أنت هنا

قراءة كتاب نهضات مجهضة جدل الهوية والفاعلية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نهضات مجهضة جدل الهوية والفاعلية

نهضات مجهضة جدل الهوية والفاعلية

كتاب " نهضات مجهضة جدل الهوية والفاعلية " ، تأليف محمد الشاويش ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة وا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

عمر مكرم بعد انتهاء الحملة الفرنسية

قتل الجنرال كليبر على يد الشاب السوري سليمان الحلبي، الطالب الأزهري، فاستلم القيادة من بعده الجنرال مينو الذي اضطر أخيراً، بعد أن تابع السياسة المتعسّفة التي اتبعها أسلافه، إلى توقيع اتفاقية جلاء في يونيو 1801م تحت ضغط عسكري مزدوج إنجليزي عثماني.

وعاد عمر مكرم إلى القاهرة مع عودة السلطة العثمانية، وأعاده العثمانيون إلى منصب نقيب الأشراف (واستقر بهذا المنصب بعد أن أحبط المصريون محاولة للاستيلاء عليه من قبل نصَّابٍ تركي الجنسية). وهنا تبدأ في اعتقادي زعامته الشعبية الفذة كما تجلت في تمثيله للشعب في وجه القوة المتسلطة الداخلية وليس الاحتلال الأجنبي.

بعد انسحاب الفرنسيين دخلت مصر من جديد في فوضى، إذ انعدمت السلطة المركزية الحازمة، ووقع الشعب بين نيران الفرق العثمانية المختلفة والمملوكية المتطاحنة، ومن هذه الفرق نذكر الفرقة الألبانية التي كان أحد ضباطها رجلاً أمياً طموحاً داهية واسع المواهب، اسمه محمد علي.

بعد تبديل متكرر للولاة العثمانيين استلم الولاية في شهر مارس 1804م أحمد خورشيد باشا، فجلب إلى مصر جنوداً قساة من الأكراد يسمون الدلاة أو الدالاتية، كانوا يعيثون فساداً في البلد، وقد جلبهم محاولاً الاستعانة بهم على التخلص من محمد علي والألبان.

وقد عجز خورشيد عن دفع رواتب الجنود، فلجأ إلى فرض الضرائب الباهظة على الشعب، وأسرف الدلاتية في جرائمهم وتعدياتهم الوحشية ولاسيما حين تأخرت رواتبهم، حتى طفح الكيل بالناس ووقف المشايخ الوقفة المرتجاة منهم بصفتهم ممثلين لمصالح الشعب وقادة له، فحرضوا الرأي العام على إغلاق الحوانيت والمخازن والأسواق، وتجمهرت الناس في حي الأزهر، وطلبوا من المشايخ أن يعطوهم الأمر بالزحف إلى مصر القديمة حيث مراكز الدلاتية، وحين أرسل خورشيد جماعة من العسكر تتفاوض مع المشايخ، رمتهم الناس بالحجارة من أسطح المنازل ولم يستطيعوا الوصول إلى الأزهر، فرجعوا إلى خورشيد، واستمرت المفاوضات بعد ذلك واستمر التجار في إغلاق الدكاكين محتجين على ما كان يثقل كاهلهم من الضرائب التعسفية، وباختصار اتحدت عامة القاهرة بجميع شرائحها مقررة أن تزيل المظالم بعد أن عجزت عن تحمُّلها، وفي هذه الأزمة تحول عمر مكرم إلى الزعيم الأول للعامة، وصار هو صاحب الكلمة بالتشاور مع المشايخ.

وفي مايو 1805 قدم المشايخ برئاسة مكرم مطالبهم للوالي معتبرين هذه المطالب شروطاً، إن لم يحققها فلن يعترفوا بشرعيته والياً على مصر، ومن هذه المطالب:

1- عدم مرابطة القوات العسكرية في القاهرة ونقلها إلى الجيزة.

2- منع الجنود من الدخول بأسلحتهم إلى القاهرة.

3- عدم فرض أي ضريبة إلا بموافقة المشايخ.

ودبر خورشيد في أثناء ذلك مؤامرة لقتل عمر مكرم، لكنها لم تنجح.

ورأى عمر مكرم أن الأوان قد آن لإزاحة الوالي بالقوة من مركزه، وكان محمد علي يظهر لمكرم والزعماء تعاطفه معهم، وكراهيته لخورشيد ومظالمه، فقرر عمر مكرم والمشايخ أن يولوا محمد علي بدلاً من خورشيد، ويصف الجبرتي هذه الحادثة بقوله: "وركب الجميع وذهبوا إلى محمد علي، وقالوا له: إنا لا نريد هذا الباشا حاكماً علينا ولا بد من عزله من الولاية. فقال: ومن تريدونه يكون والياً؟ قالوا له: لا نرضى إلا بك فتكون والياً علينا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير".

الصفحات