كتاب " طريق الجنوب " ، تأليف عثمان أبو غربية ، والذي صدر عن دار الجندي للنشر والتوزيع
أنت هنا
قراءة كتاب طريق الجنوب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أعمدة الرماد
ما أن رست سفينتنا على الرصيف حتى قفز بعض المسلحين إليها يتسابقون في سؤال الركاب:
- من منكم فلسطيني؟
كنت أقف خارج المقصورة على حافة المركب متوارياً أرقب المنظر والرصيف، فاقترب مني أحد الضباط ليسألني:
- هل أنت من الركاب؟
- نعم.
- أدخل مع الآخرين!
دخلت إلى المقصورة، بذل الضابط مجهوداً ومعه بعض الجنود النظاميين في إخراج المسلحين، حاول بعضهم الإفلات للفتك بمن سيجدون أنه فلسطيني، لكن الجنود تمكنوا بصعوبة من إخراجهم، حضر ضباط آخرون، وفي محاولة منهم لإقناع الحشد الهائج بالنزول إلى الميناء قال أحدهم:
- سنسلمكم كل فلسطيني نجده، يجب أولاً أن نفرز الركاب فهناك بعض الأجانب، وهذه السفينة قبرصية!.
وبمحاولات من هذا القبيل تمكن أخيراً ضباط من الجيش اللبناني ومعهم بعض جنودهم من اقناع المسلحين بالتريث.
أبقونا في المقصورة، ووقف عند كل من بابيها جنود حراسة يمنعون غير المرغوب فيهم من الوصول إلينا، أمرونا بالجلوس في إحدى زواياها، وجمعوا جوازات سفرنا.
جلس عدد من مسؤوليهم خلف مقصف السفينة، وبدأوا في استدعائنا بعد أن فرزوا جوازات الركاب عن جوازات البحارة.
في هذه الأثناء عاود بعض المسلحين والجنود التجمع قرب نوافذ المقصورة يتصيدون البحث عن الفلسطينيين دون أن يجيبهم أحد الركاب، أخذ الضباط يستدعوننا واحداً واحداً.. بادئين ببعض اللبنانيين مركزين على سؤالين ما هي جنسيتك؟ ولماذا أتيت قاصداً صيدا، محاولين التأكد لدى كل إجابة بتقليب جوازات السفر التي بين أيديهم.
توقفوا عند اللبناني الأول بعد استجوابه وسؤاله عن تذكرته الشخصية وعندما أبرزها لهم قالوا:
- أنت لبناني، وهذا بلدك، نحن نبحث عن الغرباء!.
صاروا يفرزون اللبنانيين الذين يحملون تذكرة شخصية إلى جانب جواز السفر عن غيرهم، أما الذين يحملون تلك التذكرة وقد صدرت جوازات سفرهم بعد انقلاب الأحدب، فقد أبقوا جوازاتهم عند المحقق بسبب الاشتباه بهذه الجوازات.
نادوا على أحد الشباب من مجموعتنا، وهو علي حسين وراحوا يسألونه:
- اسمك؟
- علي حسين.
- جنسيتك الأصلية؟
- أردني.
- هل أنت من أصل فلسطيني؟
- لا.. أنا من شرق الأردن.
- لماذا كنت قادماً إلى صيداً؟
- لآخذ شقيقتي التي تسكنها.
سألوه عن اسم شقيقته، وزوجها وعمله، وبعض التفاصيل الأخرى، ثم قالوا:
- أنت تكذب، أنت فلسطيني، أخبرنا بالحقيقة؟