كتاب " بصمة نبي وإعجاز مربِّ " ، تأليف الشيخ عبدالكريم تتَان ، والذي صدر عن
أنت هنا
قراءة كتاب بصمة نبي وإعجاز مربِّ
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أما أمانته في حسن التلقي والفهم والتمثل لما يتلقى، فمما يدل عليه ما قال حذيفة رضي الله عنه فيه لما سأله عبد الرحمن بن يزيد: أخبرنا برجل قريب السمت والهدي والدل من رسول الله حتى نلزمه، فقال: ما أعلم أحداً أقرب سمتاً ولا هدياً ولا دلاً من رسول الله حتى يواريه جدار بيته من ابن أم عبد! وفي رواية: من حين يخرج إلى أن يرجع، لا أدري ما يصنع في بيته، ولقد علم الكثيرون من أصحاب محمد عليه السلام أن عبد الله أقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة[25].
ومما عرف عنه من تعظيم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكره عمرو بن ميمون حيث يقول: اختلفت إلى عبد الله بن مسعود سنة، فما سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة، قال: قال رسول الله، فغشيه كرب حتى جعل العرق يتحدر منه، ثم قال: إن شاء الله، إما فوق ذلك أو دون ذلك أو قريباً من ذلك[26]. أفلا ترى ما نضح به إجلاله لحديث رسول الله من تحدر عرق الجبين، وقد حدّث مسروق، فقال: حدث ابن مسعود يوماً حديثاً، فقال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أرعد، وأرعدت ثيابه، ثم قال: أو نحو ذا أو شبه ذا". إلى هذا المدى بلغ إجلاله لرسول الله، وتوقيره إياه، ولعمر الحق ما هذا إلا شعاع من معرفته بالرسول صلى الله عليه وسلم، ووقوفه على عظمته في أقواله! وما قيد به قوله من تحديدات خشية أن ينسب كلمة ليس على يقين منها إلى رسول الله، فأين من بعض هذا الوضاعون أو المتساهلون في الرواية؟!!
ولا عجب في هذا من حيث البداية التي التقاه بها كما ذكرنا، ومن حيث تقريب الرسول له تقريباً قال فيه أبو موسى: ما كنا نعد عبد الله بن مسعود إلا من أهل بيت رسول الله، من كثرة ما نرى دخوله وخروجه، وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله: "إذنك علي أن ترفع الحجاب، وأن تستمع سوادي حتى أنهاك"[27].
هذا، وقد عب من معين المصطفى ما رقي به إلى منزلة قال فيها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : "لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم" يعني: ابن مسعود، وقد أقبل عبد الله بن مسعود ذات يوم، وعمر جالس، فقال عمر رضي الله عنه : "كنيف ملئ علماً" يريد ابن مسعود.
وعن أبي الأحوص قال: شهدت أبا موسى وأبا مسعود يوم مات ابن مسعود، وأحدهما يقول لصاحبه: أتراك ترك مثله؟! قال: إن قلت ذاك، إن كان ليؤذن له إذا حجبنا، ويشهد إذا غبنا[28].