قراءة كتاب حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي

حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي

كتاب " حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي " ، تأليف الاب يواكيم مبارك ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

1 . العودة إلى الكنيسة الإنطاكية

ماذا تعني العودة إلى الكنيسة الإنطاكية؟

1 . 1 هي أولا ً المطالبة ضمن الكنيسة العالمية برسالتنا كمسيحيين أرومة أقوام مختلفة تحررت من اليهودية وشريعتها . وهي أيضا ً، في نطاق نبذ الختان وحرفية الكتاب المقدس ، المطالبة بالمعنى الروحي لهذه الرسالة وبكلمة الحرية التي نفختها الروح القدس ، من خلال يسوع المسيح ، في كل شعب بلسانه الخاص به ، وعبرت عنه حسب ثقافته الخاصة . مما يعني أن نجعل ما أسماه آباؤنا التنظيم الخاص بالأسرار المقدسة بديلا ً عن اللاهوت المعروف باسم «تاريخ الخلاص» والمنغلق على «التقاليد اليهودية المسيحية» كضحية على سرير بروكست (7) . أي أن ننطلق من كلمة الله ، من «النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيا ً إلى العالم» (8) ، والذي أمر الر ُ سل بعدم رصف الشعوب بجموعها على وتيرة شعب واحد ، حتى وإن تحقق ذلك في نطاق إجماع عالمي ، وإنما أن تؤلف سيمفونية ت ُ ؤجج فيها الروح القدس إيقاع كل صوت بشري وت ُ ناغم صوت البشرية ابتهاجا ً وغبطة .

1 . 2 إن العودة إلى الكنيسة الإنطاكية تتطلب استعادة وضعنا المشترك الذي شهدناه في الألفية الأولى حيث كنا نشكل في الصلاة كنيسة واحدة على الرغم من نزاعاتنا . بمعنى آخر أن نرفض ، دون خشونة أو عنف لكن ببصيرة نافذة ، الاحتلال الذي خضعنا له في الألفية الثانية من قبل كنائس الإمبراطوريات الكبرى إثر الحروب الصليبية البيزنطية ثم اللاتينية . لكن دون أن ننكر الص ِ لات الروحية التي أثرت فينا والتي يتوجب تفريقها عن ولاءات غير طبيعية ، ن ُ علن عدم مشاركتنا في الصراعات القروسطية التي أثارت المسيحيين بعضهم ضد بعض لغاية الفترة المعاصرة . أي أن ننادي َ بمسكونية إنطاكية ترفض أن تضل ّ الطريق في متاهات الكنائس اللاتينية والبيزنطية والبروتستانتية ، بل تقوم ، انطلاقا ً من وضعها المهين ، لتتحدى بقوة كبريات المساومات الكنسية المسكونية عبر وحدة إنطاكية فعلية .

1 . 3 لكن هذا التحدي بوحدة إنطاكية فعلية لا يجد صدقيته إلا في العودة إلى رسالتنا الأولى القائمة على الانزواء الن ُ سكي والطقسي من خلال حركة التخلي عن الذات التي نهجها يسوع المتألم . أو كما يقول البعض: في اصطفاف جماعي خلف قديس ناسك ي ُ قتدى به، أو في الانضمام إلى جماعة مقوماتها الزهد والمقاومة والتأمل . وهذا هو حقيقة ً الأهم في عودتنا إلى الكنيسة الإنطاكية ، أي على غرار الإحياء الذي حصل في الإسكندرية بين الأنبا شنودة ومتى المسكين (9) . وخير مثال يؤتى به للموارنة هو مثال القديس شربل والقديسة رفقا .

1 . 4 لكن التحدي الإنطاكي بوحدة فعلية ، الذي نواجهه لا يمكن له أن يتم دون الاستجابة ، في الحياة الزمنية ، لما حبلت به، لمدة طويلة جدا ً ، حركة انزوائنا التنس ّ كي الناتجة من إخلاء الذات ، وأنجبته في مخاض عسير . ففي الوقت الذي كانت فيه كنيستنا على طول امتداد الألف الثاني مشتتة بين كنيسة روما وكنيسة القسطنطينية ، بانتظار مجيء البروتستانتية بمللها ونحلها ، وجدنا أنفسنا ، مع هذا ، في وئام تام مع مصيرنا المشترك من خلال تعريبنا التدريجي الذي حصل بين مرحلة عصره الذهبي ونهضته . إن التحدي الإنطاكي بوحدة فعلية لن ينضم إلى حركة الكنيسة العالمية طالما أنها لم تتأثر كليا ً بعشقنا للشرق ، وتناصر ولاءنا الأصيل لقيمها الإنسانية التي تتوق إلى التحرر .

1 . 5 هكذا تتجلى رسالتنا الإنطاكية شبيهة كل الشبه برسالة مسيحيي أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وإفريقيا السوداء وآسيا . فبالتعاضد مع جميع إخواننا الذين يكابدون الاضطهاد من أجل إرساء العدالة ، اضطهاد يعزز في قلوبهم حب تحرير شعوبهم ، فإنَّ العودة إلى الكنيسة الإنطاكية تعني أن نتيح للكنيسة العالمية الظروف لكي تشاركنا في شغفنا بحرية الإنسان العربي .

الصفحات