أنت هنا

قراءة كتاب الوجيز في القانون الدولي الإنساني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الوجيز في القانون الدولي الإنساني

الوجيز في القانون الدولي الإنساني

كتاب " الوجيز في القانون الدولي الإنساني  " ، تاليف د.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 7

ثالثاً: النظرية الواقعية

تعتبر من أبرز نظريات العلاقات الدولية تفسيراً ووضوحاً في تقديم رؤية واضحة لما يحدث من تغيرات وتطورات في النظام الدولي، تحديداً في علاقة الدول فيما بينها وعلاقة الأفراد والجماعات، والعلاقة بين الدولة والفرد.

وترتكز هذه النظرية على مفهوم القوة في تحديد توجهات وسلوكيات الدول على المستوى الداخلي والدولي، وتفسير تصرفات الدول ودوافع ومؤثرات اتخاذ القرار في سياستها الداخلية والخارجية([14]).

تطورت هذه النظرية بشكل واضح بعد الحرب العالمية الثانية وما تبعها في فترة أدت إلى تحويل التفكير الدولي من المثالية إلى العقلانية، أي في القانون والتنظيم، إلى عنصر القوة في العلاقات الدولية، فركزت على ضرورة الأخذ بالدروس المستفادة في التاريخ لتدعيم وجهة نظرهم، وعدم إعطاء دور بارز للرأي العام لعدم قدرته على تحقيق السلام العالمي، وترى بأن الدولة القومية وحدة التحليل الأساسية.

كما يرفض الواقعيون فكرة وجود تناسق في المصالح بين الدول، بل يرون بتضارب مصالحها لحد الوصول إلى احتمالية حدوث حرب، كما يعطون دوراً كبيراً لإمكانيات الدولة المتفوقة في تحديد نتيجة الصراع الدولي، والتأثير بالدول الأخرى، كما يرى الواقعيون بأن القوة ليست مقتصرة فقط على الجانب العسكري، بل هناك جوانب أخرى كالاقتصادية والديمقراطية والإيديولوجية وغيرها، ومع ذلك فإن الواقعيون لا يغفلون ضرورة تحقيق السلام العالمي ولو باللجوء إلى القوة كأساس لذلك، وإن كنا نرى في هذا الأمر نوع في التناقض كعوامل ثابتة في تشكيل السلوك الدولي.

ويرى الواقعيون بأن الطبيعية الإنسانية تتصف بالجمود ومن الصعب تغييرها وهي تتسم بالشرور والخطيئة، ويرى الواقعيون بضرورة الاهتمام بتوازن القوى كوسيلة أساسية في تحقيق السلام العالمي، وأن المبادئ المعنوية والأخلاقية ليس لها محل في العلاقات الدولية ومن الصعوبة تطبيقها على السلوك الدولي([15]).

ووفق هذه النظرية يمكن تفسير رفض العديد من الدول وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية للتوقيع على عدد من الاتفاقيات الدولية وبشكل خاص المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني فمثلاً: نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية ترفض التوقيع على اتفاقية كيوتو للتغيرات المناخية، ورفضها التوقيع على اتفاقية سولت 2، ورفضها التوقيع على المحكمة الجنائية الدولية، ودفعها مجلس الأمن لإصدار قرار بمنع مثول الرعايا الأمريكيين أمام المحكمة الجنائية الدولية العامة، ورفض التوقيع على اتفاقية حظر ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948([16])، ورفضها للعديد من القرارات التي تجرم إسرائيل لارتكابها انتهاكات مخالفة للقانون الدولي الإنساني، وبشكل خاص موضوع الجرائم الدولية.

وكذلك تقدم هذه النظرية تفسيرات حول غريزة الإنسان ورغبته في السيطرة والقوة والعدوان، ولجوء الدول إلى الحرب والصراع من أجل السلطة والمصلحة، وتفسير انتهاكات الدول المستمرة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وعدم الالتزام بتطبيق قواعده. وفي تفسير حالات التدخل الدولي لعدد من الدول والانتهاكات المستمرة لسيادة الدول الأخرى، وعمليات الاحتلال والآثار المترتبة على كل ذلك، وفي تفسير الاستخدام المفرط للقوة واللجوء لحالة الحرب والتسلح الدولي، وعدم التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، بل يمتد ذلك إلى تفسير ارتكاب الدول والأفراد للجرائم الدولية فترة السلم والحرب.

الصفحات