كتاب " حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي " ، تأليف الاب يواكيم مبارك ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قراءة كتاب حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي
خاتمة
لقد سمع الأصدقاء الفرنسيون الحاضرون في هذه الندوة ندائي الذي وجهته لهم سواء بخصوص إحياء النهضة العربية أو إعادة بناء لبنان ، حيث إني أجعل من باريس محور هذين المشروعين . هل من داع أن أضيف أنه ، عندما أقيم الصلة بين مشروع العودة إلى الكنيسة الإنطاكية وازدهار المسيحية الفرنسية ، حسبي أن أستعيد في ذاكرتي هذين الإنطاكيي ْ ن المختاري ْ ن اللذين أسسا جمعية الأدباء المؤمنين والناطقين بالفرنسية ، وهما أوليفيه كليمان ورينيه حبشي؟ هل من داع أيضا ً أن أذك ّ ر أن العروبة هي دون شك مصير الكنيسة الإنطاكية ، وعلى رأسها الكنيستان المارونية والأرثوذكسية ، وذلك سواء في المهجر أو في قواعدها البطريركية ، وأن كنيستنا ، بفضل وجود الشهود على النزيل الإلهي والكلمة والروح القدس ، لها طابع فرانكوفوني في مسكونيته؟
لأجل كل هذه الاعتبارات ، أعتقد أن اقتراحاتي هذه وغيرها من الاقتراحات ، إن ْ كان لا بد لها أن تنشأ في الشرق وتتحقق ، فإنها في فرنسا قد تجلب المساعدات الحاسمة .
ولكن اسمحوا لي أن أقوم بربط أنواع تعاضدنا انطلاقاً من مقاربة أخيرة بين الرهانات التي تستجدي انتباهنا أو تهددننا أحيانا ً.
لويس ماسينيون الذي كان يعتبر كغيره أن فرنسا هي «بنت الكنيسة البكر» لم يتوان عن الحديث عن «رسالة فرنسا الإسلامية» . أرى أن هذه الرسالة تخضع اليوم لاختبار عسير، وأنها تتعرض لعواقب قد تكون وخيمة كما قد تكون مدعاة إلى التفاؤل . لقد استقرت روح العداء العميقة بين السكان المسلمين واليهود في فرنسا ، المنتمين جميعهم إلى أصل واحد ، الأصل المغربي بشكل رئيسي . هذا العداء هو في الحقيقة صراع إسرائيلي عربي يكمن في ما وراء البحر الأبيض المتوسط وفي قلب الأمة الفرنسية ، صراع يعجز كليا ً عن تفكيك نسيج هذه الأمة ، لكن في مقدوره أن يشوهها ويعوق ، بالنسبة إلى الجيل الحالي ، أن تكون ، في وسط العالم المعاصر ، الملتقى والينبوع لمجتمع جديد منبثق عن حركات الهجرة واختلاط الأعراق .
فبين مشروع العودة إلى الكنيسة الإنطاكية وإحياء النهضة العربية ، دافعت أمامكم عن سلام إسرائيلي عربي قائم على النموذج اللبناني للعيش المشترك الأنيس . إن هذا السلام يعنيكم بشكل خاص ، لأنه إن لم يتحقق في لبنان وإن لم ت ُ نصف فلسطين ، لن يتأذى سلامكم الوطني بالرغم من الأعمال الإرهابية ، إلا أن رسالتكم العالمية ستصبح عاجزة عن بلوغ غايتها .
لقد دافعت عن كنيستي وبلدي وثقافة مسقط رأسي . ثقوا بأني قمت بهذا لأني أعلق أيضا ً الأمل على هذه القيم الإنسانية الجديدة التي جاءت بها الأمة الفرنسية بعد قرنين من الثورة وألف سنة من الامتحان والاختبار ، والتي أتاحت الفرصة لشعب أن يزرعها في جنان فرنسا لتتفتح بزهو ، فتتهلل نفس كل من يتعرف إلى هويته الخاصة من خلال الصورة التي كو ّ نها في مخيلته عن هذه القيم الإنسانية الجديدة .
إني أناضل من أجل أن يصبح الوجه الإنسانوي اللبناني ، في إطار طوباوي للعروبة ، مقترنا ً به كوجه طليعي . وها هو النضال عينه الذي يصبو ، في إطار مثالي لقيم إنسانوية جامعة ، إلى رؤية وجه فرنسا يبرز في الضباب الشمالي، ويتخلى عن خضوعه الأطلسي، وتعترف به شعوب البلاد المشمسة على أنه صورة حريتها وكفيل نجاحها .
باريس ، عشية عيد الصليب ، 13 ، 9 ، 1987