كتاب " الوجيز في القانون الدولي الإنساني " ، تاليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الوجيز في القانون الدولي الإنساني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الوجيز في القانون الدولي الإنساني
مقدمة
شكل عقد التسعينات وبالذات عامي 1998، 1999 الاحتفال العالمي باليوبيل الذهبي لكل من:
· الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، والذي شكل ركيزة رئيسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
· معاهدة حظر ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية 1948.
· إقرار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في يوليو عام 1998، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2002، والتي يُعقد عليها الآمال الكبيرة لضمان احترام قواعد القانون الدولي الإنساني.
· شكلت اتفاقية لاهاي لعام 1899، والتي مرّ عليها قرن في العام 1999 واتفاقيات جنيف الأربعة في أغسطس عام 1949 الركائز الأساسية للقانون الدولي الإنساني.
· في العام 2004 مرّ اليوبيل الذهبي لاتفاقية لاهاي لعام 1954 الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية في فترات النزعات المسلحة .
ومن هنا يتبادر للذهن السؤال التالي: ما مدى نجاح المجتمع الدولي في كفالة احترام حقوق الإنسان على صعيد المجتمعات الوطنية وضمان آلية فعّالة لتنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني على صعيد العلاقات بين الدول؟
خلال العقود الماضية شكلت مسألة حقوق الإنسان الأساسية أمراً مستعصياً وموضوع الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني أمراً بعيد المنال في ظل وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في جميع المجتمعات البشرية بما فيها المجتمعات المتقدمة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. وذلك ما تشير إليه النشرات الصادرة عن وسائل الإعلام الجماهريه، وتقارير المنظمات الدولية.
وانتشر موضوع انتهاك حقوق الإنسان من خلال عمليات القتل والتنكيل حتى على مستوى المجتمعات الوطنية المرتبطة بالسياسة العامة للدولة في الأنظمة التسلطية. ويعتبر مثال كمبوديا في السبعينات وما تعرضت له من (بوت بوت، والخمير الحمر) دليلاً على هذه الانتهاكات ضمن أنظمة الحكم التسلطية.
ومن أمثلة الدول الآسيوية التسلطية: فيتنام، الصين، كوريا، أفغانستان وإيران. وفي أفريقيا: سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وأحداث سيوتو في بريتوريا عام 1976 التي أدت إلى مقتل المئات من السود على يد البيض، وحكم مسنجو في اثيوبيا، والحكم التسلطي في أفريقيا الوسطى. وفي أمريكيا اللاتينية: حكم بتستا في كوبا وبونشيه في تشيلي. وفي أوروبا: حكم ستالين في الاتحاد السوفيتي، هتلر في ألمانيا، فرانكو في اسبانيا، تشاوشيسكو في رومانيا، وموسيليني في ايطاليا. وأنظمة الحكم التسلطية في معظم الدول العربية مثالاً على انتهاكات حقوق الإنسان فقد انتشرت ظاهرة العنف المسلح بين الدول، وداخل الدولة الواحدة، والتي أكدت على الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الإنساني تجاوزتها إلى جريمة الإبادة الجماعية على أساس مذهبي وعرقي وديني وإيديولوجي كما حدث في رواندا، والبوسنة والهرسك، وكوسوفو، والصومال، والعراق، وإقليم دارفور، وما حدث ويحدث في فلسطين([17]).
أدى انتشار ظاهرة انتهاك حقوق الإنسان وقت السلم والنزاعات المسلحة إلى تحفيز المجتمع الدولي لتطوير قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقواعد القانون الدولي الإنساني على عدة مستويات منها([18]):
1. المستوى التشريعي: وضع قواعد موضوعية على سلوك الدول، تفرض عليها الالتزام بمبادئ القانونين.
2. المستوى الإجرائي المؤسسي: تطبيق آلية الرقابة والمساءلة لدفع الدول للالتزام بهذه القواعد من أجل احترام وحماية حقوق الأفراد وممتلكاتهم.
وهناك مجموعه من الاعتبارات شكلت دافعاً للمجتمع الدولي من أجل وضع قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني حيز التنفيذ وهي على ثلاثة مستويات:
3. المستوى الأخلاقي: لقد شكلت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تحدياً صريحاً للضمير الإنساني الجماعي، والذي تولّد لديه إدراك ومن خلال وسائل الإعلام الفورية بأن هذه الانتهاكات سوف ينتج عنها آثار مدمرة على البشرية مثل :
1- قتل الملايين من الأرواح.
2- إحداث إصابات عديدة وجسيمة ومستدامة.
3- تشريد الملايين من الناس (نازحين ولاجئين).
4- إحداث خسائر مادية كبيرة من خلال إهدار الموارد الاقتصادية والعدوان على البيئة والتراث الحضاري والثقافي والفني للبشر.
4. المستوى القانوني: ويتضح ذلك من خلال أمرين:
1- إن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان شكلت تحدياً صريحاً للشرعية الدولية. ولا سيما أن معظم قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني تشكل:
· قواعد عرفية دولية عامة؛ بحكم تواتر العمل عليها.