كتاب " التعلم التعاوني " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب التعلم التعاوني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
آراء المنظرين في مجال دعم التعلم التعاوني للطلاب
ركز العديد من المختصين على مسالة التعلم التعاوني وضرورة تعليم الطلاب وإكسابهم مختلف الخبرات ضمن بيئاتهم الصفية.
ونظراً لما توصلت إليه نظريات علم النفس الحديث من نتائج عن أهمية استخدام إستراتيجية التعلم التعاوني، وفائدته في تحقيق الأهداف التربوية المنشودة، وبدأت المدارس الأمريكية في العودة إلى استخدام طرق التعلم التعاوني، فقد أكد كوفكا (Koffika) وهو أحد زملاء ليفين في بداية القرن العشرين على أن المجموعات هي كليات ديناميكية متفاعلة متقابلة فيما بينها ويتناوب فيها الاعتماد الايجابي بين الأعضاء.
وذكر ليفين (Kurt Lewin,1928)إن المشاركة في المجموعة هي التي تجعل المجموعة ذات تكامل ديناميكي وهذه النظرية تفترض أن مشاركة الفرد تعتمد على الطريقة التي تمت بها المشاركة، فالمشاركة الايجابية القائمة على التعاون تعزز التفاعل الفردي ضمن المجموعة والذي يشجع على السعي والمشاركة، أما المشاركة السلبية القائمة على المنافسة تسبب الخلافات عند تفاعل الأفراد ويحاول كل فرد تثبيط همة ومحاولات الآخرين للنجاح وإعاقتها وبلوغ الهدف، وقد طور ليفين أفكاره وأكد على أن أساس الجماعة هو :
الاعتماد المتبادل الذي يتم تكوينه لتحقيق الأهداف المشتركة.
حالة التوتر الداخلي لدى الأعضاء يدفعهم إلى العمل على تحقيق الأهداف
المشتركة المرغوبة.
وأوصى جون دوي John Dewey)) بتعليم الطلبة في مجموعات صغيرة لاعتقاده بأن الذكاء يتطور اجتماعياً وإن الطلبة بحاجة إلى مهارات العمل مع بعضهم البعض وقد انعكست توصيات ديوي على العديد من أهداف التعلم التعاوني بالجوانب المعرفية والاجتماعية والأخلاقية، وهكذا انتشرت إستراتيجية التعلم التعاوني في الخمسينيات.
أما محاولة مورتن دويتش (Morton Deutsch,1949) وهو أحد تلاميذ كيرت ليفين من المحاولات المهمة التي وجهت نظر التربويين والنفسيين إلى أهمية التعاون والتنافس بين التلاميذ، حيث طور مورتن دويتش فكرة أستاذه "ليفين" واعد نظرية التعاون والتنافس والتي على الرغم من وضوحها إلا أنها طبقت ببطء، وتوصل إلى ثلاثة تنظيمات تؤدي إلى تحقيق أهداف الجماعة هي التنظيم التعاوني والتنظيم التنافسي والتنظيم الفردي، كما وضع الأساس النظري للتعلم التعاوني.
وقام ديفيد جونسون (David Johnson,1970-1974) بتطوير أفكار مورتن دويتش لتصبح نظرية الاعتماد الاجتماعي المتبادل.
وتعاون كل من ديفيد جونسون (David Johnson) وروجرجونسون
(Roger Johnson) في إنشاء مركز للتعلم التعاوني بكلية التربية بجامعة منيسوتا بأمريكا وكذلك قيامهما بنشر أكثر من (80) دراسة حول الموضوع نفسه، وكان أساس عملهما انه إذا تم تحديد وصياغة أهداف تعاونية للتعلم فان المتعلمين سيتساعدون ويتعاونون ويشجعون ويدعمون جهود بعضهم البعض لتحقيق هذه الأهداف.
ويرى جان بياجيه (Jan Piaget) صاحب النظرية المعرفية، إن اكتساب القيم واللغة والقوانين والنظم والأخلاق يتم من خلال التفاعل مع الآخرين، وإن التعلم والتطور عند الفرد ينتجان عن التعاون الجماعي مع الأقران، وإن العمل التعاوني له أثر مهم في تكوين استراتيجيات العمل الذهني التي تساعد المتعلمين في حياتهم العملية أكثر من استيعاب المعلومات نفسها.
وأما برونر (Bruner) فيرى إن المشاركة تلعب دوراً كبيراً في التعلم الصفي متأثراً بفكر فيجوتسكي الذي أشار إلى دور التفاعل الاجتماعي في تيسير وتسهيل التعلم والذي بدوره يوقظ وينبه وينشط عمليات داخلية منوعة للقيام بعملها عندما يتفاعل الطفل مع الآخرين في البيئة، وهكذا فان أسس التعلم والنمو هو النجاح الذي يتحقق تعاونياً.
وأما النظرية البنائية الاجتماعية (Social Constructivist Theory) فتعد من نظريات التعلم الحديثة التي أكدت على أن عملية التعلم تحدث في ضوء سياق اجتماعي، وان محور اهتمام هذه النظرية هو لغة التواصل بعدها أداة تنقل الخبرة الاجتماعية إلى الأفراد، وتشكل المناخ العام للبيئة الصفية وبذلك فان بناء المعرفة وفقاً لهذه النظرية يتم بالتعاون الجماعي بين المعلم وطلبته وبين الطلبة مع بعضهم البعض كعملية اجتماعية ثقافية توجه تفكيرهم وتكون معنى للمفاهيم التي يتعلمونها.
وأما بيلز (Belles)فدرس في نظريته للتفاعل الاجتماعي وحدد مراحل وأنماط عامة في مواقف اجتماعية تجريبية، ويرى إن التفاعل وتبادل الأفكار بين فريق البحث يؤثر ايجابياً في الإنتاج. وتعد فرق العمل وأعماله التشاركية تقليداً مناسباً لتطوير الأفكار والإنتاجات الإبداعية، ويستند نظام بيلز لتحليل التفاعل الاجتماعي إلى قائمة من الأنماط السلوكية اللفظية وغير اللفظية التي تستخدم في أثناء عمليات التفاعل الاجتماعي التي تحدث
بين الجماعات عند المناقشة أو في أثناء البحث عن حل معين. وبذلك يتفق التعلم
التعاوني بإستراتيجية فرق التعلم مع هذه النظرية من ناحية تقسيم الصف على مجموعات وتعاون الأفراد داخل هذه المجموعات وتفاعلهم من اجل التوصل إلى الأهداف التي وضعها المدرس، وحدوث التفاعل شرط أساس من شروط حدوث التعلم لما يمتلكه التفاعل من ايجابيات وميزات تساعد في كسب العديد من الأمور التي تؤدي إلى زيادة تحصيل المتعلم وتحسين اتجاهاته.
وتعد نظرية فيجوتسكي (Vygotsky) إحدى النظريات الهامة في مجال التعليم والتعلم حيث تولي الاهتمام لدور الثقافة والمجتمع في النمو المعرفي للطالب وتؤكد على أن المحرك الأول للنمو المعرفي هو الثقافة التي تشكل التفاعلات الاجتماعية كما إنها تعتبر أن العامل اللغوي الاجتماعي أهم عامل للنمو المعرفي وان المعرفة بناء تعاوني يناسب كل الأفراد وينسجم مع البنية الداخلية لهم فمن خلال التفاعلات الاجتماعية يبني المتعلم المعرفة بالتواصل اللغوي واستخدام الكتابة، كما تعطي هذه النظرية أهمية كبرى لدور كل من المعلم والوالدين والأقران مؤكدة أن دور المعلم كفرد اجتماعي مرشد لطلابه ويشارك تقدمهم وينظم العمل داخل غرفة الصف ويعطي الفرصة لهم للعمل مع بعضهم بعضاً من خلال مجموعات عمل صغيرة مشجعاً للأنشطة باعتباره مساعداً على الانجاز أو الأداء.
واعتقد فيجوتسكي أن التعلم من الشخص الأكثر خبرة ينتج عنه اكتساب الطالب لمعلومات أكثر ومعالجة المشاكل بصورة أكثر تركيزاً مما يساعد على النمو والتطور وهذا عكس الطلبة الذين يعملون بانفراد ويتلقون التعلم التقليدي.
أما النظرية السلوكية والتي من ابرز روادها "سكنر" (Skinner) الذي ركز على أهمية المكافأة الجماعية لتشجيع الطلبة على العمل في مجموعات لكونها تخلق تعزيز داخلي لكل فرد من أفراد المجموعة.
كما ينطلق التعلم التعاوني من نظرية الذكاءات المتعددة التي وضعها جاردنر (Gardner,1983) والتي من مبادئها أن تفاوت مستوى الذكاءات وتعددها في مجموعات يساعد على تحقيق تعلم أفضل.
كما تندرج فلسفة التعلم التعاوني من ثمة ثلاث تكنيكات تعليمية ترتبط بنظرية التعلم المستند إلى الدماغ لكل من كين وكين (Caine & Caine) وجنسن(Jensen) وسيلوستر (Sylwester) وسوسا (Sousa) وبات ولف (Pat Wolfe)، هي:
الانغماس المنظم- أن التعلم في بيئات غنية يخلق تلاميذ منغمسين في تجربة تعليمية، وأحد الأمثلة هو انغماس المتعلمين في ثقافة أجنبية من أجل تعليمهم لغة ثانية.
اليقظة الهادئة (الاسترخاء)- تتمثل في القضاء على الخوف لدى المتعلمين في الوقت ذاته يبقى فيه التحدي للحفاظ على البيئة.
المعالجة الفعالة- يتم توطيد واستيعاب المعلومات عن طريق التجهيز الفعلي للتجربة من قبل المعلم مما يؤدي إلى استيعاب المعلومات الجديدة التي تتواصل مع التعلم السابق.
وأما تولمان Tolman)) فيرى أن التعلم عبارة عن تكوين مدركات، وليس اكتساب عادات أو تكوين ارتباطات بين مثيرات واستجابات ويتم أداء الفرد في أي عملية من العمليات نتيجة للتفاعل الذي يتم بين دوافع الفرد ومحتويات تكوين مدركاته..
أما عملية التعلم حسب نظرية جثري (Guthrie) في تقديم منبهات (مهمات تعلم) ذات استجابات محددة متلازمة بوجه عام، فيعمد المتعلم بنفسه أو بمساعدة وتوجيه المعلم إلى تعلمها وتحصيلها على شكل مجموعات متجانسة من المنبهات والاستجابات المتلازمة بحيث يحدث التعلم المطلوب كما يشير جثري من الموقف أو التجربة التعليمية الأولى، بإثارة المنبه المطلوب ليقوم المتعلم بإبداء الاستجابة المرافقة له.
وأما فرويد (Freud) صاحب نظرية التحليل النفسي فيرى أن ديناميكيات سلوك المجموعة التعاونية هو نوع من الامتداد الجماعي الذي يقبله الأفراد.
استناداً إلى ما تقدم فان طريقة التدريس بالتعلم التعاوني تتفق مع النظرة الحديثة في التربية والتي تهدف إلى نقل محور العملية التعليمية من المعلم إلى التلميذ، وجعله مشاركاً في الموقف التعليمي فهو الذي يبحث ويستكشف ويجري التجارب، بالإضافة إلى خلق روح التعاون وتعلم السلوك الاجتماعي المرغوب داخل الصف وخارجه.