدم ما إذا كانت ريما تقول الحقيقة، فهي في حالة غضب من دارين الآن، وهل فعلاً دارين كاذبة، أو أن نادراً كسر قلب ريما وهي حاقدة عليه؟؟