كتاب " التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI) " ، تأليف عادل عبد
أنت هنا
قراءة كتاب التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI)
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI)
دور المعالج في تقييم العلاج:
إن الأطروحة الأساسية لهذا الكتاب هو أن ثمة قاعدة متراكمة من المعرفة عن الشخصية وعن عدم توافقها، وهي وثيقة الصلة باتخاذ القرارات العلاجية بشأن الأفراد الداخلين في العلاج. إذ يوفّر لنا ميدان تقييم الشخصية كلاً من الأساليب والمعلومات الجوهرية لدعم التقييم النفسي ذي المنحى العلاجي (ينظر الفصل التاسع من هذا الكتاب، لمناقشة استعمال وتوفير التغذية الراجعة للاختبار في التخطيط للعلاج النفسي). وهدفنا هو استكشاف قاعدة واسعة من المعلومات، لاسيما عن طريق قائمة BTPI، التي يمكن تطبيقها في التقييمات النفسعلاجية لتسهيل فهم المريض ولتقدير فاعلية المداخلة العلاجية. ونظراً إلى أن توفير التغذية الراجعة لاختبارات الشخصية يعدّ جانباً مهماً من العلاج النفسي، فمن المثير للاهتمام أن نأخذ بنظر الحسبان لماذا يختار بعض المعالجون عدم إجراء تقييم رسمي لشخصية مرضاهم قبل بدء العلاج؟. إذ يخضع علماء النفس والأطباء النفسانيين لتدريب أكاديمي وعملي واسع النطاق لاكتساب المعرفة والخبرات اللازمة لمساعدة الذين يعانون من مشاكل نفسية. وعلى الرغم من اختلاف الخلفيات التدريبية للمحترفين في مجال الصحة النفسية وأدوار العلاج، إلا أن كل محترف يقوم بتوظيف المهارات والإجراءات اللازمة للمساعدة في تقييم المشكلة.
ويبدو أن تقييم الشخصية قبل العلاج يكون مرغوباً فيه بشكل حدسي إن لم يكن مهمة ضرورية؛ بيد أن الكثير من المعالجين المحترفين يستعملون فقط ما لا يزيد عن قبولهم لإجراء المقابلة قبل بدأ العلاج. ولكي نتعرّف أكثر، لماذا يختار بعض المعالجين عدم القيام بالتقييم النفسي لمرضاهم قبل بداية العلاج؟ يمكن تحديد عوامل محتملة عدّة، منها:
1. إن بعض المعالجين، وخاصة أولئك الذين لديهم توجهات ديناميكية طويلة الأمد، قد ينتهجون العلاج النفسي مع الرأي القائل أن العلاج هو في حدّ ذاته عملية تقييم، ومن ثمَّ فأنهم قد لا يشغلون أنفسهم نموذجياً في إجراء تقييم خارجي أو موضوعي لمشكلة المفحوص أو لشخصيته. وفي المقابل، فأن المعالجين مع المداخل العلاجية الأكثر توجّهاً أو الأكثر تركيزاً فأنهم يميلون إلى توظيف إجراءات تقييم خارجية بسهولة. وإن أحد أسباب التقييم قبل العلاج هو ضرورة التحرّك بسرعة في العملية العلاجية. وينطبق ذلك بصفة خاصة على المعالجين الذين يوظفون المداخل التوجيهية المختصرة.
2. من العوامل الأخرى التي تؤثر في التقييم قبل العلاج هو اعتقاد بعض المعالجين أن الاختبارات سوف تحيّزهم في نهجهم نحو المفحوص. وبالتالي، فأنهم يشرعون في العلاج مع قليل أو بدون أي فكرة عن طبيعة وحجم مشكلات المريض. إن المأزق المحتمل لهذا النهج هو أنه لا يمكن للمعالج تحديد ما إذا كانت العوائق الرئيسة المؤدية إلى العلاج من المحتمل أن تظهر، أو إذا كان النهج العلاجي الذي يقوم بتخطيطه هو الأنسب.
ولأن الكثير من تأثيرات العلاج محدّدة لعلاج معيّن بدلاً من أن تكون عامة لجميع أنواع العلاجات، يمكن أن تكون هناك بعض المزايا عندما يكون المعالج مدركاً للفوائد التي من المرجح أن تتحقّق من جهود العلاج مع نوع معيّن من المشكلات. فعلى سبيل المثال، عن طريق استعمال إجراءات موضوعية، يمكن للمعالجين تحديد ما إذا كانت (العلاقات الجدّية أو العيوب الشخصية التي من شأنها تخريب العلاج) موجودة من عدمها. فإذا كان الأمر كذلك، فقد يكون المعالج قادراً على أن يحدّد طرائق أكثر فاعلية منذ بدء العلاج. فعلى سبيل المثال، طلبت أمرأة تبلغ من العمر (37) عاماً علاجاً نفسياً بعد طلاقها الثاني([2]). وقالت أنها تريد أن تدخل في علاج دينامي طويل الأمد، لأنها نظرت إلى مشكلتها على أنها "فريدة من نوعها ومن الصعب فهمها" وقالت أنها "تتسوّق" معالجاً (بدون الكشف عن هذه الرغبة) وذلك عن طريق إبقاء المواعيد الأولية مع المعالجين قليلة، أخضعت أثناءها كل معالج قامت بزيارته لاختبار معيّن (والذي كان يفشل دائماً معها). ثمَّ تركت العلاج، فقط للبحث عن معالج آخر، وهكذا. وقد كشف بروفيلها النفسي على اختبار مينيسوتا المتعدّد الأوجه للشخصية (الغني عن التعريف) MMPI-2 (الفئة 46؛ الموضّح في الشكل 3) الخصائص الآتية:
متصلّبة، وأخلاقية، وحقودة، وعدوانية، وكتومة؛ تعطي تعميمات متسرعة؛ تظهر سلوكاً مريباً مفعماً بالشك؛ غير قابلة للتغيير في مواجهة الإدخال؛ مندفعة؛ معرضة لتبرير نشاطاتها الخاصة؛ ولديها صعوبات في تشكيل العلاقات.
ويبدو أن معالجيها السابقين اللذين شاهداها في العلاج، واللذين على ما يبدو كانا من دون أي معلومات تقييم، كانا منبهرين في المقابلة الأولى بها "مع ميلها لكسب بصيرة مفاجئة" ودافعها "الرغبة في فهم نفسها"، وعلى أية حال، فهم ربما كانوا غافلين عن أن سلوكها المعارض المتأصّل بشكل جيد قادها إلى الاستباق والقفز إلى الاستنتاجات عن نوايا المعالجين وكفاءتهم في فهمها، وبالتالي قادتاها إلى رفضهم.
وفي هذه الحال فأن استعمال اختبار مثل اختبار MMPI-2 قد زوّد معالجها الثالث بمعلومات عن اتجاهاتها السلبية نحو كل شكل من أشكال السلطة (بما فيها المعالجين)، وعن ميلها إلى اتخاذ وإجراء استنتاجات قاطعة على أساس معلومات قليلة، وميلها للتصرّف بشكل مندفع. هذه المعلومات قد قامت بتحذير المعالج، الذي هيأ نفسه ومريضته لجلسات علاج منفتحة عاصفة. وأصبحت المريضة نفسها غير مسلحة بصعوباتها عند المواجهة الودّية الأولى، وبخاصة في تشكيل العلاقات، لدرجة أنها تحدّت نفسها للبقاء والالتصاق بالعلاج أطول مما كانت عليه في الماضي.
3. إن بعض المعالجين لا يقومون بتوظيف استراتيجيات تقييم خارجية لوضع الخطة العلاجية، أو لمراقبة التقدّم المحرز في العلاج. إذ أن تدريباتهم في أساليب التقييم قد تكون ناقصة، أو أن تدريبهم المهني قد قادهم إلى الرأي القائل بأن التقييم النفسي ليس مهماً لفهم المفحوصين. إن المحترفين المدربين في أو الذين تعرضوا لنموذج علاجي واحد أو جلسة تدريبية واحدة سيتقولبون للقيام بعمل سريري بطريقة معيّنة. وبالنسبة لمعظم المعالجين، سوف يصبح المألوف "صحيحاً"، وغيرها من التقنيات الأخرى مستثناة من أن تؤخذ بنظر الحسبان.