أنت هنا

قراءة كتاب شعر الرثاء في عصر ملوك الطوائف في الأندلس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شعر الرثاء في عصر ملوك الطوائف في الأندلس

شعر الرثاء في عصر ملوك الطوائف في الأندلس

كتاب " شعر الرثاء في عصر ملوك الطوائف في الأندلس " ، تأليف عبد اللطيف عيسى ، والذي صدر عن

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 7
الكلمات المرادفة للرثـــاء
 
([11])
 
قصائد الرثاء في هذا العصر لم تخرج عن التأبين ([12]) والندب ([13]) والتعزية([14]) وربما النعي ([15]) لأنها تعني الإخبار على الميت.
 
فالتأبين هو مدح الميت والثناء عليه وذكر الفضائل). لقية: كالكرم والشجاعة والعفة.... الخ وقد يستعمل للأحيــــــــاء أيضــــــا ً ([16]). ويكثرالتأبين في رثاء رجال الدولة – أي الرثاء غير الجاد – حين يندفع الشاعر إلى ذرف دموعه الحارة لقاء الجوائز السخية ؛ وأرى أن العواطف الحارة لا تباع بأبخس الأثمان.
 
ويبدو لي أن قدامه بن جعفر (ت سنة337ھ) – ومن وافقه- قد خلط بين معنى الرثاء والتأبين، حين عدَّ الرثاء مدحا الدموع؛ لا بذكر ((ما يدل على أنه هــالك مثل كان وقضى نحبه وما أشبه ذلك))([17]) وهذا قد يصدق في مراثي الأمراء والوزراء حين تتحول المرثية إلى مدح لخصاله وآثاره فكأنه ميت وحي في آن واحد، أما إذا تعرض الشاعر لمآثر الميت في المراثي الجادة فأنه ينبغي إثارة البكاء وإضفاء الحزن على الراحل.
 
أما الندب فهو البكاء على الميت وتعداد محاسنه بالدموع الحارة والألفاظ المحزنة فيسرف الشاعر في النحيب وذرف الدموع ؛ ليثير عبرات النفوس فنحس بالنواح والبكاء.ويشغل الندب مساحة واسعة في مراثي الأندلسيين؛ لأن مصائبهم وما نزلت بهم من فواجع كانت كافيه لجعل مراثيهم تقطر بالأسى وتستدر الدموع.
 
أما العزاء فهو التصبر عن كل فقد ومصيبة ؛ لأن كأس الردى دائر على الجميع و لا مرد منه فيحاول الشاعر ضرب الأمثال بمن أبادهم الزمان للإيحاء بمن بقي أن الموت أباد من هم أفضل من فقيدهم.ولما كان الرثاء تعبيرا لاستجابات عاطفية عمن غاب بأسلوب مؤثر حزين حين تسيل عبرات النفوس وجدا ً عمن لا يترجى إيابهم، فلا بد أن يقوم بعدة وظائف منها:-
 
1- وظيفة نفسية حين يكون متنفسا لكل مشاعر الحزن واللوعة، لأنه يمثل صدق التعبير الشعوري النابع من نفس فقدت، وهذا الفقد يؤدي إلى فيض من المشاعر والأحاسيس والآلام مثله بالحزن والبكاء([18]) كقول أبن خفاجة: -
 
فقلت لها إن َّ البكاء لــــــــراحـَة ٌ
 
به يشتفى من ظــــن ًّ ألا تلاقيـــــــــــــا([19])
 
2- ويجسد الرثاء الوفاء الذي لا ينتظر أجرا ً كقول الأعمى التطيلى في رثاء زوجته: -
 
ذكرتــُك َ ذِكـَر المرء ِحاجة نفسـه ِ
 
وقد قيل إن الميت َ مُـنقـَطـِـع ُ الذِكـــــــر ِ
 
ووالله ما وفيت ُ رزءك ِ حقــّــــــه ُ
 
ولكنـــــــــه شِـــــئ أقمت به عذري([20])
 
وأرى أن هناك وظيفة أخرى للرثاء، فكثيرا ما يكون سجلا لفضائل الأعمال الخالدة كقول أبن زيدون في رثاء القاضي أبي بكر بن ذكوان([21]) إذ يقول:-
 
أعجـَـبْ لحـال ِ السًّــــر كيف تـُحالُ
 
وَلدولــــــــةِ العليـــــاء كيفَ تـُـــدَالُ
 
ونجد في قصائد الرثاء في هذا العصر كثيراً من الأمثلة وستأتي في الفصول القادمة إن شاء الله.

الصفحات