كتاب " مقالات في النقد المعاصر الأدبية والاجتماعية والفكرية والثقافية " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب مقالات في النقد المعاصر الأدبية والاجتماعية والفكرية والثقافية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مقالات في النقد المعاصر الأدبية والاجتماعية والفكرية والثقافية
وجاء غزل الثعالبي بين أحضان الطبيعة، وهذا أمر مستحسن في مثل هذا الغرض الشعري. إذ غالباً ما تأتي مقطَّعات الغزل – وهي كثيرة في شعر شاعرنا الثعالبي – في مظاهر الطبيعة وبين مباهجها وأشجارها وأنهارها وأزهارها. .. وما إلى ذلك. يقول الثعالبي من مقطَّعاته الغزلية:
فديتُك يا أتمَّ الناس حُسْنَاً
وأصلحهم لمتخذٍ حبيبا
فوجهك نزهةُ الأبصار حسناً
وصوتك متعة الأسماع طيبا
وسائلةٍ تسائلُ عنك قُلنا
لها في وصفك العجبَ العجيبا
رنا ظبياً وغنى عندليباً
ولاحَ شقائقاً ومشى قضيبا
(ق11)، ويقول أيضاً:
ريقُ الحبيبِ كريقِ المُزنِ والعنبِ
أذاقني ثمراتِ اللهو والطربِ
وقد سبت مني الأيام صفوتها
فكيف أهربُ منها وهي في طلبي
(ق 13وللمزيد من هذا الغرض ينظر: ق15، ق16، ق25، ق38، 90،...)
وأظنُّ أني لست بحاجة إلى تكرار مسوغات الوصف ومبررات قول الشعر فيه، بعدما عرفنا ما للبيئة والطبيعة من أثر مهم وكبير في حياة أديبنا الثعالبي وفي شعره. وهذا ما جعل هذا الغرض ينثال بين أغراضه الشعرية المختلفة انثيالاً هادئاً ومتوقعاً. كما انه جاء في مقطعات خاصة، فمنها ما جاء في وصف بركة كما رأها، هاك قوله فيها:
أيا طيبَ عيشي أرى بركةً
تسوقُ إلى روضها ماءَها
إذا أنت واجهتها في الدجى
حسبتَ الكواكب حصباءَها
(ق1)، وقوله في الربيعيات:
طلعَ الربيعُ بطلعةِ السراءِ
إذا جاءَنا بالنعمةِ البيضاءِ
فابرزْ إلى الصحراءِ في أيامهِ
حتى ترى الغبراءَ كالخضراءِ
واشربْ على الحمراءِ والصفراءِ من
صهباءَ تذهبُ غُمَّة السوداءِ
(ق4)، وقوله في غلام مليح:
قالوا تشوَّكَ خدَّاه وشاربُه
فقلتُ لا تنكروا ما ليسَ بالعجبِ
الشوكُ في شجراتِ الوردِ محتمل
والشوكُ لا عجبٌ في مجتنى الرطبِ
(ق12)، وله مقطعات في وصف غلامين على هذه الشاكلة (ينظر: ق66، ق75، ق77، ق80، ق95، ق127، ق129). وكل هذه المقطعات برزت جمال وجه هذا الغلام، أو قصَّتْ مغامرة معه، أو وصف لونه وشكله ومنطقه أي أن بعض من هؤلاء الغلمان كان شاعراً، وهذا ما أدعى أوصافاً أُخرى للثعالبي فضلاً عن حسن اللون والمنظر والهيئة والشكل.