كتاب " التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI) " ، تأليف عادل عبد
أنت هنا
قراءة كتاب التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI)
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI)
التخطيط قبل العلاج: الحصول على "رأي خارجي":
ربما يبدو واضحاً أن الأفراد، الذين يدخلون العلاج النفسي، بحاجة ماسة إلى معلومات وثيقة الصلة، وموضوعية عن أنفسهم إذا ما أرادوا أن يعرفوا ما هي السلوكيات التي تحتاج إلى تغيير؟ وهكذا، فأن تزويد المرضى بمعلومات موضوعية عن أنفسهم ومشكلاتهم قد أصبح واحداً من أهم المهام التي يضطلع بها المعالج (Butcher & Perry, 2008). إذ أن نتائج الاختبارات النفسية توفّر لنا إطارا قيّماً يمكن للمفحوصين الحصول عن طريقه على معلومات عن أنفسهم. فعلى سبيل المثال، إن الأعراض والمشكلات التي يذكرها الشخص عن نفسه يمكن أن ينظر إليها في إطار موضوعي، بالموازنة مع الآلاف من الأفراد المضطربين الآخرين؛ كما يمكن الحصول أيضاً على أدلة تشير إلى استراتيجيات الشخص للتحمّل ضمن قائمة BTPI؛ وتتجلّى حاجة المريض إلى العلاج في الصفحات النفسية (اللمحة النفسية Profile). ويمكن للاختبار النفسي المعياري أن يوفّر منظوراً قيّماً يسمح للشخص بأن يظهر مشكلاته الشخصية من وجهات نظر مختلفة، فضلاً عن الحصول على قياس موضوعي عن مدى وحجم هذه المشكلات.
علاوة على ذلك، فأن الأشخاص الذين يسعون للحصول على مساعدة مهنية من المختصين لمعالجة مشكلاتهم النفسية أو الشخصية، عادة ما يكونون مندفعين لتعلّم كل ما في وسعهم عن أنفسهم. إذ إن جلسات التغذية الراجعة للاختبار يمكن أن تتضمن المرضى الداخلين في العملية السريرية. ولحد الآن فأنه يمكن للعلاج النفسي أن يكون مهمة صعبة بالنسبة لطالب العلاج، فهو طريق قد يكون مملوءاً بعقبات قد لا تحصى، وقد يؤدي إلى ثلمات عاطفية عميقة أيضاً؛ وعلى الرغم من كل ذلك، فأنه يمكن للعلاج النفسي أن يمدّ المفحوص بالمساعدة التي يحتاجها أثناء الأوقات الصعبة التي يمرّ فيها بالمتاعب. كما تتمّ مواجهة المفحوص بمهمة الكشف عن قدر كبير من معلوماته الشخصية إلى شخص غريب، والتي قد يكون من المؤلم جداً تذكّرها. وقد يشعر المفحوص في بعض الأحيان بأنه يمرّ في فوضى كبيرة ميئوس منها – ومن الصعب جداً الخوض فيها، وحتى أنها قد تكون أكثر صعوبة من أن يتمّ صياغتها والتعبير عنها بمجرد كلمات أو جمل قد يمكن نقلها إلى شخص آخر، والمقصود به هنا المعالج.
إن المشكلات التي يعاني منها المفحوص أو معتقداته، قد تكون مخزّنة بعيداً في ذاكرته لمدّة طويلة، وربما لا يمكن تذكّرها إلا بشكل انتقائي. وكثيراً ما يتمّ تشويش عملية التعبير عن الذات بالنسبة للأفراد المضطربين، بأجزاء ومقاطع من الذكريات التي تدخل الوعي بطريقة عشوائية. ومن الصعب على المعالج معرفة ما الذي يجب التركيز عليه؟ وما الذي يجب تجاهله؟. وبالتأكيد، قد يعتقد المفحوص أن البعض من تلك المقاطع من المعلومات، من الخطورة البالغة بمحل، بحيث لا يمكن إخبار أي شخص عنها – حتى لو كان ذلك الشخص أحد المختصين الذين يقوم بتقديم المساعدة له مثل المعالج. ولذلك، فأن جلسات العلاج المبكّرة في كثير من الأحيان تكون مليئة بثغرات و"بأسرار هائلة"، إما لأنه لا يمكن للمفحوص أن يتذكّرها بدقة، أو لأنه لا يمكنه أن يعبّر عنها بطريقة جيدة، أو أنه يختار متعمداً عدم تذكرها!!
وعلاوة على سبق، فأن الكثير من الأشخاص الذين يدخلون العلاج النفسي لأول مرّة، تكون لديهم صورة غير واضحة أو مشوّشة عن مشكلاتهم، وقد يجهلون في الواقع وجود أو حجم ما لديهم من معاناة نفسية. وهكذا، فأنه من المهم عادة إعطاء التغذية الراجعة إلى المرضى مبكراً في العلاج لتحديد ما إذا كانت هناك أي مشكلة معترف بها أو غير معلن عنها تتطلّب انتباهاً. ويمكن لعملية مواجهة المشكلات أن تكون عنصراً تحفيزياً هاماً في المراحل المبكرة من العلاج النفسي.
إن الفائدة المهمة الأخرى من استعمال الاختبارات النفسية في التقييم قبل العلاج هو أنها تقوم بتحديد مشكلات المفحوص التي قد لا تظهر بصورة جلية عن طريق المقابلات السريرية. وفي الحقيقة، فأن نتائج الاختبارات النفسية قد تكشف عن قضايا أو مشاكل لم يناقشها المعالج والمريض في المقابلات الأولية. فعلى سبيل المثال، فقد ذكر كل من بُتشر Butcher وبيري Perry عام (2008) عن إحدى الحالات لمريض فشل في الكشف عن مدى سوء استعماله للمواد المخدرة Substance abuse، وتأثير تلك المواد في حياته. إذ كانت درجته على مقياس ماك أندريو للإدمان MacAndrew Addiction (MAC-R) على اختبار مينيسوتا المتعدّد الأوجه للشخصية الثاني MMPI-2 (وهو مقياس التعرّض للإدمان) ضمن مدى (28 درجة خام) التي تقترح درجة عالية من سوء استعمال الكحول. وعندما قام المعالج بمناقشة مشكلات هذا المريض، اعترف، بعد إنكار أولي، أن الإدمان على الكحول كان العامل المرجّح لفشله في الكشف عن مشكلاته (Butcher & Perry, 2008).