أنت هنا

قراءة كتاب نهضات مجهضة جدل الهوية والفاعلية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نهضات مجهضة جدل الهوية والفاعلية

نهضات مجهضة جدل الهوية والفاعلية

كتاب " نهضات مجهضة جدل الهوية والفاعلية " ، تأليف محمد الشاويش ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة وا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

ولعل الدول حتى عهد ابن خلدون، بل حتى بعد عهده وإلى العصر الحديث، كانت تتبع هذا المخطط، فلم تقم دولة وطيدة الأركان في بلادنا بلا عصبية تسندها، وإن ذكرنا مصر بالذات فسنذكر أن الدولة فيها ربما كانت تستند إلى عصبية فريدة من نوعها في التاريخ، وهي عصبية المماليك أي: الأرقاء أصلاً!

كان المماليك في الأصل قوة مؤلفة من أرقاء يجلبون من بلاد القوقاز وآسية الصغرى، وينتظمون في تدريب عسكري منذ طفولتهم، بحيث يكون منهم الجيش والأمراء، ولم يكن حكامهم غالباً من أسر متوارثة؛ بل كان المماليك يجددون صفوفهم دوماً بأجيال جديدة من الأرقاء المجلوبين؛ إذ كانوا من ذوي النسل القليل المنقطع.

كان هؤلاء إذن قوة منفصلة عن المجتمع في كل شيء، ولم يكن للعامة حيالهم من خيار إلا أن يطيعوهم ويقبلوا تسلطهم ضمن حدود عامة.ولكن العامة لم يخلوا من قوى تنظمهم، فقد انتظم الحرفيون والتجار في المدن في طوائف حرفية يقودها شيخ الكار، على أن الزعماء الأهم للعامة كانوا هم العلماء.

وفي الوقائع التي سنراها في هذا المقال تغير حال العامة من كم مهمل متفرق، لا رأي له ولا فعل، إلى كلٍّ فاعل له قيادة مستقلة، استطاعت أن تغير من نظام الحكم في مصر، وتمهد السبيل لنظام جديد هو نظام محمد علي.

ولكننا سنرى أن محمد علي استطاع أن يخترق هذا الإنجاز العظيم - الذي هو فرض مبدأ مشاركة العلماء في القرار والحكم، وهو مبدأ أصيل سار عليه الخلفاء الراشدون الذين قال أولهم: "أطيعوني ما أقمت كتاب الله فيكم، فإن اعوججت فقومومني"! - مستعيناً بالعيوب الشخصية للعلماء، وفقدانهم لخصلة الزهد في الدنيا، وقلة وعيهم بدورهم التاريخي، وانعدام شعورهم بالمسؤولية عن المجتمع، مما جعل عمر مكرم يقف في النهاية وحيداً في مواجهة الطغيان.

ومن الشائق للباحث أن يقارن هذه التجربة مع تجربة جارة، هي تجربة الدعوة التي قادها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وسارت على مبدأ الوحدة اللصيقة بين السلطة السياسية والعلماء، ولم تنفصم هذه الوحدة كما حصل في التجربة المصرية، بل صيغت الدولة السعودية الحديثة وفقاً للاتفاق الأصلي بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود رحمهما الله.

أريد لهذا المقال إذن أن يشير إلى بعض النقاط الجوهرية في هذا المكون من مكونات النهضة؛ وهو نشوء جماعة فاعلة واثقة بنفسها، لها هدف وغاية وقدرة على الفعل وإرادة للفعل، عبر الترجمة لحياة وأعمال هذا الرائد الكبير.

وقد اعتمدت في المعلومات التاريخية على الكتب التالية:

1- عبد الرحمن الرافعي: تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر - الجزء الأول - مكتبة النهضة المصرية - القاهرة - 1374هـ-1955م -الطبعة الرابعة.

2- عبد الرحمن الرافعي: تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر - الجزء االثاني - مكتبة النهضة المصرية - القاهرة - 1378هـ-1958م -الطبعة الثالثة.

3- عبد الرحمن الرافعي: عصر محمد علي- مكتبة النهضة المصرية - القاهرة - 1370هـ-1951م -الطبعة الثالثة.

4- دكتور عبد العزيز محمد الشناوي: عمر مكرم بطل المقاومة الشعبية - دار الكاتب العربي للطباعة والنشر- يوليه 1967-القاهرة.

الصفحات