أنت هنا

قراءة كتاب التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI)

التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI)

كتاب " التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI) " ، تأليف عادل عبد

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 4

أهمية التقييم النفسي في التخطيط للعلاج:

إن العلاج النفسي، مهما كان نوعه - سواء أكان سايكوداينامياً، أو سلوكياً، أو مستنداً على بعض التوجّهات النظرية الأخرى - سوف يسير بشكل أفضل عندما يقوم كل من المعالج والمفحوص بفهم مشكلات الأخير ونقاط ومكامن ضعفهِ وقوتهِ. إذ أن مهمة التقييم النفسي قد تسبق بدء العلاج، أو قد تكون مستمرة معه طوال مدّته. كما ينتهج المعالجون – من مختلف التوجّهات النظرية – مهمة تقييم Assessment وتقويم Evaluation المفحوصين بمختلف الوسائل المتاحة لديهم. فالتقييم النفسي يمكن أن يتضمن تزويد المعالج بـ "إطار معياري" يستطيع عن طريقه أن يوازن مشاكل المريض مع مشاكل الآخرين، أو قد يكون ذلك التقييم النفسي أكثر "تخصّصاً بدراسة الأفراد" عن طريق المعالج الذي يسعى إلى فهم المريض بالاستناد على شروطه هو وذلك عن طريق المقابلات، والملاحظات والمعلومات الأخرى المستقاة من الآخرين كالزوج أو الزوجة مثلاً.

لقد كرّس هذا الكتاب، عزيزي القارئ، لتقدير وفهم مشاكل التقرير-الذاتي والعوامل ذات الصلة بشخصية المفحوصين عن طريق تقديم منظور موضوعي إليهم باستعمال واحدة من أدوات التقرير–الذاتي الموضوعية والمهمة ألا وهي قائمة بُتشر للتخطيط للعلاج Butcher Treatment Planning Inventory التي يرمز إليها اختصاراً باختبار أو قائمة (BTPI)، وذلك للتصدّي لمشاكل المفحوصين واتجاهاتهم، والعمليات العلاجية التي تجرى عليهم، فضلاً عن تقدّمهم Progress في العلاج. إذ أن التقييم النفسي باستعمال هذه القائمة، سوف يساعد المعالجين على الحصول على فهم واضح لشخصيات مرضاهم ومناطق صراعهم الشخصي. ويمكن أن تستعمل هذه القائمة في بداية العلاج لتقييم مناطق الحاجة، ومن ثمَّ التطبيق ثانية لتقييم تقدّم العلاج، وإعطاء التغذية الراجعة ما بعد العلاج، أو تقيّيم تأثير البرنامج العلاجي على طالبي العلاج. ولقد تمَّ التحقّق من صدق وثبات هذه الأداة مع مجتمعات سوية، وسريرية، ومجتمع لطلبة الكليّات، وهنالك معايير محدّدة لكلّ من هذه المجموعات، كما سيتّضح لنا ذلك ضمن طيات هذا الكتاب.

ومن الجدير بالذكر أن هنالك شكلان لهذا الاختبار يساعدان المعالجين على تتبع تقدّم المفحوص في أثناء المراحل المختلفة من العلاج، هما: الشكل الكامل Full Form ذي الـ(210) فقرة، وشكل لمراقبة الأعراض Symptoms Monitoring Form ذي الـ(80) فقرة. اللذين سيرد ذكرهما بالتفصيل أيضاً ضمن طيات هذا الكتاب. وتقسّم المقاييس الـ(14) للشكل الكامل لهذا الاختبار إلى ثلاث مجموعات للمقاييس، وبدرجتين مركّبتين اثنتين. إذ تقوم مجموعة المسائل العلاجية بتقييم المشكلات في تكوين وتشكيل العلاقات المختلفة، وعوامل أخرى قد تعيق العلاج. وتحيط مجموعة الأعراض الحالية بالأسباب الشائعة لطلب العلاج (مثل الكآبة، والقلق، والغضب نحو الخارج، والغضب نحو الذات، والتفكير غير العادي). وتساعد مجموعة الصدق على اكتشاف الأمانة والانفتاح في الاستجابة إلى الفقرات والدخول في العلاج. وهنالك مركّبان، هما المركّب المرضي العام General Pathology Composite ومركّب صعوبة العلاج Treatment Difficulty Composite، وهما مفيدان لتتبع تقدّم الحالة عبر الزمن. ويعدّ شكل مراقبة الأعراض المختصر مثالياً لتقييم التقدّم المحرز في العلاج، لأنه يتضمّن مقاييس الأعراض الحالية الخمسة فقط والمركّب المرضي العام.

لقد أعطى الدّكتور (جيمس نيل بُتشر James Neal Butcher) ثروة خبرته إلى هذا التقييم. وهو المؤلف الرئيس لاختبار مينيسوتا المتعدّد الأوجه للشخصية – الثاني (MMPI-2)، أحد أكثر اختبارات ومقاييس الشخصية شيوعاً والمستعملة عبر العالم بنحو واسع. وقد تضمنت خبرته الكبيرة في الاستشارة عن طريق مشاركته في تأسيس المركز الاستشاري المجاني في مينيسوتا وتنظيمه لبرامج إغاثة عدّة لكوارث شركات الطيران. فضلاً عن أن الدّكتور (بُتشر) قد شارك في النشر النفسي على نطاق واسع، وهو محرّراً سابقاً للتقييم النفسي ومؤلفاً لأكثر من (50) كتاب و (175) مقالة بضمن مجالات مختلفة من علم النفس.

وقبل الخوض في تفاصيل وتطبيقات هذه الأداة المهمة في التخطيط للعلاج النفسي، دعونا الآن نستكشف بعض القضايا العامة المتعلّقة باستعمال الاختبارات النفسية في التقييم والتقويم النفسي، على حد سواء، ضمن مجال الصحة النفسية.

لماذا نستعمل الاختبارات النفسية؟

قد يتبادر إلى أذهاننا سؤال مفاده؛ ما هي المنفعة أو الفائدة التي يمكن أن يستمدّها طالب العلاج من المعالج الذي يقوم باستعمال الاختبارات النفسية Psychological Tests في التقييم قبل العلاج؟. إذ أن الشخص الذي يواجه المهمة الصعبة المتمثلّة في اكتسابه للمعرفة الذاتية عن طريق العلاج، مع نظرة نحو وضع أو دعم التغييرات المهمة التي سوف تجرى في حياته، فهو يتعهد بمهمة التمحيص أو التفحّص الذاتي. كما أن الإعداد للعلاج النفسي بحد ذاته، لاسيما في العلاج الموجّه نحو العلاقات، يوفّر ساحة من الاستكشافات الشخصية للسلوكيات، والاتجاهات، والدوافع التي قد تستثير أو تستدعي عواطف مؤلمة. ففي أثناء العلاج، يستطيع كل من المعالج الماهر وطالب العلاج ذي الاستعداد والدافعية الجيدة، الكشف عن العديد من مصادر الصعوبات التي يعاني منها المريض، وقد تكون لهما فرصة كبيرة لاستكشافها بعمق. وعلى أية حال، فليست أنواع العلاجات كلها، تمتلك ترف الوقت، أو أنها سوف تضطلع بمرضى يمتلكون بصيرة ثاقبة، أو ممن لديهم طلاقة لفظية جيدة للتعبير عن أنفسهم بفصاحة. وهنا، يأتي دور التقييم النفسي، إذ يمكن للتقييم النفسي أن يوفّر لنا طريق مختصر، وأحياناً، مسار واضح المعالم للطريق المؤدي إلى الكشف عن مشكلات طالب العلاج. كما يمكن للتقييم النفسي – عن طريق استعمال الاختبارات النفسية الموضوعية – أن يقدّم لنا رأياً "خارجياً" عن عدم توافق الشخصية، وعن الأعراض السلوكية الأخرى. فعند مشاركة المعلومات المستندة على الشخصية مع طالبي العلاج، حينئذ يبدأ تقدّم ملحوظ ورائع من التغيير في اغلب الأحيان. فالمعلومات الوصفية Descriptive information والتنبؤية Predictive التي يتمّ الحصول عليها عن طريق مقياس نفسي موضوعي مثل قائمة BTPI مثلاً، يمكن أن تزوّد كلاً من المعالج والمريض بأفكار قد لا تقدّر بثمن(Butcher & Perry, 2008)، وذلك عن طبيعة ومصادر المشكلات التي يعاني منها المفحوص. وفضلاً عن ذلك، فأن مثل هذه المعلومات قد تقوم بتحذيرنا من بعض "حقول الألغام" النفسية الخطرة المحتملة، التي يمكن أن تنفجر في أي وقت، لتعيق وتضعف تقدّم العلاج، وكذلك فهي تكشف لنا عن مناطق النمو المحتملة.

لقد عُدَّ التقييم النفسي – في معظم الحالات – بوصفه وسيلة للحصول على المعلومات التي من شأنها أن تكون مفيدة لطالبي العلاج. ومن أبرز فوائد ومنافع التقييم قبل العلاج، هو أنه يمكن عن طريق الاختبارات النفسية أن توفّر لنا معلومات عن الدافعية، وعن المخاوف، وعن الاتجاهات والمواقف، والأساليب الدفاعية، والأعراض التي قد يكون طالب العلاج غافلاً عنها. وكما سيتضح من هذا الكتاب، فأنه يمكن لنتائج الاختبارات النفسية أن توّفر لكلٍ من المفحوص والمعالج، على حد سواء، إطار معياري يمكن من خلاله النظر إلى هذه المشكلات بموضوعية ودقة. ومن الضروري أن يتمّ تقييم جميع المفحوصين، وفهمهم، وأحياناً مواجهتهم بالمعلومات التي قد تكون خارج وعيهم الشخصي. فهم بحاجة إلى معرفة مقدار شدّة مشكلاتهم موازنة مع الناس الآخرين. فالمرضى يريدون، وهم يستحقون الحصول على تغذية راجعة شخصية من معالجيهم عن طبيعة وحجم مشكلاتهم. كما توفّر لنا الاختبارات النفسية إطاراً ممتازاً يمكن عن طريقه تزويد المفحوص بتغذية راجعة أولية.

وعلى الرغم من أن الأوصاف والتنبؤات (آنفة الذكر) القائمة على الاختبار النفسي الموضوعي، قد تعيد تأكيد توقّعات الشخص أو معتقداته، فهي مع ذلك تخدم وظيفة هامة: فهي تركّز على أمورٍ مهمة لازمة للتبادل العلاجي. فعلاوة على ذلك، وعن طريق الاستفادة من مقاييس اتجاهات المفحوص في اختبار BTPI، يمكن تمييز انفتاح الفرد نحو العلاج من عدمه. ومن المفترض عادة أن المرضى الذين يدخلون في العلاج النفسي يحرصون على التماس وطلب المساعدة، وعادة ما يكونون منفتحين للمشاركة في المهمة المتعلّقة بوصف مشكلاتهم ومشاركتها مع المعالج. ومن المفترض كذلك أن المرضى، ولكونهم يرغبون في أن يتمّ فهمهم بشكل صحيح، فمن السهل الوصول باستفسارات المعالجين إليهم، وسوف يكشفون عن مشكلاتهم بشكل ملائم. ولسوء الحظ، فعندما نفترض أن المرضى مستعدين دائماً للدخول في عملية العلاج، فأن ذلك يعدّ افتراضاً غير صحيح. إذ توفّر لنا مؤشّرات صدق الاختبارات النفسية بشكل عام، واختبار BTPI بشكل خاص، فحصاً مباشراً لاستعداد المريض على تلقي العلاج. وعن طريق التقييم المباشر لاتجاهاته نحو الاستجابة، يمكن للمعالج أن يقيّم مستوى تعاونية المريض، وأن يقوم بتشجيع أو تعزيز استعداده للمشاركة في مهمة الكشف عن ذاته. فعلى سبيل المثال، إن المرضى الذين يظهرون آليات دفاعية كبيرة، وأنماط غير تعاونية مع الاختبار – كما ينعكس ذلك في درجات مقاييس صدق الاختبار – أو أولئك الذين يبدو أن لديهم "عقلاً منغلقاً" نحو تغيير السلوك، قد يكون من الصعب جداً على المعالج الوصول إليهم نسبياً في أثناء الجلسات العلاجية. وعندما يمتلك المعالج هذه المعرفة مبكراً في عملية العلاج، فأنه يمكن مواجهة مشكلات مختلفة مثل انعدام الثقة، أو التردّد في الكشف عن المعلومات الشخصية، وغيرها من المشكلات الأخرى.

إن لأدوات تقييم الشخصية ثلاثة تطبيقات رئيسة في التخطيط للعلاج النفسي: أولها في التخطيط قبل العلاج، وثانيها في تقييم التقدّم المحرز في أثناء العلاج، وثالثها في التقييم بعد العلاج. كما أن وظائف هذه التقييمات تختلف بعض الشيء فيما بينها، لذلك فهي تحتاج إلى أن يتمّ توجهيها ومناقشتها كلٌ على حدة.

الصفحات